الرياض - كتبت رنا صلاح - أعلنت وزارة المالية اليوم، الخميس، أن الموازنة العامة للدولة سجّلت عجزاً قدره 1 .4 مليار ريال خلال الربع الثالث من عام 2025، وقد تم تغطية هذا العجز من خلال أدوات الدين الحكومية، كما أفادت بأن إجمالي المصروفات في هذا الربع بلغ نحو 50.6 مليار ريال، مسجّلاً انخفاضاً نسبته 1.2% مقارنة بالربع المماثل من العام السابق. وقد وزّعت المصروفات على البنود التالية: 17.190 مليار ريال للرواتب والأجور، و19.597 مليار ريال للمصروفات الجارية، و12.623 مليار ريال للمصروفات الرأسمالية الكبرى، و1.177 مليار ريال للمصروفات الرأسمالية الثانوية طزظيد بناء على ما تم الاعلان عنه رسميا من الجهات المختصة .
عجز الموازنة في الربع الثالث 2025: تحليل المصروفات وتغطية العجز عبر أدوات الدين
قراءة المؤشرات: ما الذي تخبرنا به الأرقام؟
- أولاً، العجز البالغ 1.4 مليار ريال ليس رقمًا صغيرًا، لكنه في سياق إجمالي الإنفاق البالغ نحو 50.6 مليار ريال يُظهر أن الفجوة بين الإيرادات والمصروفات ليست كبيرة بالنسب المطلق، وهو ما يمكن أن يكون مطمئناً إلى حدٍّ ما. ومع ذلك، فإن تغطية هذا العجز عبر أدوات الدين تعني أن الدولة تحتاج إلى اللجوء للتمويل الخارجي أو الداخلي لملء الفراغ المالي، الأمر الذي قد يُلقي بظلال على ضغوط الدين العام ومسار خدمة الدين في المستقبل.
- ثانيًا، انخفاض المصروفات بنسبة 1.2% مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي يشير إلى أن الدولة حاولت ضبط الإنفاق أو أن أبرز البنود شهدت تباطؤاً. ولكن الانخفاض البسيط قد يدل أيضاً على أن المسار نحو التقشف أو ضبط الإنفاق ما زال في بدايته، وليس في حالة تحول جذري.
تحليل بنية الإنفاق
- الجزء الأكبر من الإنفاق يذهب إلى الرواتب والأجور (17.190 مليار ريال) — وهذا يعني أن الجانب التشغيلي للجهات الحكومية يتطلب نصيبه الكبير من الموازنة.
- المصروفات الجارية (19.597 مليار ريال) هي أيضاً ضخمة، وتشمل تكاليف التشغيل اليومي والخدمات والصيانة.
- المصروفات الرأسمالية الكبرى (12.623 مليار ريال) تُظهر استمرار الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الكبرى، وهو أمر إيجابي من حيث التنمية، لكن كثرته قد تعني أنّ تمويل هذه المشاريع قد يكون جزءاً من العبء المالي.
- بينما المصروفات الرأسمالية الثانوية (1.177 مليار ريال) هي البنود الأقل حجماً، وربما تُشير إلى النفقات الأقل أولوية أو المشاريع الصغيرة التي تُنفّذ على مستوى محدود.
ما أسباب العجز؟ أين الخلل؟
- لكي نفهم لماذا ظهَر هذا العجز، لا بد من النظر إلى عاملين رئيسيين: الإيرادات والمصروفات.
أ. الإيرادات
- لم تُشر الوزارة في إعلانها إلى الإيرادات مباشرة في هذا الربع، لكن العجز يعني أن الإيرادات لم تغطِ كامل المصروفات، أو أن هناك تأخيراً أو تراجعاً في تحصيلها. وهنا قد تكون هناك مؤثرات عدة مثل: تباطؤ النشاط الاقتصادي، انخفاض أسعار بعض الموارد أو المواد، أو استخدام الإيرادات في تغطية النفقات التشغيلية بدلاً من الاستثمار.
ب. المصروفات
- على الرغم من الانخفاض الطفيف في المصروفات، إلا أن حجم الإنفاق لا يزال كبيراً، خصوصاً في البنود التشغيلية مثل الرواتب والمصروفات الجارية. وهذه المصروفات ثابتة إلى حدٍّ كبير — لا يمكن تقليصها دون التأثير على الخدمات أو الموظفين. وبالتالي، فإن الدولة أمام خيارين: إما زيادة الإيرادات أو إعادة ترتيب أولويات الإنفاق أو كليهما معاً.
التبعات المحتملة لتغطية العجز بأدوات الدين
الدين العام ليس بالمشكلة بحد ذاته، لكن الانخفاض في العجز لا يعني التخلص من الدين أو خفضه. تغطية العجز عبر أدوات الدين يُضيف التزامات مستقبلية، منها خدمة الدين وسداد رأس المال. وإليك أهم ما يجب وضعه في الاعتبار:
- تكلفة خدمة الدين: كلما زاد الدين، زادت الالتزامات المستقبلية للفوائد، مما يقيّد الحيز المالي المتاح للإنفاق التنموي أو التحفيزي.
- ضغط على الموازنة المستقبلية: إذا استمر العجز أو زادت خدمة الدين، قد تضطر الدولة إلى رفع الضرائب أو خفض الإنفاق أو تأجيل المشاريع.
- مخاطر التصنيف الائتماني: تراكم الاعتماد على الدين قد يؤثر على تقييم الدولة من وكالات التصنيف، مما قد يرفع تكلفة الاقتراض مستقبلاً.
- الشفافية والمساءلة: استخدام أدوات الدين يجب أن يُدعم بتقدير واضح لكيفية سداده والآجال الزمنية، لأن غياب التخطيط قد يؤدي إلى تراكم دين لا يمكن السيطرة عليه.
أخبار متعلقة :