غدا.. انطلاق "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة السيسي وترامب لبحث إنهاء الحرب على غزة

احمد وائل عمر - القاهرة في الأحد 12 أكتوبر 2025 09:09 مساءً - تنطلق غدًا الاثنين قمة شرم الشيخ للسلام، برئاسة مشتركة بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة أكثر من عشرين دولة حول العالم، في حدث دولي رفيع المستوى يهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة وبلورة رؤية جديدة للسلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

 

وتأتي القمة في أعقاب التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة برعاية مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، وهو الاتفاق الذي مهّد الطريق لعقد هذا الاجتماع الدولي، في إطار الجهود الرامية إلى تثبيت الهدنة، وإعادة إعمار القطاع، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، ووضع أسس سلامٍ عادلٍ ودائمٍ يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني ويعزز الاستقرار الإقليمي.

 

ومن المقرر أن تشهد القمة مباحثات ثنائية بين الرئيسين السيسي وترامب، يعقبها جلسة عامة تجمع القادة والرؤساء المشاركين، حيث يُلقي كل من الرئيسين بيانًا سياسيًا مشتركًا حول آفاق السلام وجهود تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كما سيجري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عددًا من اللقاءات الثنائية مع القادة المشاركين لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لدعم مسار التسوية وإعادة الإعمار في غزة.

 

ويشارك في القمة ملوك ورؤساء دول ونواب رؤساء ورؤساء وزراء ووزراء خارجية، في تأكيدٍ على الزخم الدولي الواسع الذي تحظى به القمة، ودعم المجتمع الدولي للجهود المصرية - الأمريكية المشتركة الرامية إلى تثبيت الاستقرار في المنطقة وإنهاء الحرب في غزة.

 

وتمثل القمة منصة عالمية لتنسيق المواقف من أجل استكمال المفاوضات حول القضايا المطروحة في المرحلة الثانية من الاتفاق، خاصةً موضوعات الحكم والأمن وإعادة الإعمار وفتح المعابر وإنفاذ المساعدات والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، ودفع مسار التسوية السياسية الشاملة بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويعزز الأمن الإقليمي والدولي.

 

والدول والمسؤولون الذين أكدوا المشاركة حتى الآن هم: (مصر، الولايات المتحدة، الأردن، تركيا، إندونيسيا، الإمارات، باكستان، الهند، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، قبرص، اليونان، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، إيطاليا، أذربيجان، إسبانيا، أرمينيا، المجر)، إلى جانب سكرتير عام الأمم المتحدة، وأمين عام جامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي، كما يشمل مستوى المشاركة ملوكًا ورؤساء، ونواب رؤساء، ورؤساء وزراء، ووزراء.

 

وفي السياق ذاته، شهدت الساعات الأخيرة تحركات دبلوماسية مكثفة شملت اتصالات أجراها وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي مع نظرائه في الدول العربية والإسلامية والأوروبية والآسيوية، إلى جانب تنسيق مباشر مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، تناولت جميعها الترتيبات الخاصة بعقد قمة شرم الشيخ للسلام.

 

ويعكس اختيار مصر لاستضافة قمة شرم الشيخ للسلام الثقة الدولية في دورها القيادي ومسئوليتها الإقليمية تجاه الأمن والسلام والاستقرار وحقوق الشعب الفلسطيني، ويؤكد أن القاهرة تعمل مع شركائها لضمان تنفيذ الاتفاق المرتقب بما يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة من إعادة الإعمار والتنمية في غزة.

 

واختيرت مدينة شرم الشيخ المصرية لاستضافة القمة الدولية الخاصة بإنهاء الحرب في قطاع غزة، نظرًا لما تمثله من رمزية تاريخية كمنصة للسلام وملتقى للحوار بين الشرق والغرب، فضلًا عن كونها من أكثر المدن أمنًا واستقرارًا في المنطقة، بما يجعلها الموقع الأمثل لعقد القمم الدولية رفيعة المستوى.

 

وفي إطار التحضيرات الميدانية المصاحبة، تزيّنت مدينة شرم الشيخ بأعلام الدول المشاركة التي رفرفت على امتداد الشوارع الرئيسية والميادين الكبرى، كما أضيئت مباني وقاعات المؤتمر في مشهد يعكس روح التضامن الدولي ووحدة الهدف نحو تحقيق السلام. كما نُصبت لافتات الترحيب بالعربية والإنجليزية في مختلف أرجاء المدينة، فيما رفعت فنادقها الكبرى درجة الاستعداد لاستقبال الوفود والقادة والمسؤولين المشاركين في القمة، في أجواء احتفالية تعبّر عن مكانة مصر الدولية وقدرتها على تنظيم الأحداث العالمية الكبرى.

 

وفي الوقت نفسه، استكملت الأجهزة الأمنية والإدارية في جنوب سيناء جميع الترتيبات التنظيمية واللوجستية لاستقبال قادة العالم وضيوف مصر، حيث تم تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط مطار شرم الشيخ الدولي ومقار الإقامة ومناطق انعقاد الجلسات، إلى جانب توفير فرق للطوارئ والإسعاف وخدمات النقل والاتصال على مدار الساعة، بما يعكس الجاهزية الكاملة التي تتمتع بها الدولة المصرية لاستضافة الفعاليات الدولية الكبرى بكفاءة واقتدار.

 

وتُعد مدينة شرم الشيخ، الواقعة في جنوب سيناء على ساحل البحر الأحمر، رمزًا متجذرًا في ذاكرة العمل العربي والدولي المشترك، إذ استضافت على مدار العقود الماضية سلسلة من القمم التاريخية التي أرست مكانتها كـ"عاصمة السلام".

 

وشهدت المدينة قمة شرم الشيخ للسلام عام 2000 التي جاءت في أعقاب اندلاع الأحداث في الأراضي الفلسطينية وسعت إلى إعادة إطلاق مسار السلام، كما استضافت القمة العربية الـ15 في مارس 2003 وسط أجواء إقليمية مشحونة على خلفية الحرب في العراق، ثم القمة العربية الـ26 في مارس 2015 التي دعا خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تشكيل قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي.

 

وفي فبراير 2019، أصبحت شرم الشيخ أول مدينة عربية تستضيف القمة العربية - الأوروبية الأولى، ثم احتضنت في نوفمبر 2022 مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (COP27)، الذي أقر إنشاء صندوق الخسائر والأضرار دعمًا للدول النامية المتضررة من التغيّر المناخي، مما عزز مكانة المدينة كمنبر عالمي للحوار حول قضايا السلام والتنمية المستدامة وحماية البيئة.

 

ويرى مراقبون أن انعقاد القمة الدولية الحالية بشأن غزة في شرم الشيخ يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها بأن مصر استعادت دورها المركزي في هندسة السلام الإقليمي، وأن المدينة التي جمعت زعماء العالم في أوقات الأزمات، مازالت منصة للتهدئة وصناعة الحلول.

 

كما أن موقع شرم الشيخ الجغرافي الفريد في قلب سيناء، على مقربة من قطاع غزة، يمنحها رمزية مضاعفة بوصفها نقطة التقاء بين الحرب والسلام، وجسرًا يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى إطلاق مرحلة جديدة لإعادة إعمار القطاع وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط.

 

وفي القراءة السياسية، يُنظر إلى اختيار شرم الشيخ بوصفه تعبيرًا عن الشراكة الاستراتيجية العميقة بين مصر والولايات المتحدة، وإقرارًا بقدرة القاهرة على جمع الأطراف المتنازعة في بيئة آمنة ومحايدة.. كما يعكس هذا الاختيار إيمان المجتمع الدولي بالدور المصري كضامن للاستقرار الإقليمي ورسالة إلى العالم بأن السلام الحقيقي لا يُصنع إلا من أرض السلام نفسها، حيث تلتقي الإرادة الدولية مع المبادرة المصرية لتحقيق الأمن والعدالة للشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها.

 

وتجسد مصر من خلال استضافتها لهذه القمة التاريخية ثبات مواقفها الداعمة للسلام العادل والشامل، وحرصها على توحيد الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، في تأكيد لدورها القيادي في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وإيمانها بأن السلام هو السبيل لتحقيق التنمية والازدهار لشعوب الشرق الأوسط.

 

أخبار متعلقة :