العالم اليوم - الرياضة تتحول إلى صناعة تريليونية تتجاوز الترفيه

انتم الان تتابعون خبر الرياضة تتحول إلى صناعة تريليونية تتجاوز الترفيه من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الخميس 13 نوفمبر 2025 06:24 صباحاً - لم تعد الرياضة ترفاً أو نشاطاً ترفيهياً يندرج ضمن مظلة الإنفاق الاستهلاكي، بل أصبحت أحد المكونات الرئيسة للاقتصاد العالمي، وقطاعاً استثمارياً عالي الجدوى يوازي في حجمه اقتصادات دول متقدمة.

فوفقاً لبيانات حديثة، يبلغ حجم سوق الرياضة العالمي 507 مليارات دولار بحلول عام 2025، أي ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي لكلٍّ من الدنمارك وقبرص مجتمعين، ما يعكس حجم التحول من "الرياضة كهواية" إلى "الرياضة كصناعة".

وعند احتساب الأنشطة المساندة المرتبطة بها  مثل السياحة الرياضية، وصناعة المعدات، والخدمات اللوجستية، فإن القيمة الإجمالية للقطاع تتجاوز 2.6 تريليون دولار. كما سجلت مبيعات الملابس الرياضية في عام 2024 أكثر من 220 مليار دولار، بينما بلغت عقود الرعاية الرياضية ما يقارب 115 مليار دولار على مستوى العالم.

هذه المؤشرات تضع الرياضة ضمن أعلى القطاعات نمواً في الاقتصاد العالمي غير النفطي، خصوصاً مع توسع دخول الصناديق السيادية وصناديق الأسهم الخاصة إلى السوق. فقد جذبت صناعة الرياضة خلال العامين الماضيين استثمارات تفوق 31 مليار دولار، وفقاً لتقارير مؤسسات مالية دولية، فيما أشار "جي بي مورغان" إلى أن  واحد من كل خمسة مليارديرات الذين يتعامل معهم البنك يمتلكون اليوم حصصاً مباشرة في أندية أو مؤسسات رياضية، ما يجعلها أحد الأصول المفضلة ضمن محافظ الثروات الكبرى.

الشرق الأوسط.. صعود إقليمي بمعدلات تفوق المتوسط العالمي

تؤكد دراسة صادرة عن شركة الاستشارات العالمية "أوليفر وايمن" أن قطاع الرياضة في الشرق الأوسط يسجّل معدلات نمو سنوية تقدر بـ9 بالمئة ، متجاوزاً المتوسط العالمي البالغ نحو 6 بالمئة  وتشير الدراسة إلى أن المنطقة تمتلك فرصاً اقتصادية محتملة بقيمة 75 مليار دولار في هذا القطاع، مع خطط استثمارية معلنة تتجاوز 100 مليار دولار حتى عام 2034.

الرئيس الإقليمي لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط في شركة HILL International، وليد عبد الفتاح، أوضح في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على دوت الخليج أن "الرياضة أصبحت اليوم أداة استثمارية ذات عائد مركب، وليست نشاطاً ترفيهياً أو عملاً دعائياً".

وأضاف: "نحن نشرف حالياً على تنفيذ مشروعات ضخمة للبنية التحتية الرياضية في المنطقة، أبرزها المدينة الرياضية للنادي في القاهرة، التي تمثل نموذجاً لمفهوم المدينة الرياضية المتكاملة، فهي ليست ملعباً فحسب، بل منظومة اقتصادية تضم مراكز تدريب وتجارية وترفيهية، ما يخلق عوائد متداخلة تمتد إلى قطاعات البيع بالتجزئة والملابس الرياضية والعقارات التجارية".

السعودية ومصر والإمارات.. محاور استراتيجية في خريطة الاستثمار الرياضي

بحسب عبد الفتاح، يشكل الاستثمار في البنية التحتية الرياضية أحد المحركات الأساسية للتنويع الاقتصادي في المنطقة، خصوصاً في السعودية التي تشهد طفرة في بناء منشآت رياضية جديدة، بينها ملاعب البولو ومرافق الجولف، فضلاً عن تطوير مجمعات رياضية وسياحية موجهة لاستقطاب فعاليات دولية.

ويشير إلى أن الإمارات كانت من أوائل الأسواق التي تبنت هذا النهج من خلال دمج الرياضة بالاقتصاد التجريبي والسياحة الفعالية، حيث أصبحت فعاليات مثل بطولات التنس، والجولف، وسباقات الفورمولا 1 مكونات أساسية في معادلة الناتج المحلي غير النفطي.

أما في مصر وشمال إفريقيا، فيبرز عنصر الكثافة السكانية والشعبية الرياضية العالية كعامل جذب استثماري مهم، في ظل وجود طلب قوي غير مستغل بالكامل على البنية التحتية الرياضية الحديثة. ويؤكد عبد الفتاح أن "الأسواق الإفريقية والعربية تمتلك مزيجاً فريداً من الإمكانيات البشرية والعوائد المستقبلية، لكن المطلوب هو تسريع وتيرة تطوير الأصول الرياضية لاستيعاب هذا الطلب".

أثر الاقتصاد الرياضي على الناتج المحلي الإجمالي

التحليل الاقتصادي يشير إلى أن الأنشطة الرياضية الكبرى تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في الناتج المحلي الإجمالي للدول المستضيفة، عبر تنشيط قطاعات فرعية تشمل السياحة الداخلية والخارجية، النقل، الضيافة، تجارة التجزئة، والإعلام.

يقول عبد الفتاح: "رأينا خلال عامي 2024 و2025 أمثلة واضحة في الرياض ودبي وأبوظبي، حيث انعكست الأحداث الرياضية الكبرى على مؤشرات النشاط الاقتصادي المحلي، سواء عبر زيادة معدلات الإشغال الفندقي أو ارتفاع الإنفاق السياحي".

ويضيف أن "التكامل بين الفعاليات الرياضية والثقافية يعزز القيمة الاقتصادية المضافة، كما حدث في مصر عندما تزامنت البطولات الرياضية مع الفعاليات الثقافية مثل افتتاح المتحف المصري الكبير، ما رفع أعداد الزوار والإيرادات السياحية بنسبة لافتة".

هذا التكامل، وفق الخبير، يحتاج إلى تنسيق زمني واستراتيجي بين الفعاليات الكبرى لضمان تعظيم الاستفادة من "اقتصاد المناسبات"، الذي أصبح رافداً رئيساً للنمو في اقتصادات الخليج وشمال إفريقيا.

تحول في سلوك الاستثمار الرياضي

في سياق آخر، يلفت عبد الفتاح إلى تغير نوعية الاستثمارات الداخلة في القطاع، حيث لم يعد التركيز مقتصراً على الاستثمار المباشر في الأندية والمنشآت، بل اتسع ليشمل الاستثمار غير المباشر عبر أدوات مالية وصناديق متخصصة، إضافة إلى تطوير المناطق المحيطة بالمنشآت الرياضية كمشروعات عقارية وسياحية قائمة بذاتها.

ويقول: "هناك نوعان رئيسيان من الاستثمارات في الرياضة اليوم: الأول مباشر، يتعلق بتشييد البنية التحتية وإدارة المنشآت، والثاني تكاملي، يعتمد على النشاط الرياضي كمحرك رئيس لجذب استثمارات في قطاعات موازية، مثل العقارات والخدمات الترفيهية".

ويرى أن أسواق شمال إفريقيا ما تزال في مرحلة بناء القاعدة التحتية، بينما الخليج انتقل إلى مرحلة استثمار القيمة المضافة من خلال استضافة فعاليات دولية وتوسيع قاعدة المستهلكين.

تغير خريطة الرياضات الجاذبة للمستثمرين

وعلى الرغم من استمرار كرة القدم في صدارة الرياضات من حيث حجم الجمهور والعائد التجاري، فإن الرياضات المتخصصة والفاخرة بدأت تفرض حضورها كقنوات استثمارية بديلة.
يوضح عبد الفتاح أن "رياضات مثل البولو والجولف والمصارعة وكرة السلة الأميركية (NBA) تجذب فئة مختلفة من الجمهور ذي الإنفاق المرتفع، ما يخلق عوائد أعلى للفرد الواحد مقارنة بالرياضات الجماهيرية، رغم محدودية العدد".

هذا التباين، كما يوضح، يتيح للمستثمرين تنويع محافظهم ضمن القطاع الرياضي، بحيث يتم تحقيق التوازن بين الانتشار الواسع الذي توفره كرة القدم والقيمة السوقية العالية التي تقدمها الرياضات المتخصصة.

نقلة نوعية في شهية المستثمرين

يشير عبد الفتاح إلى أن الاستثمارات الخليجية والعربية في الأندية الأوروبية خلال السنوات الأخيرة ساهمت في نقل الخبرة وتوسيع شهية المستثمرين المحليين للدخول إلى القطاع الرياضي كمجال ذي جدوى اقتصادية عالية.

ويضيف: "بعض المستثمرين الإقليميين بدأوا في اقتناص فرص لتنظيم فعاليات محلية أو إقليمية تحمل عوائد مباشرة، وهو ما يشجع القطاع الخاص على الدخول بقوة أكبر خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً مع وضوح النماذج الربحية التي أثبتت نجاحها".

ويؤكد أن التحول في الرؤية الاستثمارية بات واضحاً: من الإنفاق بدافع الشغف أو الانتماء الرياضي إلى توظيف رأس المال الرياضي كأصل إنتاجي طويل الأجل قادر على تحقيق عوائد مالية واستراتيجية مستدامة، سواء من خلال حقوق البث أو مبيعات التذاكر أو العوائد العقارية والتجارية المرافقة للمنشآت.

الرياضة.. أصل إنتاجي في الاقتصاد الجديد

في ختام حديثه، شدد عبد الفتاح على أن "الرياضة لم تعد نشاطاً جانبياً في اقتصادات اليوم، بل أصبحت أصلاً إنتاجياً متكاملاً يرتبط بقطاعات الاقتصاد الحقيقي والخدمات الحديثة".
ويرى أن "الاستثمار في الرياضة يحقق ثلاث فوائد متوازية: أولاً، تعزيز الناتج المحلي الإجمالي عبر تحفيز الطلب الداخلي؛ ثانياً، تنويع القاعدة الاستثمارية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية؛ وثالثاً، تحسين الصورة الدولية للدول المستثمرة في هذا القطاع".

البيئة الإقليمية الحالية، بحسب تقديراته، مهيأة لتحويل قطاع الرياضة إلى أحد أعمدة الاقتصاد غير النفطي، مدعوماً بتوجهات حكومية واضحة، وتدفقات رأسمالية ضخمة من الصناديق السيادية والمستثمرين الأفراد.

وفي ظل هذا الزخم، يُتوقع أن يشهد العقد القادم تحولاً استراتيجياً في موقع الرياضة داخل خريطة الاقتصاد العالمي — من نشاط ترفيهي إلى قطاع إنتاجي يدر عوائد بمليارات الدولارات سنوياً، ويعيد رسم العلاقة بين الاقتصاد والثقافة والهوية الوطنية في آن واحد.

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر الرياضة تتحول إلى صناعة تريليونية تتجاوز الترفيه .. في رعاية الله وحفظة

أخبار متعلقة :