انتم الان تتابعون خبر الماس في المختبرات.. خطوة نحو حوسبة أكثر استدامة وكفاءة من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الجمعة 10 أكتوبر 2025 11:16 صباحاً - يشهد عالم التكنولوجيا سباقاً متسارعاً لإيجاد حلول مبتكرة لأحد أكبر التحديات التي تواجه الحوسبة الحديثة: استهلاك الطاقة الهائل في مراكز البيانات.
مع تضاعف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، باتت هذه المراكز تلتهم كميات ضخمة من الكهرباء، يتحول معظمها إلى حرارة مهدرة تعيق الكفاءة وتزيد التكلفة.
يتجه الباحثون والمهندسون إلى استكشاف مواد جديدة قادرة على التعامل مع هذا التحدي بفعالية أكبر. ومن بين هذه المواد يبرز الماس الصناعي، الذي لم يعد مجرد رمز للفخامة، بل أصبح محوراً علمياً واعداً في تطوير رقائق إلكترونية أكثر برودة وكفاءة.
يثير هذا التوجه تساؤلات واسعة حول مستقبل صناعة الرقائق وأشباه الموصلات: هل يمكن للماس أن يتحول من حجر كريم إلى أداة إنقاذ لقطاع الحوسبة؟ وكيف يمكن أن يُحدث ثورة في أداء مراكز البيانات العالمية خلال السنوات المقبلة؟
في السياق، يشير تقرير لـ "نيويورك تايمز" إلى أنه:
- مع تسابق شركات التكنولوجيا لبناء المزيد من مراكز البيانات التي تضم خوادم تُشغّل أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي، تتزايد كمية الكهرباء التي تستهلكها هذه المرافق بشكل هائل.
- لكن معظم هذه الكهرباء يُهدر بأبشع الطرق: كحرارة تتسرب من مئات المليارات من الترانزستورات في الشريحة الحديثة.
- يقول آر. مارتن روشايسن، وهو مهندس كهربائي ورجل أعمال في شركة Diamond Foundry، وهي شركة في جنوب سان فرانسيسكو تصنع الماس المتخصص للاستخدام في الإلكترونيات: "السر السلبي في الرقائق هو أن أكثر من نصف الطاقة تهدر على شكل تيار تسرب على مستوى الترانزستور".
- تُعدّ هذه الحرارة هدراً كبيراً للطاقة، إذ تُقصّر عمر الشريحة بشكل كبير وتُقلّل من كفاءتها، مما يُولّد المزيد من الحرارة المُهدرة. لذا، تُعدّ المحافظة على درجة حرارة الخوادم منخفضةً لضمان عملها بسلاسة من المهام الأساسية في مراكز البيانات.
روشايزن واحد من العديد من المهندسين الذين يطورون طرقاً لدمج قطع صغيرة من الماس الصناعي، تحديداً، في الرقائق للحفاظ على برودتها.
ويشار إلى أن الماس، بالإضافة إلى كونه أصلب مادة معروفة، يتميز أيضاً بقدرة استثنائية على نقل الحرارة من مكان لآخر.
قال الكيميائي الفيزيائي بجامعة بريستول بإنجلترا، بول ماي:
- "معظم الناس لا يدركون أن الماس يتمتع بأفضل خصائص توصيل حراري بين جميع المواد".
- الماس يوصل الحرارة أسرع بعدة مرات من النحاس، وهي مادة تُستخدم غالبًا في مشعات التدفئة للرقائق الإلكترونية.
تنبع الموصلية الحرارية العالية للماس من نفس الخاصية التي تجعله صلباً للغاية: كل ذرة كربون مرتبطة بقوة بأربع ذرات مجاورة، دون أي رابط ضعيف في أي اتجاه. هذه الروابط القوية فعالة في نقل الاهتزازات التي تنقل الحرارة عبر البلورة.
دور الماس
يقول المستشار الأكاديمي بجامعة سان خوسيه، الدكتور أحمد بانافع، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- التوسع الهائل في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية جعل مراكز البيانات حول العالم تستهلك كميات غير مسبوقة من الكهرباء، تتحول الغالبية العظمى منها إلى حرارة، وهو ما يمثل تحدياً متزايداً أمام صناعة المعالجات وأشباه الموصلات.
- تشير بعض التقديرات إلى أن ما يصل إلى 70 بالمئة من الكهرباء المستهلكة في مراكز البيانات تضيع في شكل حرارة غير مستغلة.
- هذا الواقع دفع الباحثين للبحث عن مواد بديلة تساعد في تبديد الحرارة بشكل أكثر كفاءة، وتُعد مادة الماس الصناعي من أبرز المرشحين، لما تتمتع به من خصائص حرارية وفيزيائية استثنائية.
- الماس يتميز بقدرة فائقة على توصيل الحرارة تفوق السيليكون - المادة التقليدية المستخدمة في صناعة الرقائق الإلكترونية - بمراحل، مما يجعله خياراً مثالياً لتبريد المعالجات الحديثة.
ويتابع قائلاً: "المشكلة الحرارية ليست نظرية بل واقعية وملحّة، خصوصاً في المعالجات المتطورة التي تُستخدم في تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، حيث تولد حرارة هائلة أثناء العمل. ومع تزايد كثافة الترانزستورات داخل الشرائح، أصبحت الحرارة عائقاً أمام التطوير المستقبلي، لذا كان لا بد من حلول جذرية تتجاوز أساليب التبريد التقليدية".
ويوضح أن الماس الصناعي يُستخدم حالياً في مشاريع تجريبية لدى شركات تقنية كبرى مثل آي بي إم وإنتل، إضافة إلى شركات متخصصة في المواد المتقدمة. وتعمل هذه الجهات على تطوير شرائح هجينة تجمع بين السيليكون والماس الصناعي، لزيادة كفاءة التخلص من الحرارة دون التأثير على أداء الرقاقة.
كما يؤكد أن استخدام الماس الصناعي لا يقتصر على المعالجات فقط، بل يمتد إلى مجالات الطيران والفضاء، حيث تُعد القدرة على تبديد الحرارة بسرعة عاملاً حيوياً في ظروف التشغيل القاسية. كما أن تطبيقه في مراكز البيانات يمكن أن يقلل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 30 بالمئة ويُطيل عمر الأجهزة ويحد من الأعطال الناتجة عن ارتفاع الحرارة.
ويشير بانافع إلى أن هناك تحديات لا تزال قائمة أمام استخدام الماس الصناعي على نطاق واسع، أبرزها ارتفاع تكاليف التصنيع مقارنة بالسيليكون، وصعوبة دمجه في خطوط الإنتاج الحالية، لكنه يرى أن التطور في تقنيات ترسيب الطبقات الذرية قد يفتح الباب أمام اعتماده على نطاق أوسع خلال السنوات المقبلة.
ويختتم بانافع حديثه قائلا: "لن يكون الماس الصناعي بديلاً مباشراً للسيليكون بل مكملا له، فالمستقبل القريب سيشهد تصنيع شرائح هجينة تجمع بين الماس والسيليكون ومواد أخرى مثل كربيد السيليكون ونتريد الغاليوم لتلبيه متطلبات الأداء والتبريد في آن واحد.. وفي ظل تزايد الضغط على مراكز البيانات واعتماد العالم المتسارع على الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الماس الصناعي سيكون الحليف الأكثر بريقاً للرقائق الإلكترونية في معركتها ضد الحرارة".
أزمة الحرارة
يأتي ذلك في وقت تبذل فيه العديد من الجهود البحثية من أجل التوصل لحلول لمعالجة معضلة إهدار الحرارة في مراكز البيانات. ففي سياق متصل، اكتشف باحثون من جامعة رايس الحل الأمثل للاستفادة من الحرارة المهدرة في مراكز البيانات لتوليد الطاقة الجديدة.
في دراسة نُشرت حديثًا ، قدّمت لورا شايفر، أستاذة الهندسة الميكانيكية في جامعة رايس، وطالب الدراسات العليا كاشف لياقات، نموذجاً لكيفية استخدام مُجمّعات الطاقة الشمسية لرفع درجة حرارة الحرارة المُهدرة في مراكز البيانات، بحيث يُمكن استخدامها بدورها بواسطة نظام دورة رانكين العضوية (ORC) لإنتاج الكهرباء. تعمل دورات رانكين العضوية عن طريق تحويل سائل عامل إلى غاز لتشغيل توربين مُولّد للطاقة.
توصلت الدراسة إلى حل قادر على استغلال الحرارة المُهدرة لمركز البيانات لتوليد طاقة تعادل 5 بالمئة من إجمالي سعة مركز البيانات. بمعنى آخر، يمكن لمركز بيانات بقدرة 1 غيغاواط استخدام تقنية استعادة الحرارة هذه لتوليد 50 ميغاواط من الطاقة الكهربائية خلف العداد.
ونظراً لقيود الطاقة التي تواجه مراكز البيانات في العديد من المناطق حول العالم، يبدو أن هذا النهج قد يُمثل مكسباً كبيراً للقطاع. ولكنه يعتمد بشكل ملحوظ على مكونات راسخة ومُجرّبة، بحسب الدراسة التي نشرت نتائجها Fierce Network المتخصصة في التقنية والذكاء الاصطناعي.
خصائص الماس
أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، يقول لموقع "اقتصاد دوت الخليج" إنه مع تزايد الطلب العالمي على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، تتحول مراكز البيانات إلى "أفران عملاقة" تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، ويضيع معظمها على شكل حرارة. هذا التحدي يدفع الباحثين إلى البحث عن مواد جديدة قادرة على تبديد الحرارة بشكل أسرع وأكثر كفاءة، وهنا يطل الماس الصناعي كخيار ثوري محتمل.
ويضيف: يتميّز الماس بخصائص فيزيائية استثنائية:
- أعلى موصلية حرارية بين جميع المواد المعروفة تقريباً، أي أنه قادر على سحب الحرارة من الشرائح الإلكترونية بسرعة فائقة.
- صلابة ومتانة عالية تجعل استخدامه في البيئات القاسية أو ذات الحمل الكبير أكثر جدوى.
- شفافية كهربائية وبصرية تسمح بدمجه مع تقنيات إلكترونية وبصرية متقدمة.
ولجهة التطبيقات المتوقعة، فيشير إلى استخدامه في "شرائح الذكاء الاصطناعي"، إذ تعمل مليارات الترانزستورات في وقت واحد وتولّد حرارة قد تحد من كفاءتها. الماس قد يكون مادة تبريد مدمجة مع الرقاقة نفسها.
علاوة على استخدامه في "مراكز البيانات"، ذلك أن استبدال بعض المواد التقليدية في أنظمة التبريد بأغشية رقيقة من الماس الصناعي قد يقلل استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
ومن التطبيقات أيضاً "الإلكترونيات المتقدمة" مثل تقنيات 5G، وأجهزة الاستشعار، والليزر الصناعي.
ويرصد العمري مجموعة التحديات القائمة، منوهاً إلى أنه رغم الأفق الواعد، يواجه الماس الصناعي عدة تحديات، منها:
- ارتفاع التكلفة مقارنة بالمواد التقليدية مثل السيليكون أو النحاس.
- صعوبة التصنيع على نطاق واسع، إذ يتطلب نمو الماس الصناعي تقنيات دقيقة ومعقدة.
- التوافق مع خطوط الإنتاج الحالية في صناعة أشباه الموصلات.
ويختتم حديثه قائلاً: قد لا يكون الماس الصناعي بديلاً مباشراً للسيليكون، لكنه مرشّح قوي ليكون المكمل الحيوي الذي يحافظ على برودة الشرائح ويطيل عمرها ويزيد من كفاءتها. وإذا ما نجحت الصناعة في تخفيض تكاليف إنتاجه وتوسيع نطاق استخدامه، فقد يصبح الماس بالفعل "الصديق الجديد" للرقائق في عصر الذكاء الاصطناعي.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر الماس في المختبرات.. خطوة نحو حوسبة أكثر استدامة وكفاءة .. في رعاية الله وحفظة
أخبار متعلقة :