أحمد جودة - القاهرة -  

في مشهد إنساني مفعم بالتقدير والامتنان، شهدت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي احتفالية "الأب القدوة"، التي نظمتها الوزارة بالتعاون مع مؤسسة العربي للتنمية المجتمعية، لتكريم مجموعة من الآباء الملهمين الذين يمثلون نماذج مضيئة في العطاء والتربية ودعم الأسرة المصرية.

الاحتفالية التي أقيمت بمقر وزارة التضامن الاجتماعي، لم تكن مجرد حدث لتوزيع شهادات أو دروع تكريم، بل كانت رسالة رمزية قوية تعيد الاعتبار للأب المصري، ذلك الشريك الأول في معادلة الأسرة، الذي يزرع القيم في الأبناء ويغرس جذور الاستقرار في البيوت.

وزيرة التضامن: الأب عمود البيت وشريك في التربية لا غنى عنه

في كلمة مؤثرة، أعربت الدكتورة مايا مرسي عن فخرها بوجودها داخل وزارة "كتبت تاريخها المشرف لثمانية عقود"، لتحتضن اليوم احتفالية "الأب القدوة" بعد أن احتفت بالأم لسنوات طويلة، مؤكدة أن الأب والأم جناحان متكاملان في تربية الأجيال وصناعة المستقبل.

وقالت الوزيرة: "لا تظنوا أن السيدة التي وقفت لعشر سنوات مسؤولة عن المرأة المصرية لا تنحاز للأب، فوجود الأب والأم معًا هو ما يضمن أسرة مصرية متماسكة تساهم في بناء مجتمع قوي نفسيًا وأخلاقيًا."

وأضافت أن بيوتنا شركات قائمة على شريكين متكافئين، الأب ليس مجرد مصدر دخل، بل هو مرآة للأبناء في السلوك والقيم والاحترام، مؤكدة أن التربية المشتركة بين الأب والأم هي السبيل لتنشئة أجيال سوية تفخر بها مصر.

وشددت الوزيرة على أن مبادرة “الأب القدوة” تعبّر عن إيمان وزارة التضامن بأهمية تحفيز الآباء على أداء أدوارهم التربوية والعاطفية، وليس فقط المادية، مشيرة إلى أن تكريم النماذج الملهمة هو دعوة مجتمعية لنشر قيم العطاء والمسؤولية داخل الأسرة المصرية.

تكريم شخصيات ملهمة وأباء من مختلف المحافظات

وخلال الاحتفالية، كرّمت وزيرة التضامن مجموعة من الشخصيات العامة والاجتماعية التي كانت ولا تزال رموزًا للعطاء والالتزام والمسؤولية، منهم:

المهندس حسام القباني عضو مجلس إدارة جمعية الأورمان والرئيس الشرفي لها.

المهندس نيازي سلام مؤسس بنك الطعام المصري ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "مساجد".

الفنان الكبير محمد ثروت لما قدمه من أعمال فنية وإنسانية تركت أثرًا طيبًا في المجتمع.

أسرة الراحل الأستاذ كمال الشريف الذي لُقب بـ "رجل الوزارة الأول" لسنوات طويلة داخل وزارة التضامن.

الأستاذ أحمد حمدي مدير مديرية التضامن بالشرقية، كنموذج للإخلاص والتفاني في العمل.

أسرة الراحل السيد خالد عبد العال سائق شاحنة الوقود المعروف بـ "شهيد الشهامة".

مؤسسة العربي لتنمية المجتمع كنموذج رائد في المسؤولية المجتمعية المتكاملة.

كما تم الإعلان عن أسماء الفائزين بلقب "الأب القدوة 2025" في فئات متعددة:

فئة الأب الطبيعي: أحمد جاد (أسوان)، صابر سعيد (أسيوط)، السيد عبد الرحمن (الدقهلية)، علي نظير (الوادي الجديد)، والكاتب الصحفي محمد عبد الحافظ (القاهرة).

فئة الأب الكافل: محمود لبيب كيلاني (السويس).

فئة الأب لطفل من ذوي الإعاقة: محمد أحمد عطية (الإسماعيلية)، رسمي فوزي عزيز (البحر الأحمر)، وحسام محمود (مطروح).
كما كرّمت الوزيرة الأستاذ إيهاب عبد الوهاب (كفر الشيخ) كـ "معلم قدوة"، والأستاذ جاد الكريم سعد من العاملين بالوزارة الذي قضى 33 عامًا في خدمة العمل الاجتماعي بإخلاص نادر.

العربي: الأب هو الركيزة الأساسية لبناء الأسرة المصرية

من جانبها، أكدت الأستاذة صباح العربي، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة العربي لتنمية المجتمع، أن احتفالية "الأب القدوة" تأتي ضمن إيمان المؤسسة العميق بأهمية دور الأب في بناء الأسرة واستقرارها، مشيرة إلى أن الاحتفال بالنماذج المشرفة من الآباء يعيد للمجتمع قيم الاحترام والعطاء والمسؤولية.

وقالت العربي إن المؤسسة تسعى إلى دعم كل المبادرات الاجتماعية التي تعزز قيم التماسك الأسري والقدوة الحسنة، لأن الأسرة المستقرة – على حد وصفها – هي الأساس الحقيقي لتقدم الوطن وازدهاره.

نماذج من قلب مصر

تميزت الاحتفالية هذا العام بتنوع النماذج المكرّمة، فبين أب يعمل في أقصى الصعيد وآخر في أقصى الشمال، ومعلم أفنى عمره في التعليم، وأب كافل، وآخر يربّي طفلًا من ذوي الإعاقة، يجتمع الخيط المشترك بينهم جميعًا: القدوة في الفعل، لا في القول.

لقد قدّمت الوزارة ومؤسسة العربي من خلال هذا الحفل رسالة إنسانية عميقة:
أن البطولة ليست فقط في ساحات الحرب أو الملاعب، بل في دفء بيت صغير يُبنى على المحبة والمسؤولية والقدوة.

اختتمت وزيرة التضامن كلمتها برسالة مؤثرة قالت فيها "لدينا في كل بيت أبٌ يعمل ليل نهار ليعلّم أبناءه ويربيهم على الفضيلة، وآخر يغرس فيهم حب الوطن، وثالث يحرم نفسه من متعة الحياة ليمنحهم حياة كريمة. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون لمصر وعماد هذا الوطن."

وهكذا، غادرت القاعة الوجوه مبتسمة والقلوب ممتلئة بالفخر، بعد احتفالية جسّدت بصدق أن الأب المصري يستحق أن يُكرَّم كل يوم، لا مرة واحدة في العام.