العالم اليوم - هل ارتفاع الأسواق مدفوع بأساسيات اقتصادية حقيقية؟

انتم الان تتابعون خبر هل ارتفاع الأسواق مدفوع بأساسيات اقتصادية حقيقية؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الخميس 9 أكتوبر 2025 07:08 صباحاً - وتبدو حركة رؤوس الأموال أكثر جرأة من أي وقت مضى، في ظل تراجع المخاوف من التضخم وتوقعات بتيسير السياسة النقدية في أكبر الاقتصادات.

يستقطب هذا الصعود اهتمام المحللين وصنّاع القرار، الذين يحاولون فهم ما إذا كان ما يحدث يمثل مرحلة توسّع طبيعية مدعومة بأساسيات اقتصادية متينة، أم أنه مجرد فصل جديد من فصول الاندفاع غير المحسوب الذي قد ينتهي بانفجار فقاعة مالية جديدة. فالظروف التي تحيط بالأسواق اليوم تحمل مزيجًا من الثقة المفرطة والعوامل المحفّزة للنمو، في وقت تتراكم فيه مؤشرات التحذير من المبالغة في التسعير والمخاطر الكامنة.

وتفتح هذه التطورات الباب أمام نقاش واسع حول طبيعة المرحلة المقبلة في الاقتصاد العالمي، ومدى قدرة الأسواق على الحفاظ على هذا المسار الصاعد دون أن تدفع ثمنه لاحقًا. فبين من يرى أن الأساسيات الاقتصادية لا تزال صلبة، ومن يحذر من هشاشة هذا الصعود، تبقى الصورة العامة مرهونة بتوازن دقيق بين الواقع المالي والعواطف الاستثمارية التي تحرك المتداولين في مختلف أنحاء العالم.

ارتفاع جامح

بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، يرى محللون أن الأسواق العالمية قد تكون مقبلة على ما يُعرف بـ"ارتفاع جامح" خلال الأشهر الأخيرة من العام، في وقت تتجاهل فيه الأسواق كثيراً من العوامل السلبية الواضحة.

ويشير التقرير إلى أن بعض المستثمرين يصفون هذا الوضع بأنه “فقاعة جيدة”، لكن الصحيفة تذكّر بأن جميع الفقاعات، مهما بدت مغرية في بدايتها، تنفجر في النهاية.

ويضيف التقرير أن حالة القلق تتصاعد بين مديري الصناديق من الولايات المتحدة إلى فرنسا، وحتى اليابان، بشأن قضايا تمتد من استدامة الديون إلى الحماس المفرط في الأسواق عالية المخاطر.

ومع ذلك، يلاحظ أن المشهد العام لم يتغير منذ صدمة الرسوم الجمركية الأميركية في أبريل الماضي، إذ لا تزال الأسهم مزدهرة، وسندات الشركات تحقق مكاسب كبيرة، وتتدفق الأموال بكثافة إلى الأسواق الخاصة، مدفوعة بإيمان قوي بأن تراجع التضخم سيُبقي أسعار الفائدة الأميركية في مسار هبوطي.

ووفق التقرير، بات المزاج السائد بين المستثمرين يميل إلى مقولة “إن لم تستطع التغلب عليهم، فانضم إليهم”، حيث بدأ حتى أكثر المستثمرين حذرًا يركبون موجة الارتفاع.

ونقلت الصحيفة عن مايك ريديل، مدير المحافظ في شركة فيديليتي إنترناشونال في لندن، قوله: “العملاء يسألون: هل الأمور تبدو فُقاعية؟ نعم، تبدو كذلك، لكن ربما أمامنا عامان آخران من هذا الوضع… من الصعب جدًا تحديد متى سيتوقف هذا الجنون".

ويشير التقرير إلى أنه رغم صعوبة تحديد موعد التراجع، فإن المخاطر واضحة ويمكن أن تظهر من ثلاثة مجالات رئيسية.

أول هذه المجالات، هو دورة الضجيج المحيطة بالذكاء الاصطناعي، إذ إن الإنفاق المؤسسي على هذه التقنية يرفع الأسواق إلى مستويات عالية في كل من الأسواق العامة والخاصة، ويشكّل حالياً جزءاً كبيراً من النمو الاقتصادي الأميركي.

ويتابع التقرير أن ثاني مجالات الخطر يتمثل في الضيق الشديد في هوامش الائتمان.

فبينما تواصل الأسهم الأميركية صعودها - إذ ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15 بالمئة منذ بداية العام وبنحو 40 بالمئة منذ أدنى مستوياته في أبريل-  فإن الفارق الذي يحصل عليه المستثمرون عادة عند شراء سندات الشركات بدلًا من السندات الحكومية قد تلاشى تقريبًا.

ويشير التقرير إلى أن بنك أوف أميركا وصف هذا الوضع بـ“الاندفاع في تفاؤل المستثمرين”، محذرًا من أن “مخاطر التصحيح تتزايد”.

ويضيف أن غياب أي هامش للخطأ يجعل الإخفاقات الأخيرة في أسواق الديون الخاصة مثيرة للقلق، وأن أي تراجع في هذا المجال لن يكون مفاجئًا.

المجال الثالث -وربما الأخطر- يتمثل في التدهور المستمر للمؤسسات والمعايير السياسية في الولايات المتحدة.

فالولايات المتحدة، كما يقول التقرير، لا يمكن تصنيفها كسوق ناشئة نظرًا لثرائها ومكانتها المحورية في النظام المالي العالمي، لكنها تتصرف في كثير من الأحيان كما لو كانت كذلك، خاصة في ظل ما تصفه الصحيفة بـ“الاستيلاء الكامل لحركة MAGA على مجلس الاحتياطي الفيدرالي”.

أساسيات متينة

يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع "اقتصاد دوت الخليج" إن الصعود الحالي في الأسواق مدفوع بأساسيات اقتصادية متينة؛ فالنمو القوي للاقتصاد الأميركي بنسبة 3.8 بالمئة يعكس أداءً اقتصادياً جيداً، ويُظهر أن الابتعاد عن التوترات الحكومية الراهنة لا يزال يحافظ على زخم النمو.

 ويضيف أن التوقعات المستقبلية تشير إلى إمكانية تخفيض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يشكل دعماً إضافياً للأسواق؛ خاصة مع الطفرة الكبيرة التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي وشركات التكنولوجيا المدعومة باستثمارات ضخمة وتدفقات مالية كبيرة من المستثمرين الذين لا يريدون تفويت الفرص.

ويتابع: هذا الحماس الاستثماري يجعل البعض يفضّل الشراء حتى عند الأسعار المرتفعة بدافع "الخوف من ضياع الفرصة"، وهو ما يدعم استمرار الصعود في الأسواق.

ويؤكد يرق أنه رغم الحديث عن احتمالية تشكّل فقاعة مالية نتيجة ارتفاع تقييمات الشركات لمستويات عالية، إلا أن آراء بنوك الاستثمار متباينة؛ فبعضها يرى أن الفقاعة قريبة، بينما يرى آخرون أن السوق لا يزال في مرحلة توسع.

 ويختم بالقول إنه إذا جاءت نتائج موسم الأرباح (عن الربع الثالث من العام) الذي يبدأ الأسبوع المقبل إيجابية، فستظل موجة الارتفاعات قائمة، في ظل وفرة السيولة بالأسواق، واستمرار تدفق الاستثمارات نحو الأسهم والمعادن، بينما يتجه المستثمرون للابتعاد عن الدولار والعملات الأخرى لصالح الأسواق المالية العالمية.

مخاوف الفقاعة

يشير تقرير صادر عن بنك "يو بي إس" إلى أن موجة التفاؤل التي تجتاح أسواق الأسهم العالمية بفعل الذكاء الاصطناعي، تعيد إلى الأذهان أجواء فقاعة الإنترنت التي انفجرت قبل نحو 25 عاماً. ومع ذلك، يرى التقرير أن الوضع اليوم يختلف بشكل جوهري عن تلك المرحلة.

برغم التشابه في الحماس الذي يحيط بالتقنيات الجديدة، فإن تقييمات شركات التكنولوجيا العملاقة حالياً أقل بكثير مما كانت عليه مطلع الألفية، في حين أن نمو أرباحها أقوى وأكثر استدامة. هذا، بحسب التقرير، يجعل الحديث عن فقاعة سوقية جديدة مستندًا إلى أدلة ضعيفة.

ويضيف التقرير أن السياسة النقدية تمثل فارقاً رئيسياً آخر بين الحقبتين؛ ففي حين أسهمت قرارات الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة آنذاك في انفجار فقاعة الدوت كوم، فإن البنك المركزي الأميركي يُرجَّح اليوم أن يتجه إلى مزيد من خفض الفائدة، ما قد يدعم استمرار الزخم الحالي في الأسواق.

ويؤكد "يو بي إس" أن أفضل وسيلة للاستفادة من هذا الزخم المرتبط بالذكاء الاصطناعي تكمن في تنويع المحافظ الاستثمارية على نطاق واسع، خاصة في ظل تصاعد المخاطر السياسية والاقتصادية التي قد تهدد استقرار الأسواق في المدى القريب

مشهد معقد

من جانبه، يقول خبير أسواق المال محمد سعيد، لموقع"اقتصاد دوت الخليج"، إن الوضع الحالي للأسواق المالية ليس بالبساطة التي قد يراها البعض، فالمشهد أكثر تعقيداً مما يبدو، إذ لا يسير في اتجاه واحد، بل هو مزيج من أساسيات اقتصادية حقيقية إلى جانب عوامل أخرى ترتبط بحماس المستثمرين والمضاربات.

ويضيف سعيد أن هناك عوامل إيجابية تدعم موجة الصعود الحالية؛ أبرزها قوة النمو الاقتصادي الأميركي، وتحسّن أرباح الشركات، وإن كان هذا التحسّن في معظمه ناتجًا عن خفض التكاليف أكثر من كونه نتيجة نمو في الإيرادات.

كما يُتوقع أن يشهد العام المقبل تسارعًا في نمو الأرباح، مدعومًا بطفرة الذكاء الاصطناعي التي رفعت من أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، إلى جانب اتجاه السياسة النقدية نحو التيسير، بعد أن قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، وسط توقعات بتخفيضات إضافية قادمة.

في المقابل، يوضح سعيد أن هناك فجوة واضحة بين أداء الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي؛ فالأسواق تُسجل ارتفاعات قياسية في وقت تُظهر فيه بعض المؤشرات الاقتصادية تباطؤًا في التوظيف وضعفًا في النشاط العام.

ويرى أن السيولة الزائدة وموجة التفاؤل المفرط تُشكّلان المحرك الأساسي وراء هذا الصعود، مشيرًا إلى أن نفسية المستثمرين، المتأثرة بظاهرة "الخوف من فوات الفرصة" (FOMO) عادت بقوة خصوصاً في قطاع التكنولوجيا، ما أدى إلى تركيز المكاسب في عدد محدود من الأسهم الضخمة، بدلًا من توسع صحي يشمل السوق بأكملها.

ويؤكد سعيد أن مؤشرات التقييم الحالية تعكس صورة مقلقة للغاية؛ فمؤشر شيلر، الذي يقيس أسعار الأسهم مقارنة بمتوسط أرباحها خلال عشر سنوات، وصل إلى مستويات تاريخية تتجاوز ضعف متوسطه، بل وتخطى المستويات التي بلغها خلال فقاعة الإنترنت عام 2000. كما أن مؤشر بافيت الذي يقارن القيمة السوقية للأسهم بالناتج المحلي الإجمالي، تجاوز مستويات تشير تاريخياً إلى وجود فقاعة سعرية محتملة.

ويتابع قائلاً "إننا لسنا أمام فقاعة مكتملة الأركان بعد، لكننا بالفعل في سوق ذات تقييمات متضخمة تحمل مكونات فقاعة واضحة".ويشير إلى أن الصعود الحالي لا يستند بالكامل إلى أساسات اقتصادية متينة، بل يعتمد بدرجة كبيرة على السيولة الوفيرة وموجة التفاؤل، ما يجعله صعودًا هشًا رغم احتمالية استمراره لفترة وجيزة.

ويختتم سعيد حديثه بالتأكيد على أن الخطر الحقيقي لا يكمن في انهيار مفاجئ للأسواق، بل في فترة طويلة من العوائد الضعيفة والتقلبات الحادة عند أي صدمة اقتصادية، محذرًا من أنه إذا لم تتحسن أرباح الشركات فعليًا خلال الاشهر المقبلة فإن احتمالات حدوث تصحيح حاد تتزايد يوما بعد يوم.

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر هل ارتفاع الأسواق مدفوع بأساسيات اقتصادية حقيقية؟ .. في رعاية الله وحفظة

أخبار متعلقة :