نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر "الزغاوي" لا يستسلم.. كيف نقل الأدب الأوروبي معاناة قبيلة الزغاوة في السودان؟ في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - «الزغاوي يتعلم أن يواجه، لا أن يستسلم، أبدًا».. بين هذه الكلمات الثمان السابقة ربما مختصر لواحدة من الروايات الفرنسية المميزة رواية «لا تتفتح أزهار الياقوت في الصحراء» للكاتب الفرنسي فرانك جيرار وتركز على واقع ما يعيشه أبناء إقليم دارفور السوداني وفي مقدمة هؤلاء قبيلة الزغاوة.
في عرضها لشخصية بطل الرواية الطفل السوداني أومندا، البالغ من العمر تسع سنوات، تنبه جمعية ماري نستروم الفرنسية على موقعها الإلكتروني، إلى ما تتعرض له قرى شعب الزغاوة منذ تسعينيات القرن الماضي من هجمات عرقية، تتجسد في حرق بيوتهم وذبح للرجال واغتصاب النساء واختطاف الأطفال في عهد النظام الإسلامي الإخواني لعمر البشير.
يتحول بطل الرواية الطفل السوداني الصغير أومندا مضطرًا إلى الفرار من دارفور إلى تشاد حيث مخيم اللاجئين في فرشانة، ثم إلى ليبيا متنقلا بين الكفرة وبنغازي، وصولًا إلى مياه البحر المتوسط السوداء، في رحلة تعبر أنقاض ثلاث حروب: حرب دارفور (2003-2010)، التوترات الحدودية في شرق تشاد، وثورة ليبيا عام 2011.
تقف الرواية كثيرًا أمام مشاهد النزوح القسري لأبناء الزغاوة، مستشهدة بوصم الزغاويين دائمًا بـ«العبيد»، محاولة توثيق كيف يتحول الجسد الأسود إلى سلعة أو هدف أو وسيلة تبادل. أما محاولات الفرار هي فقط للنجاة وليس بسبب أوضاع اقتصادية، حسب العرض المقدم من الجمعية الفرنسية.
إعلام مخادع
ربما تلخص هذه الرؤية الأدبية لكاتب أوروبي غير أفريقي، ما يعانيه شعب الزغاوة من اضطهاد ممنهج واقتتال داخلي، ومن بين الأحداث التي شهدتها كرنوي بولاية شمال دارفور مؤخرًا بين عشيرتين من تلك القبيلة وأودت بحياة 18 شخصًا.
دفعت الأجواء المشتعلة بين العشيرتين الزغاوتين، سودانيين إلى محاولة توضيح ما يدور على أرض الواقع في شمال دارفور، عبر سلسلة منشورات على حساباتهم بمنصة «X»، فكتبت المواطنة السودانية أميرة حسين عن محاولات بث الفتنة والحشد ضد الزغاوة.
تقول أميرة في منشور لها عبر حسابها على إكس: «كم مرة سمعنا أن الزغاوة دايرين يعملوا دولة – أي محاولة الاستقلال بدولة منفصلة؟». قبل أن تجيب بالتأكيد على أن هذه «كذبة سممت المجتمع السوداني، وكانت مدخلًا لضربهم وقصفهم وتشريدهم – أي القبيلة - فالإسلاميون صنعوا الأسطورة هذه وصدروها كحقيقة حتى يبرروا حروبهم القذرة ضد الزغاوة». وختمت منشورها بقولها: «دارفور ضحية إعلام الخداع» في إشارة إلى إعلام جماعة الإخوان المسلمين في السودان.
معاذ محمد، وهو مواطن سوداني أيضًا كتب عبر حسابه على المنصة نفسها قائلا: «الإسلاميين شاطرين في حاجة واحدة: كيف يفرقوا الناس.. كل مرة يدخلوا بين القبائل مرة باسم الدين ومرة باسم العرف والنية واحدة يشعلوا النار حتى يظلوا في السلطة».
واستشهد معاذ بما يحدث داخل قبيلة الزغاوة باعتبارها «اليوم مثال حي استغلوهم في الصراع حتى يغطوا على فشلهم وفسادهم لكن الشعب أصبح واعيًا وعلى علم بهذه اللعبة جيدًا».
أما تسابيح الطيب فأشارت أيضًا عبر حسابها على منصة X إلى أن الإخوان المسلمين في السودان بمجرد أن رأوا نار القبلية مشتعلة في دارفور لم يحاولوا إطفاءها بل استغلوا الخلافات بين القبائل و«جعلوا من الزغاوة هدفًا للكراهية حتى يجمعوا حولهم تعاطفًا كاذبًا».
نزوح متكرر
تتماشى التحذيرات السابقة مع حديث لقيادي عسكري في الجيش السوداني بمدينة الطينة اعترف خلاله لمنصة «دارفور 24» بأن الجيش فشل في الفصل بين طرفي النزاع من أبناء الزغاوة.
وشهدت مدن في ولاية شمال دارفور أوضاعًا إنسانية وأمنية صعبة وخطيرة في ظل الحشود العسكرية من الجانبين، ما أدت إلى موجات متتالية من النزوح رصدتها الفرق الميدانية للمنظمة الدولية للهجرة «دي تي إم»، في بيان لها، وتحديدًا حلال يومي السابع والثامن من أكتوبر الجاري بسبب الصراع القبلي بين رجال قبيلة الزغاوة.
ونقلت صحيفة «الجماهير» السودانية عن قيادات أهلية من قبيلة الزغاوة رفضها وجود «القوة المشتركة» المحسوبة على الجيش السوداني بمنطقة كرنوي للفصل بين اثنين من عشائر قبيلة الزغاوة، بعد تورط عناصر من القوة في القتال، وانحيازهم لأحد الأطراف ضد الآخر.
هذه الأحداث دفعت المحامي الدولي والمسؤول القانوني السابق في الأمم المتحدة، يوهان صوفي، إلى الاستشهاد في منشور على حسابه بمنصة إكس بتقرير نشره موقع «يورو نيوز» عن الحرب الأهلية في دارفور منذ عام 2003 وما تعرضت له قبائل منها بينها الزغاوة لاضطهاد وقتل على يد قوات البشير.
التقرير تحدث عن تقديرات الأمم المتحدة للضحايا بحلول عام 2005 تشير إلى 300 ألف قتيل وأكثر من 2.7 مليون شخص أجبروا على النزوح منذ بداية الصراع، معتبرًا أن الرئيس المخلوع عمر البشير بات في عام 2009، أصبح أول رئيس دولة حينها تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب، بسبب الانتهاكات التي وقعت في تلك الحرب.
