نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر مؤمن الجندي يكتب: هل حياد "إيناس" خيانة؟ في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - في لحظة انفعالٍ جماعي، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى محكمة شعبية، وأُطلقت السهام نحو زميلة صحفية من أعرق المؤسسات الإعلامية في مصر.. تُهمٌ جاهزة، وعبارات جارحة، ووصم بالخيانة، فقط لأنها – في نظر البعض – لم تُعطِ صوتها لمحمد صلاح.
لكن الحقيقة الباردة، المجردة، كشفت أن أربعة صحفيين فقط في العالم هم من اختاروا صلاح في المركز الأول: من مصر والأردن والبحرين وجنوب إفريقيا.. أي أن الزميلة إيناس مظهر لم تخرج عن الصف، ولم تُقصر في حق الوطن، بل كانت واحدة من القلائل الذين رفعوا اسم ابن بلدها في سباق "البالون دور".
إيناس مظهر صاحبة تاريخ مهني طويل، فكيف نختصره في إشاعة عابرة؟
لكن، دعونا نسأل أنفسنا بصدق هل الوطنية أن تمنح صوت لابن بلدك مهما كان؟ أم أن الوطنية الحقة تعني أن تؤدي عملك بضمير، وأن تضع المعايير المهنية فوق العاطفة، لتثبت للعالم أن مصر لا تساوم على صدقيتها الإعلامية؟
الوطن ليس شعارًا يُرفع عند أول اختبار، ولا بطاقة هوية تُشهر عند كل سباق.. الوطن كرامة وصورة أمام العالم، والوطنية أن تحافظ على هذه الصورة نقيّة، حتى لو بدا للناس أنك تقسو على "ابن بلدك".. بالبلدي لو يستحق لازم أختاره.
نحن نحب محمد صلاح، ونراه رمزًا للأمل والإلهام.. نحب فيه رحلة الكفاح التي بدأت من نجريج، وانطلقت حتى وصلت إلى ملاعب أوروبا، لكننا في الوقت نفسه ندرك أن أعظم ما يمكن أن نقدمه له ليس التصويت الإجباري ولا الانحياز الأعمى، بل الحفاظ على صورة مصر أمام العالم بأنها بلد يحترم المهنية، ولا يبيع صدقيته في سوق العاطفة.
إن صلاح لا يحتاج إلى شهادة ولاء من صحفي أو ورقة تصويت عابرة، بل يحتاج إلى وطن يقف وراءه، يقدره، ويحمي صورته من أن تتحول إلى مادة للانقسام والاتهامات. فإذا كان هو يقاتل في الملعب ليحافظ على اسمه، أفلا ينبغي أن نقاتل نحن بالكلمة النظيفة لنحافظ على صورة بلدنا؟
محمد صلاح نجم عالمي، تفتخر به مصر والعرب، ووجوده في سباق "الأفضل" هو شهادة له وللوطن.. وكنت أتمنى أن يفوز لكن الدفاع عن اسمه لا يكون بتشويه زملاء المهنة، ولا بإطلاق تهم الخيانة جزافًا، بل بأن نفهم أن الصحافة الحقيقية لا تُدار من وراء ستار المشاعر، بل من منصة الحقيقة.
فلنحترم المهنية، ولنصن كرامة الكلمة، ولنتذكر أن الوطنية لا تُختزل في ورقة تصويت، بل في عدالة الموقف، ونزاهة الضمير، وأمانة الصحفي الذي يُدرك أن بلاده أكبر من شخص، وأسمى من لقب.
في النهاية، رأيي أننا نختلف في الأسماء، وفي ترتيب القوائم، وفيمن يستحق المركز الأول أو الثاني.. لكن ما يجب ألّا نختلف عليه أبدًا هو أن مصر فوق الجميع، محمد صلاح سيبقى رمزًا يضيء درب الملايين، وإيناس مظهر ستبقى صحفية ترفع راية مهنتها بكرامة.. وبين صلاح والقلم، بين الإنجاز والحقيقة، يظل الوطن هو الكلمة الأولى والأخيرة… كلمة أكبر من كل الجوائز، وأبقى من كل التصنيفات.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
أخبار متعلقة :