انتم الان تتابعون خبر كيف يتعامل العالم مع أزمة الديون؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الخميس 23 أكتوبر 2025 10:20 صباحاً - تتصاعد المخاوف من أن تؤدي هذه المديونية المرتفعة إلى تقويض قدرة الحكومات على تمويل أولوياتها الأساسية، في وقت تتسع فيه فجوات الإنفاق العام وتتراجع هوامش الأمان المالي.
يأتي ذلك في وقت تُظهر فيه الاتجاهات الراهنة أن عبء الديون لم يعد مقتصراً على الاقتصادات الناشئة أو المتعثرة، إنما امتد إلى الدول الغنية التي تواجه ضغوطاً متزايدة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض، في ظل تباطؤ النمو وتزايد متطلبات الإنفاق الدفاعي والاجتماعي. ومع تراجع قدرة الأسواق على استيعاب المزيد من الإصدارات الحكومية، تتنامى المخاطر من عودة شبح الأزمات المالية العالمية.
وفي هذا السياق، يتعامل صناع القرار والمؤسسات الدولية مع أزمة الديون كأحد أكبر التحديات الاقتصادية لعقد كامل مقبل، ما يفرض البحث عن توازن دقيق بين ضبط العجز والحفاظ على النمو.
تقديرات صندوق النقد
بحسب صندوق النقد الدولي، فإن الدين العام العالمي من المتوقع أن يتجاوز 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029 ليصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 1948 ويستمر في الصعود. ويحث الصندوق الدول على بناء احتياطيات للحماية من المخاطر الاقتصادية.
رئيس إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي، فيتور جاسبار، يشير في التصريحات التي نقلتها "رويترز" إلى أن مستويات الدين العام العالمي قد ترتفع إلى 123 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد في ظل "سيناريو سلبي ولكن محتمل"، وهو أقل قليلا من أعلى مستوى على الإطلاق عند 132 بالمئة الذي تم الوصول إليه بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.
ويضيف:
- "من وجهة نظرنا فإن الوضع الأكثر إثارة للقلق هو الوضع الذي قد يشهد اضطرابات مالية".
- هذا من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق العنان لـ"حلقة الموت" المالية، مثل تلك التي حدثت أثناء أزمة الديون السيادية الأوروبية التي بدأت في عام 2010.
وفق جاسبار، فإن عدم اليقين يجعل الإصلاحات المالية أكثر أهمية من أي وقت مضى، وإن صندوق النقد الدولي يحث كل من الاقتصادات المتقدمة والدول النامية على خفض مستويات ديونها وتقليص العجز وبناء الاحتياطيات.
ويستطرد: "مع وجود مخاطر كبيرة في الأفق، من المهم أن نكون مستعدين، ويتطلب الاستعداد وجود احتياطيات مالية تسمح للسلطات بالاستجابة للصدمات المعاكسة الشديدة في حالة حدوث أزمة مالية".
وفي أحدث تقرير للمراقبة المالية، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصادات الغنية لديها مستويات دين عام أعلى بالفعل من 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو من المتوقع أن تتجاوز هذا المستوى، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والصين وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا.
وتعتبر المخاطر التي تواجهها منخفضة إلى متوسطة نظرا لأن هذه البلدان لديها أسواق عميقة للسندات السيادية وخيارات سياسية أكثر، في حين أن العديد من الأسواق الناشئة والبلدان ذات الدخل المنخفض لديها موارد أقل وتواجه تكاليف اقتراض أعلى، على الرغم من نسب ديونها المنخفضة نسبيا.
ويلفت غاسبار إن تكلفة الاقتراض اليوم أعلى بكثير مما كانت عليه في الفترة ما بين الأزمة المالية العالمية 2008-2009 وجائحة كوفيد-19 التي بدأت عام 2020. ويضغط ارتفاع أسعار الفائدة على الميزانيات في وقت تتزايد فيه المطالب بسبب التوترات الجيوسياسية، وتزايد الكوارث الطبيعية، والتقنيات المتطورة، وشيخوخة السكان.
وفي الولايات المتحدة، تجاوزت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ذروتها بعد الحرب العالمية الثانية أثناء جائحة كوفيد، ومن المتوقع أن تتجاوز 140 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد، كما قال غاسبار. ويوضح أن مسؤولي صندوق النقد الدولي سيحثون السلطات الأميركية على تثبيت الدين من خلال تقليص عجز الموازنة خلال المراجعة المقبلة للاقتصاد الأميركي التي تبدأ الشهر المقبل.
مستويات قياسية
من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- العالم يشد ارتفاعاً كبيراً في مستويات الدين العام، بالأخص بعد جائحة كورونا.
- الولايات المتحدة تمثل المثال الأبرز، إذ ارتفع دينها من نحو 23 تريليون دولار إلى أكثر من 38 تريليون دولار حالياً.
- صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ الدين العالمي نحو 100 بالمئة من الناتج الإجمالي بحلول عام 2029، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومات وعلى وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.
- بدلًا من أن تتجه الحكومات نحو الإنفاق الاستثماري لتعزيز النمو، ستضطر إلى تخصيص جزء متزايد من موازناتها لخدمة الديون وسداد الفوائد، مما سيؤدي إلى إبطاء النمو وتعثر بعض الاقتصادات، خاصة في الدول الناشئة التي تعاني من ضغوط مالية متزايدة.
ويتابع: حتى الدول المتقدمة ليست بمنأى عن هذه المخاطر؛ ففرنسا على سبيل المثال تواجه تحديات مالية متفاقمة بسبب ارتفاع العجز وتزايد حجم الدين العام، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن الاستدامة المالية.
ويشير يرق إلى أن العوائد على السندات الحكومية باتت مرتفعة رغم اتجاه البنك المركزي الأوروبي إلى خفض الفائدة إلى حدود 2 بالمئة، وكذلك توقعات المزيد من تخفيضات الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، موضحاً أن هذه الخطوات قد تخفف من حدة الضغوط مؤقتاً لكنها لن تلغيها تماماً.
ويختتم جو يرق تصريحاته بالتأكيد على أن العجز المالي وارتفاع الديون الحكومية يمثلان الخطر الأكبر على النمو الاقتصادي العالمي، وقد يشكلان الشرارة لأية أزمة مالية محتملة في المستقبل.
من يدفع "ديون العالم الغني"
يشير تقرير لـ "الإيكونوميست" إلى أنه "في كل مكان تقريباً في العالم الغني "تجد أن المالية الحكومية في حالة خراب".
التقرير يستدل بتزايد الديون في فرنسا (..).
- كذلك في اليابان، حيث رغبة الساسة في الإنفاق ببذخ، على الرغم من ديون طوكيو الضخمة.
- كما تواجه بريطانيا زيادات ضريبية كبيرة لسد ثغرة في ميزانيتها، بعد التخلي عن إصلاحات الرعاية الاجتماعية في الغالب وعلى الرغم من زيادة ضريبية مُفترضة نهائية العام الماضي.
- يلوح في الأفق عجز أميركا غير المُستدام البالغ 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يُفكر الرئيس دونالد ترامب في زيادته بمزيد من التخفيضات الضريبية.
ويشير التقرير إلى أن الدين العام في الدول الغنية يبلغ بالفعل 110 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (..) كما يوضح أن السياسيين يكافحون لتحقيق التوازن في ميزانياتهم، بينما لا يمكنهم تجنب ارتفاع فواتير الفائدة وزيادة الإنفاق الدفاعي؛ فالشيخوخة السكانية تُمارس ضغطًا انتخابيًا لا يُقاوم لتقديم المزيد من السيولة النقدية. كما أن زيادة الضرائب بنفس الصعوبة.
ويضيف التقرير:
- قد يأمل البعض أن يساعد نمو الإنتاجية، المدفوع بالذكاء الاصطناعي، الحكومات على تجنّب الخيارات المالية الصعبة، لكن هذا مجرد "أمنيات".
- الدول عادةً ما تتخلّص من دوامة الديون عبر توسيع قاعدة القوى العاملة، أو من خلال النمو السريع للاقتصادات الصغيرة الساعية للحاق بركب الاقتصادات الكبرى.
- غير أن التقنيات الثورية مثل الذكاء الاصطناعي لها قصة مختلفة؛ إذ يرتفع الإنفاق على المعاشات والرعاية الصحية عادةً مع نمو الدخل، ما يعني أن هذه النفقات ستقفز مع زيادة الإنتاجية في الدول ذات أنظمة الرفاه الكبرى.
- وشير النماذج الاقتصادية كذلك إلى أن أسعار الفائدة سترتفع أيضاً.
- وإذا أحدث الذكاء الاصطناعي طفرة هائلة في النمو، فإن الإنفاق الضخم الحالي على مراكز البيانات والرقائق سيزداد أكثر، ما يرفع الفوائد ويجعل خدمة الديون القديمة أكثر كلفة، وبالتالي يُلغي المكاسب المالية الناتجة عن تسارع النمو.
ولذلك، من المرجح بشكل متزايد أن تلجأ الحكومات إلى التضخم والسياسات المالية القمعية لتقليص القيمة الحقيقية لمديونيتها المرتفعة، كما فعلت بعد الحرب العالمية الثانية. فالآليات اللازمة لذلك موجودة بالفعل لدى البنوك المركزية التي تملك حضورًا واسعًا في أسواق السندات. وقد بدأ بالفعل سياسيون شعبويون مثل دونالد ترامب في الولايات المتحدة ونايجل فاراج في بريطانيا يهاجمون بنوكهم المركزية بمقترحات من شأنها إضعاف قدرتها على مقاومة التضخم.
الديون العالمية
بدوره، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- أزمة الديون السيادية المتفاقمة تمثل "مشكلة عالمية معقدة" يتعامل معها العالم من خلال مجموعة متكاملة من الأدوات تجمع بين التدخل الدولي المنسق والإصلاحات المحلية العميقة.
- الديون العالمية وصلت إلى مستويات قياسية تاريخية، مما يجعل أي صدمة اقتصادية جديدة ذات تداعيات خطيرة قد تهدد الاستقرار المالي لعدد كبير من الدول.
- على الصعيد الدولي، تلعب المؤسسات الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دوراً محورياً، فهي لا تقتصر فقط على تقديم الدعم المالي للدول المتعثرة، بل تسهم أيضاً في تسهيل المفاوضات بين الدول المدينة والدائنين، سواء كانوا دولاً أخرى أو من القطاع الخاص.
- هناك منصات دولية مثل مجموعة العشرين ونادي باريس توفر إطاراً عاماً لتنسيق عمليات إعادة هيكلة الديون، على غرار مبادرة "الإطار المشترك لمعالجة الديون"، التي تهدف إلى تسريع وتنظيم هذه العمليات للدول المؤهلة.
ويشرح سعيد أن الفكرة الأساسية في هذه المبادرات هي إعادة جدولة الديون عبر تمديد فترات السداد أو تخفيض قيمتها، بما يسمح للدول بالتقاط أنفاسها واستعادة قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
ويؤكد في الوقت نفسه أن الحل لا يقتصر على المساعدات أو الجدولة فقط، إذ تقع المسؤولية الأكبر على عاتق الحكومات التي يجب أن تنفذ إصلاحات هيكلية حقيقية، تشمل ضبط الإنفاق العام وتحسين تحصيل الإيرادات الضريبية دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.
كما يشدد على أن الشفافية والإفصاح الكامل عن حجم الديون وشروطها يمثلان حجر الزاوية في استعادة ثقة الأسواق والمقرضين، مشيراً إلى أن إخفاء بعض الديون أو عدم وضوح البيانات قد يؤدي إلى مفاجآت مالية خطيرة في المستقبل.
كما يوضح سعيد أن المرحلة الحالية شهدت ظهور حلول مبتكرة مثل مقايضة الديون، التي يتم من خلالها استبدال جزء من الديون بالتزامات بيئية أو تنموية، كتمويل مشاريع مرتبطة بالمناخ أو حماية التنوع البيولوجي، وهو ما يوفر حلاً مزدوجاً يخفف عبء الدين ويدعم في الوقت نفسه أهداف التنمية المستدامة.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن التحديات ما زالت كبيرة، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وتباطؤ النمو الاقتصادي، ما يزيد من صعوبة سداد الديون. كما أن عمليات إعادة الهيكلة قد تكون طويلة ومعقدة نتيجة تعدد الدائنين واختلاف شروطهم.
ويقول إن التعاون الدولي والتنسيق المستمر باتا ضرورة قصوى لتجنب أزمات نظامية كبرى قد تؤثر في الاقتصاد العالمي باكمله مشددا على ان المعادله الصعبه تكمن في تحقيق توازن دقيق بين حمايه حقوق الدائنين وضمان قدره الدول المدينه على تحقيق النمو والاستقرار الاجتماعي.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر كيف يتعامل العالم مع أزمة الديون؟ .. في رعاية الله وحفظة
أخبار متعلقة :