أخبار عالمية

العالم اليوم - المعادن النادرة.. سلاح موسكو المدفون في سباق النفوذ العالمي

العالم اليوم - المعادن النادرة.. سلاح موسكو المدفون في سباق النفوذ العالمي

انتم الان تتابعون خبر المعادن النادرة.. سلاح موسكو المدفون في سباق النفوذ العالمي من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الأربعاء 12 نوفمبر 2025 11:16 صباحاً - في عالم تتسارع فيه وتيرة التحول التكنولوجي والطاقة النظيفة، أصبحت المعادن النادرة، عصب صناعات المستقبل من السيارات الكهربائية إلى الدفاع، هي الساحة الجديدة للصراع الجيوسياسي. تقف الصين اليوم على عرش هذه الصناعة، مهيمنة على سلاسل إمداد حيوية تثير قلق العواصم الغربية وتخلق نقاط ضعف استراتيجية.

وفي خضم هذا التنافس المحتدم، تبرز روسيا كمتسابق متأخر يحمل في باطن أرضه خامس أكبر احتياطيات مؤكدة لهذه المعادن الثمينة. فهل يمكن لموسكو، رغم تأخرها وضعف إنتاجها الحالي، أن تستثمر هذا الكنز المدفون بنجاح؟ وهل تمتلك القدرة الحقيقية على تحدي هيمنة التنين الصيني على معادن المستقبل؟

دوافع التحرك الروسي في خضم الصراع العالمي

في قلب التنافس الجيوسياسي المحتدم على الموارد الحيوية، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توجيهاً يلزم المسؤولين باستكمال خارطة طريق بحلول ديسمبر المقبل لتطوير استخراج وإنتاج المعادن النادرة، وهي المكونات التي لا غنى عنها في صناعات التقنية والطاقة الحديثة، كالإلكترونيات الاستهلاكية والسيارات الكهربائية، بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" واطلعت عليه دوت الخليج.

 هذه الخطوة تأتي في ظل "سباق عالمي" بدأ منذ سنوات، حيث أدت هيمنة الصين على هذا القطاع إلى خلق نقاط ضعف استراتيجية للعالم المعتمد عليها. ووفقاً لـ (ويليس توماس)، كبير المستشارين في مجموعة CRU، فإن التنافس الروسي الجديد ينبع من "فرصة" استغلال حاجة الغرب، خاصة الولايات المتحدة، لتأمين سلاسل إمداد مستدامة.

التناقض بين الاحتياطيات الضخمة والإنتاج الهزيل

وأوضح التقرير أن الأراضي الروسية تخفي إمكانات هائلة تضعها في موقع متقدم نظرياً، حيث تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) إلى امتلاك روسيا خامس أكبر احتياطي معروف في العالم من المعادن النادرة، بإجمالي يقدر بـ 3.8 مليون طن، وهو ما يتفوق على احتياطي الولايات المتحدة.

وأشار إلى تصريحات سابقة لوزارة الموارد الطبيعية الروسية بأن احتياطياتها الإجمالية من 15 معدناً نادراً تصل إلى 28.5 مليون طن، رغم أن هذه الأرقام ما زالت محاطة بالغموض حول الجودة والكميات القابلة للاستغلال تجارياً. وأضاف التقريبر: "وفي المقابل، يظل الإنتاج الروسي الفعلي ضئيلاً للغاية؛ إذ لم يتجاوز 2500 طن متري في عام 2024، ما يمثل نسبة متناهية الصغر من الإنتاج العالمي، مما يبرز الفجوة الهائلة بين الإمكانات والطموحات.

ورقة المساومة الروسية في يد البيت الأبيض

ويزداد الاهتمام الروسي بهذا القطاع تزامناً مع بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن صفقات لتأمين المعادن الحيوية، بدءاً من أوكرانيا وصولاً إلى غرينلاند الغنية بالموارد. وقد أشار بوتين، في محاولة واضحة لجذب اهتمام البيت الأبيض، إلى استعداد بلاده للعمل مع "شركاء أجانب" في مشاريع مشتركة لاستخراج ومعالجة هذه المعادن. ويأتي هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه حدة المخاوف بشأن سلاسل الإمداد، خاصة بعد أن ردت الصين بقيود على صادراتها من المعادن النادرة رداً على الرسوم الجمركية الأميركية، مما سلط الضوء على حساسية هذا القطاع كأداة للمساومة في النزاعات التجارية والجيوسياسية.

ويشير المحللون إلى أن التحدي الحقيقي أمام روسيا لا يكمن في استخراج الخامات؛ إذ يُعد التعدين هو الجزء "السهل نسبياً". الصعوبة الحقيقية تكمن في مرحلة "المعالجة والفصل" التي تتطلب بنية تحتية تقنية متطورة وقدرات واسعة النطاق، وهو ما أتاح للصين بسط هيمنتها على السوق العالمية، حيث تعالج نحو 69 بالمئة من المعادن النادرة.

ولهذا السبب، يتوقف نجاح خارطة الطريق الروسية على قدرتها على إيجاد شراكات لتمويل وبناء وتطوير هذه المرافق المعقدة، مع الأخذ في الحسبان عامل الجودة المنخفضة نسبياً للاحتياطيات الروسية المعلنة، وفقاً لتقرير الشبكة الأميركية.

معضلة الشريك المستقبلي: الانحياز للشرق أم للغرب؟

وتضع الظروف الجيوسياسية الراهنة روسيا أمام خيار استراتيجي صعب: هل تتجه إلى حليفتها الصين التي تحتاج إلى مواد خام لتشغيل مصانعها الضخمة لتعويض تدهور رواسبها المحلية؟ أم تحاول التوجه غرباً؟ يرجح محللون أن تضطر روسيا، في ظل العقوبات والحرب الروسية الأوكرانية إلى "البيع للصين" بسبب عدم رغبة المستهلكين والحكومات الغربية في التعامل معها. ويُشير محلل المعادن الحيوية بيوش غويل من مجموعة CRU إلى أن الانحياز لسلسلة التوريد الصينية سيجعل روسيا تخسر فرصة الحصول على "علاوة" سعرية كان يمكن أن تحققها لو باعت للغرب".

سيطرة الصين على السوق راسخة بعمق في مراحل المعالجة والتكرير

في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج" استبعد الخبير الاقتصادي علي حمودي أن تتمكن روسيا من تحدي هيمنة الصين على "معادن المستقبل" على المدى القريب إلى المتوسط، مؤكد أن سيطرة الصين على السوق راسخة بعمق في مراحل المعالجة والتكرير، وهي بنية تحتية متطورة تستغرق عقوداً واستثمارات ضخمة لتكرارها، على الرغم من امتلاك روسيا لاحتياطيات خام كبيرة.

وأضاف: "لا تنبع هيمنة الصين فقط من احتياطياتها (على الرغم من ضخامة حجمها)، بل من احتكارها شبه الكامل لتكنولوجيا المعالجة وقدرتها، حيث تتعامل مع أكثر من 90 بالمئة من تكرير العناصر الأرضية النادرة عالمياً، ولا ننسى أن معادن المستقبل، أو المعادن الأساسية (العناصر الأرضية النادرة)، ضرورية للصناعات عالية التقنية، والطاقة المتجددة، والدفاع".

وفي المقابل، أشار حمودي إلى أن روسيا لا تمثل سوى حوالي 1-2 بالمئة من إنتاج العناصر الأرضية النادرة العالمي، على الرغم من امتلاكها خامس أكبر احتياطيات في العالم (أو ربما ثاني أكبر احتياطي، وفقًا للتقديرات الروسية). لكن الصناعة الروسية تواجه عوائق بسبب نقص الطلب المحلي، وتراجع القدرة الإنتاجية منذ حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي، وصعوبة الوصول إلى المعادن الخام في أعماق الارض.

كما نموه الخبير الاقتصادي حمودي إلى تراجع الاستثمار الصيني في مشاريع المعادن الروسية الكبرى بسبب المخاطر المرتبطة بالحرب في أوكرانيا والالتزامات طويلة الأجل، مما يحد من إمكانية الحصول على مصدر محتمل لرأس المال والخبرة.

ومن هنا يرى حمودي أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن تتعاون روسيا والصين، حيث تُزوّد ​​روسيا منشآت المعالجة الصينية المتفوقة بالمواد الخام، مما سيعزز مكانة الصين في السوق، لا أن يُضعفها.

هل تستطيع روسيا تغيير قواعد اللعبة؟

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي هاشم عقل، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج" أن الصين، التي تستفيد بالفعل من هيمنتها على سلاسل الإمداد، قد ترحب بروسيا كمورد خام إضافي، مما يعزز نفوذها بدلاً من تحديه. ومع فرض الصين قيوداً على تصدير المعادن النادرة في أكتوبر 2025، قد يفتح ذلك نافذة لروسيا للمنافسة، لكن الشراكة الحالية تبدو أقرب إلى تحالف يخدم مصالح بكين.

وأضاف عقل: "في المدى القصير، تبدو قدرة روسيا على تحدي هيمنة الصين محدودة. العقوبات، النقص التكنولوجي، والبنية التحتية الضعيفة تجعل من الصعب تحويل الاحتياطيات إلى قوة اقتصادية ملموسة. ومع ذلك، على المدى الطويل، يمكن أن تلعب روسيا دوراً استراتيجياً إذا نجحت في بناء صناعة مستقلة. نقل التكنولوجيا من الصين أو شركاء آخرين مثل كوريا الشمالية، إلى جانب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، قد يحول موسكو إلى لاعب رئيسي في سوق المعادن النادرة".

لكن السؤال الأكبر يبقى: هل ستختار روسيا بناء قدراتها الخاصة لتحدي الصين، أم ستكتفي بدور المورد الخام في ظل تحالف استراتيجي مع بكين؟ في عالم تتحكم فيه المعادن النادرة بمستقبل التكنولوجيا والطاقة، يبقى هذا السباق الجيوسياسي مفتوحًا على كل الاحتمالات، طبقاً لما قاله الخبير الاقتصادي عقل.

كنز مدفون

بدوره، قال الخبير الاقتصادي مصطفى السيد في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج": “تُعد روسيا متأخرة فعلياً في سباق المعادن النادرة، التي تشكل عماد "معادن المستقبل" لتطبيقاتها في الطاقة المتجددة، الإلكترونيات، والدفاع.  وتحث موسكو الخطى لتلحق بركب الدول المنتجة لمعادن المستقبل وجاء أمر الرئيس بوتين في أكتوبر 2025 بإعداد خارطة طريق للاستخراج بحلول ديسمبر، وإطلاق مشروع "المواد الجديدة والكيمياء" لزيادة الإنتاج إلى 50,000 طن بحلول 2030.".

 وقد تُصبح روسيا مورداً بديلاً إذا نجحت في تطوير سلسلة التوريد، لكنها غير قادرة حالياً على تحدي الهيمنة الصينية، التي تعتمد على اقتصاديات الحجم والسيطرة على المعادن الثقيلة، ويتطلب نجاح روسيا استثمارات هائلة وتغييرات جيوسياسية فإلى ذلك الحين يبقى التحدي بعيد المنال في المدى القريب.، بحسب السيد الذي أشار إلى أن روسيا رغم طموحاتها تواجه مجموعة عقبات أهمها ضآلة حجم إنتاجها السنوي والذي يصدر معظم بشكله الخام إلى الصين للمعالجة.

وأشار إلى أن روسيا أطلقت هذا العام عدة مشاريع مثل تطوير رواسب لوفوزيرسكوي وتومتور، وتقترح شراكات مع الولايات المتحدة لاستكشاف مشترك، كما عرض بوتين في فبراير و ما يزال مشروع تومتور الذي استثمرت فيه روسيا قرابة  1.5 مليار دولار يواجه صعوبات سببتها العقوبات الغربية مما أخر دخوله الإنتاج و فرض على إدارة المشروع إجراءات تمويل إضافية و إجراءات استحواذ جعلت لشركة روسنفت (أكبر منتج نفط روسي)  في مايو 2025، السيطرة الكاملة على Vostok Engineering، الشركة التشغيلية للمشروع، بعد أوامر الرئيس بوتين بتسريع التطوير.

وختم السيد بقوله: "قد تملأ روسيا فجوة صينية مستقبلية، لكن بناء قدرات المعالجة يستغرق سنوات، والاعتماد على الصين للتصدير يعزز هيمنتها، إن  الكنز الروسي من معادن المستقبل  لن يفك القبضة الصينية على الأسواق العالمية قريباً، لكن قد يعزز المنافسة إذا نجحت موسكو في الاستقلال بالإنتاج، مما يفتح أبواباً لتوازن سوق جيوسياسي جديد في معادن المستقبل الحيوية اذ تشكل روسيا مورداً محتملاً للهند لكسر الاعتماد الكلي على  الصين ومع ذلك تقف التحديات الجيوسياسية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والعقوبات، عائقا يحول دون الوصول إلى الأسواق الغربية".

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر المعادن النادرة.. سلاح موسكو المدفون في سباق النفوذ العالمي .. في رعاية الله وحفظة

Advertisements

قد تقرأ أيضا