عمرو الليثي: يجب تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى بوضوح وصرامة على جميع أنواع البرامج

القاهرة - محمد ابراهيم - أكد الإعلامي د. عمرو الليثي ان الإعلام يُعدّ ركيزة أساسية فى بناء المجتمعات وتشكيل وعيها، ولا يمكن الحديث عن تقدّم أى دولة دون تطوير منظومتها الإعلامية بشكل شامل ومتوازن. فالإعلام اليوم لم يعد مجرّد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح أداة للتأثير والتنوير والمساءلة، ما يجعل تطويره مرهونًا بمدى تمتّعه بالحرية والمصداقية والمهنية.

 

واضاف الليثي خلال تصريحات صحفية خاصة انّ حرية الإعلام هى الأساس الأول فى عملية التطوير، إذ لا يمكن للإعلام أن يكون مرآة حقيقية للمجتمع إن لم يُتح له هامش كافٍ من الحرية ليعبّر عن الآراء المختلفة ويعرض القضايا بموضوعية. فكلما ارتفع سقف الحرية المسؤولة، زاد مستوى الثقة بين الإعلام والمتلقى، وازدهرت البيئة النقدية البنّاءة التى تسهم فى تصحيح المسار ومساءلة أصحاب القرار. لكنّ هذه الحرية لا تعنى الفوضى أو التجريح، بل تستلزم قدرًا عاليًا من الوعى والالتزام المهنى فى ممارسة النقد، بحيث يكون الهدف هو الإصلاح لا الهدم، والتقويم لا التشهير.

 

ويرتبط هذا التطوير ارتباطًا وثيقًا بـ توافر المعلومات الصحيحة والدقيقة. فالإعلامى لا يستطيع أداء دوره إلا إذا كان الوصول إلى المعلومات متاحًا وسلسًا وشفافًا. لذلك، فإن ضمان حق الحصول على المعلومة من مصادرها الرسمية والموثوقة يعدّ شرطًا جوهريًا لتطوير الأداء الإعلامى وتعزيز مصداقيته أمام الجمهور. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تشريعات واضحة تضمن هذا الحق وتحمى الصحفيين أثناء ممارستهم لعملهم.

 

أما من ناحية المهنية، فإنّ الإعلامى المعاصر يجب أن يتحلى بأقصى درجات الدقة والحياد، وأن يبتعد عن الانحيازات الشخصية أو الإملاءات الخارجية. فالمهنية ليست فقط التزامًا أخلاقيًا، بل هى معيار أساسى لنجاح أى وسيلة إعلامية. كما أن التخلص من الإعلام المدفوع الأجر ضرورة ملحّة، لأنه يفرغ الرسالة الإعلامية من مضمونها ويحوّلها إلى سلعة تُباع وتشترى، مما يضرّ بالثقة العامة. ولهذا، فإن تمويل القنوات يجب أن يعتمد فقط على الإعلانات المباشرة والشفافة التى لا تؤثر على المضمون التحريرى ولا تُقيد حرية الرأى.

 

وفى هذا السياق، يجب تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى بوضوح وصرامة على جميع أنواع البرامج، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الرياضية أو الترفيهية. فهذا الميثاق هو الضمانة الأخلاقية التى تضبط سلوك العاملين فى المجال وتحدّد حدود الحرية والاحترام المتبادل. كما يجب اجتناب الاحتراب الإعلامى الذى ينشأ أحيانًا بسبب الانتماء الرياضى أو الحزبى، لأنّ مثل هذا الخطاب يُقسّم المجتمع ويزرع التعصب بدلًا من الوعى.

 

ختامًا، إنّ تطوير الإعلام ليس مسؤولية المؤسسات فقط، بل هو مسؤولية مجتمعية متكاملة تتطلّب إرادة حقيقية من الإعلاميين والجمهور وصنّاع القرار. فالإعلام الحرّ والمسؤول والمستقل هو الذى يصنع رأيًا عامًا مستنيرًا، ويبنى وطنًا أقوى وأكثر وعيًا، قادرًا على مواجهة التحديات بثقة واتزان.

أخبار متعلقة :