العالم اليوم - هل يخفي نمو الصين أزمة ثقة أعمق بالاستثمار الخاص؟  

انتم الان تتابعون خبر هل يخفي نمو الصين أزمة ثقة أعمق بالاستثمار الخاص؟   من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 06:24 صباحاً - هذا النمو مدعوم بشكل كبير بمرونة الصادرات وتدخلات السياسة، بينما تتدهور الأركان التقليدية للنمو. إن مؤشر استثمار الأصول الثابتة يتقلص للمرة الأولى منذ ذروة الجائحة في 2020، وتستمر أسعار العقارات في الانخفاض، في دلالة على أزمة ثقة تجتاح القطاع الخاص.

يفرض هذا الواقع ضغوطاً كبيرة على صانعي القرار، الذين يعملون على تحديد مسار التنمية المستقبلي من خلال الخطط الخمسية الجديدة. يكمن التحدي في الانتقال ببطء من نموذج النمو المعتمد على الديون والعقارات إلى نموذج أكثر استدامة يركز على الطلب الداخلي.

في ضوء هذه التناقضات، تبرز مجموعة من التساؤلات المحورية التي تحدد مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم: هل يخفي نمو الصين 4.8 بالمئة أزمة ثقة أعمق بالاستثمار الخاص؟ وهل يمكن للعملاق الصيني التخلي عن العقار دون أداة نمو بديلة؟ ولماذا تراجعت الاستثمارات الصينية إلى مستويات الوباء رغم ثبات النمو؟ كما أنه هل تنجح خطط خمسية جديدة بتركيز الاقتصاد الصيني على الاستهلاك المحلي؟

 التباين بين النمو العام والتراجع المقلق في الاستثمار  

على الرغم من تسجيل الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 4.8 بالمئة في الربع الثالث، متفقاً مع التوقعات ومحافظاً على وتيرة نموه، فإن هناك مؤشرات هيكلية تثير القلق، إذ تشير البيانات إلى أن استثمار الأصول الثابتة الذي يشمل العقارات سجل انكماشاً غير متوقع بنسبة 0.5 بالمئة في الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو أول انكماش من نوعه منذ عام 2020، وذلك بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" واطلعت عليه دوت الخليج.

وأوضح التقرير أن هذا التراجع مدفوع باستمرار هبوط الاستثمار العقاري، الذي اتسع انخفاضه إلى13.9 بالمئة حتى سبتمبر. حيث يشير محللون إلى أن هذا الضعف يعكس "نقص الثقة" في آفاق النمو لدى القطاع الخاص، مما يزيد الضغط الهبوطي على نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير.

  التحدي الهيكلي في قطاع العقارات والتحول المحتمل

ولفت التقرير وفقاً لما كشفته التحليلات الاقتصادية إلى أن التحدي يكمن في البنية العميقة للاقتصاد، حيث يُعتقد أن الضعف في الاستثمار العقاري قد يستمر لفترة أطول، وقد يمثل إعادة هيكلة هيكلية تعني أن مستويات الاستثمار لن تعود إلى ما كانت عليه سابقاً.

وبحسب التقرير يحتل قطاع العقارات المرتبة الثانية في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، ويحتوي على ما يقرب من نصف ثروة الأسر، ويشكل حوالي 18 بالمئة من إيرادات الحكومات المحلية. لذلك، يواجه صانعو السياسات ضرورة ملحة للبحث عن قطاعات أخرى "لسد الفجوة الاستثمارية" الناتجة عن تراجع هذا القطاع المحوري.

 الصادرات كعامل إنقاذ مقابل ضعف الطلب المحلي  

في المقابل، تمكن الاقتصاد من الحفاظ على وتيرة نموه الإجمالية بفضل قوة الناتج الصناعي والصادرات القياسية التي تغذيها المتطلبات العالمية. وتُشير البيانات إلى أن هذا الأداء القوي في جانب العرض قد عوض الضعف الداخلي، مما أدى إلى تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للتوقعات بقليل. ولكن، يؤكد التقرير أن هذه القوة تخفي نقاط ضعف داخلية، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (غير المعدل حسب الأسعار) بأبطأ وتيرة منذ نهاية عام 2022.

 هذا التباطؤ في الناتج الاسمي يشير إلى أن أسعار الاقتصاد تتناقص للربع العاشر على التوالي، وهي أطول سلسلة انكماش مسجلة مؤخراً، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه دوت الخليج.

 وذكر التقرير أن الضعف الاستثماري لم يقتصر على العقارات، بل امتد إلى مجالات أخرى. فقد تباطأ الاستثمار في البنية التحتية ليحقق نمواً بنسبة1.1 بالمئة فقط في الأرباع الثلاثة الأولى، وهي أسوأ قراءة منذ 2020، كما تراجع الاستثمار في التصنيع إلى4 بالمئة، بعد أن كان يقترب من10 بالمئة في وقت سابق من العام.

ولمعالجة هذا التباطؤ الهيكلي، اتخذت وزارة المالية خطوة تمثلت في السماح للمقاطعات بضخ 500 مليار يوان من حصص السندات غير المستخدمة لتعزيز الإنفاق المالي، مما يشير إلى وجود إمكانية لارتداد في استثمار البنية التحتية خلال الربع الأخير.

 التحول نحو الاستهلاك ومستقبل الخطط الخمسية

وأضاف التقرير: "يفرض التناقض بين مرونة الصادرات وانهيار الاستثمار ضغوطاً متزايدة على القيادة الصينية، التي تجتمع في "الجلسة العامة الرابعة" لمناقشة الخطة الخمسية القادمة. يُفهم أن هناك توجهاً متزايداً "لإعادة التوازن الاقتصادي نحو الاستهلاك المحلي" كآلية نمو مستدامة في مواجهة القيود الجيوسياسية المتزايدة.

ومع ذلك، يؤكد التقرير أن الانتقال نحو تحفيز الطلب المحلي يتطلب أولاً "استقرار سوق الإسكان". لذا، يُراقب المستثمرون عالمياً القرارات التي ستصدر عن هذا الاجتماع، لتحديد ما إذا كانت بكين ستضع ثقلاً سياسياً حقيقياً وراء خططها المعلنة لتعزيز الإنفاق في مجالات التعليم والتوظيف.

النمو يخفي ضعفاً عميقاً

في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج"، يرى طارق الرفاعي الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" أن النمو الصيني البالغ 4.8 بالمئة يخفي ضعفاً أعمق بكثير. وقال: "ويتمثل أكبر عامل مُعيق في انهيار سوق العقارات، الذي كان في السابق المحرك الرئيسي للنمو. فقد انخفضت قيم العقارات بشكل مُطرد على مدار خمس سنوات، مما أدى إلى تآكل ثروات الأسر، وإيرادات الحكومات المحلية، وثقة المستثمرين".

وأضاف: "وقد مثّلت شركات التطوير العقاري، مثل إيفرغراند وكانتري غاردن، حقبةً من الإفراط في البناء والتوسع المُمول بالديون، والتي انعكست الآن - على غرار فقاعة العقارات اليابانية في ثمانينيات القرن الماضي، والتي لم تستعد عافيتها أبداً وأدت إلى عقود من الركود".

وأشار الرفاعي إلى أن الصين، بدون قطاع العقارات، تُكافح لإيجاد مُحرك نمو جديد بنفس الحجم، وذكر أن التصنيع والصادرات لا يزالان قويين في بعض القطاعات - وخاصةً السيارات الكهربائية والتكنولوجيا الخضراء - لكنهما لا يُمكنهما تعويض خسارة بناء المساكن ومبيعات الأراضي بشكل كامل

بكين تبحث عن قوى إنتاجية جديدة  

وقال: "يهدف سعي بكين نحو قوى إنتاجية جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات إلى سدّ هذه الفجوة، لكن التقدم بطيء ومُقيّد بضعف الطلب العالمي والقيود التكنولوجية الأميركية".

وذكر الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" الرفاعي أن "الاستثمار الخاص انخفض إلى ما يقارب أدنى مستوياته خلال الجائحة لأن أصحاب الأعمال لا يثقون بالبيئة السياسية. وقد أدت الإجراءات الصارمة ضد شركات التكنولوجيا، والتحولات التنظيمية المفاجئة، وضغوط الانكماش المستمرة إلى تردد رواد الأعمال في التوسع. إن الثقة، وليس السيولة فقط، هي القضية الحقيقية".

ويبدو تركيز الخطة الخمسية الجديدة على الاستهلاك المحلي واعداً، لكن العوائق الهيكلية لا تزال قائمة: شيخوخة السكان، وانخفاض حصة دخل الأسرة، وارتفاع المدخرات بسبب حالة عدم اليقين، بحسب الرفاعي، الذي أوضح أنه في حال لم تعزز الصين شبكة الأمان الاجتماعي وتستعيد الثقة في القطاع الخاص، فإن المستهلكين سيواصلون الادخار بدلاً من الإنفاق.

وخلص إلى أن معدل النمو المعتدل في الصين يخفي تباطؤاً هيكلياً طويل الأمد متجذراً في انهيار سوق العقارات - على غرار العقود الضائعة في اليابان. وبدون نموذج نمو جديد موثوق، قد يستمر هذا التباطؤ لسنوات عديدة.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج" رداً على سؤال هل يُخفي نمو الصين بنسبة 4.8 بالمئة أزمة ثقة أعمق؟: " نعم، بعض الشيء، فنمو الصين بهذه النسبة في الربع الثالث من عام 2025، رغم أنه نمو مرتفع نسبياً مقارنةً بمستويات نمو الولايات المتحدة وأوروبا، قد يُخفي أزمة ثقة أعمق بسبب نقاط ضعف اقتصادية، بما في ذلك أزمة سوق العقارات المستمرة وضعف الاستهلاك المحلي، على الرغم من أن مرونة الصادرات والدعم الحكومي قد ساهم في التخفيف من حدة التباطؤ".

ويشير تباطؤ النمو والتحديات المحلية إلى احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي إذا لم تُحل هذه المشكلات، مما يجعل المرونة الظاهرة أقل استقراراً وربما هشة، بحسب وصفه.

عوامل أزمة ثقة

وتحدث حمودي عن العوامل التي تشير إلى أزمة الثقة وفقاً لمايلي:

* أزمة سوق العقارات: يُمثل الركود العقاري طويل الأمد عبئاً كبيراً على الاقتصاد، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار المنازل وشغور المباني.

* ضعف الاستهلاك المحلي: هناك دلائل على تراجع إنفاق المستهلكين، مما قد يُشير إلى "ركود استهلاكي" وضغط انكماشي.

عوامل المرونة

كما أشار الخبير الاقتصادي حمودي إلى بعض العوامل التي تظهر المرونة وفقاً لمايلي:

* صادراتٌ أقوى من المتوقع: حافظت الصادرات على مرونتها، حيث تجاوز النمو في بعض الأشهر التوقعات، حيث تُحوّل الصين تجارتها إلى أسواق بديلة، مما يُبقي بعض المصانع قيد التشغيل.

* الدعم الحكومي: تعتمد الحكومة استراتيجيات نموّ تقودها الدولة، مثل التركيز على الصناعات التكنولوجية، وقد وضعت هدفاً أعلى للنمو يبلغ حوالي 5 بالمئة لهذا العام، ويبدو أنها في طريقها لتحقيقه.

أما بالنسبة لمن يتساءلون عن مدى نجاح الخطط الخمسية الجديدة لتركيز الاقتصاد الصيني على الاستهلاك المحلي؟ فقال حمودي: "لا شك أن الصين قوة اقتصادية عظمى صاعدة، والحقيقة هي أن الصين اليوم ليست فقط الرائدة عالمياً بلا منازع في مجال الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، بل تحتكر أيضاً تقريباً سلاسل توريد المعادن النادرة اللازمة لبنائها".

وأضاف: "إنّ سيطرة الصين على هذه الموارد الرئيسية - والتي تُعدّ أيضاً حيويةً لصناعة الرقائق والذكاء الاصطناعي - تضعها الآن في مكانةٍ قويةٍ عالمياً. والأهم من ذلك، أن نلاحظ وجود رغبة سياسية في أن تكون الصين أكثر اعتماداً على نفسها في اقتصادها وتكنولوجيتها وحرية عملها. قد يفسر هذا سبب توجيه الخطط الخمسية للصين مؤخراً اهتمامها نحو التنمية عالية الجودة. وهذا يعني تحدي الهيمنة الأميركية في مجال التكنولوجيا ووضع الصين في طليعة هذا القطاع".

واختتم الخبير الاقتصادي حمودي بقوله: "إن قصص النجاح المحلية مثل تطبيق مشاركة الفيديو تيك توك، وعملاق الاتصالات هواوي، وحتى ديب سيك، نموذج الذكاء الاصطناعي، كلها شهادة على الطفرة التكنولوجية التي شهدتها الصين هذا القرن حتى الآن، لذا، قد يواجه الاقتصاد الصيني بعض التحديات، ولكن لن يعيق هذا بأي حال من الأحوال مسار نموه المستقبلي، وينبغي أن نتوقع إجراءات حكومية حاسمة وفعالة لمواجهة أي تحديات". 

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر هل يخفي نمو الصين أزمة ثقة أعمق بالاستثمار الخاص؟   .. في رعاية الله وحفظة

أخبار متعلقة :