خيرية أحمد… المرأة التي حوّلت البساطة إلى فن وكتبت اسمها على جدار الكوميديا بلا منافس

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر خيرية أحمد… المرأة التي حوّلت البساطة إلى فن وكتبت اسمها على جدار الكوميديا بلا منافس في المقال التالي

أحمد جودة - القاهرة -  

لم تكن خيرية أحمد مجرد فنانة تجيد الإفيه، ولا ممثلة تعتمد على الضحكة السهلة أو الأداء الخفيف؛ كانت حالة فنية مختلفة، تمتلك مهارة نادرة في تحويل أبسط المواقف إلى لحظات مضيئة على الشاشة. كانت قادرة على أن تنتزع منك ابتسامة حتى لو كان المشهد عاديًا، وأن تمنح العمل كله روحًا إضافية بمجرد دخولها الكادر. موهبتها لم تكن في الصوت فقط، ولا في خفة الظل وحدها، بل في قدرتها على أن تُشعر المشاهد بأنها واحدة من الناس… قريبة، صادقة، وحقيقية بشكل يلامس القلب.

وفي الذكرى الرابعة عشرة لرحيلها التي تحل اليوم 19 نوفمبر، تعود خيرية أحمد لتتصدّر ذاكرة الفن من جديد، وكأن رحيلها لم يكن إلا لحظة عابرة في عمر طويل من الحب الذي تركته لجمهورها.

سمية التي أصبحت "خيرية"... حكاية اسم وملامح وموهبة

وُلدت الفنانة الراحلة باسم “سمية أحمد إبراهيم” قبل أن يتغيّر مسارها الفني والإنساني تمامًا لتصبح "خيرية أحمد". منذ خطواتها الأولى لم تكن تبحث عن البطولة المطلقة، بل عن متعة الأداء، عن الضحكة الصادقة، عن التفاصيل الصغيرة التي تصنع المشهد.
هي الشقيقة الصغرى للنجمة الكبيرة سميرة أحمد، لكنها لم تَعِش يومًا في ظل أحد؛ صنعت مسارها بنفسها، وصوتها، وبساطتها. أما قلبها فكان من نصيب المؤلف والفنان يوسف عوف الذي شكل معها ثنائيًا إنسانيًا بالغ الرقي.

من خشبة المسرح إلى أذن الجمهور… البدايات التي صنعت الأسطورة

بدأت خيرية أحمد من المسرح الحر؛ حيث خاضت تجارب مسرحية شكلت ملامحها الأولى مثل:مراتي بنت جن،عبد السلام أفندي

لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت عبر الراديو، حين انضمت إلى برنامج "ساعة لقلبك" في الخمسينيات؛ البرنامج الذي كان بوابة النجومية لجيل كامل. هناك اكتشف الجمهور ضحكتها المميزة، حسها الارتجالي، وسرّ خفتها التي لا تشبه أحدًا.

وعلى خشبة المسرح انتقلت بين فرق عديدة، من بينها فرقة إسماعيل يس والريحاني، وقدمت أعمالًا أصبحت من كلاسيكيات الكوميديا المصرية مثل:ممنوع الستات،العبيط،أختي سميحة،الطرطور،طبق سلطة

كانت مثل فاصل موسيقي داخل أي عرض، حضورها يأتي دائمًا بالراحة والضحكة والدفء.

خيرية أحمد في التلفزيون… تلك التي تركت بصمة لا تُمحى

عندما انتقلت للدراما التليفزيونية، لم تتخلَ عن روحها الأولى.
ظهرت في أدوار متعددة، أم، جدة، جارة طيبة، سيدة بخفة ظل، امرأة بسيطة… لكنها كانت دائمًا "خيرية" التي نعرفها:
قريبة من القلب، صادقة، لا تمثّل… فقط تعيش الدور.

من أبرز أعمالها التي علقت في ذاكرة المشاهد:قلب ميت،سلطان الغرام،أولاد الشوارع،علي يا ويكا،سوق الخضار،عفاريت السيالة

ولم يتوقف عطاؤها حتى بعد الرحيل؛ إذ عُرض لها بعد وفاتها أعمال مثل:أزواج في ورطة،فرح العمد
لتبقى رسالتها الفنية ممتدة حتى بعد أن غابت.

إرث خيرية أحمد… ضحكة تُعلّم وجيل يتربى على البساطة

لم تكن خيرية أحمد مجرد فنانة كوميدية؛ كانت مدرسة في الأداء الطبيعي، نموذجًا لفن لا يتصنع، لصوت يأتي من القلب فيصل إلى القلب.
وربما كان سرّ براعتها الأكبر هو أنها فهمت الجمهور… شعرت بهم… وعرفت كيف تبتكر لحظات السعادة داخل أكثر الأدوار بساطة.

وبعد 14 عامًا على رحيلها، ما زال المشاهدون يتداولون مشاهدها، وما زال حضورها طريًا، وكأن الزمن لم يمضِ.
رحلت خيرية الجسد، لكن خيرية الروح والفن ما زالت تسكن كل بيت يعشق الدراما المصرية الأصيلة.

 

 

أخبار متعلقة :