انتم الان تتابعون خبر السودان.. كيف أجهض الإخوان محاولات التحول الديمقراطي؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الأربعاء 5 نوفمبر 2025 06:24 صباحاً - أثار تغول نفوذ جماعة الإخوان في السودان وتأثيرها على القرارات بالبلاد تساؤلات بشأن الأسباب العميقة التي حالت دون تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي ودوافع "الأيديولوجيا الإخوانية" التي أعادت إنتاج نفسها داخل مؤسسات الدولة والمجتمع تحت أقنعة جديدة.
محللون ومراقبون قالوا في حديثهم لموقع "دوت الخليج إن السودان ما زال أسير شبكة فكرية وتنظيمية معقدة زرعتها جماعة الإخوان في مؤسسات الدولة والمجتمع منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي لم تغادر المشهد مع سقوط نظام البشير بل أعادت إنتاج نفسها عبر واجهات مدنية ودعوية وثقافية لتُبقي البلاد تدور في فلك الصراع.
"أقنعة إخوانية"
ووفق دراسة نُشرت بجامعة أوبرن الأميركية، اعتمد الإخوان على بناء شبكة تنظيمية معقدة مكنتهم لاحقًا من السيطرة على الدولة عبر إنشاء منظمات مدنية وخيرية ظاهرها ديني وإنساني، لكنها كانت أذرعًا موازية للدولة تعمل على نشر الفكر الإخواني وترسيخ نفوذه داخل البنية الاجتماعية والسياسية.
ومن أبرز هذه الأذرع جمعية الدعوة الإسلامية ووكالة الإغاثة الإسلامية الإفريقية، وجمعية علماء السودان، إلى جانب منظمات شبابية وثقافية شكلت واجهة ناعمة لتمكين الجماعة من التغلغل المجتمعي بعيدًا عن الرقابة الحكومية.
وأوضحت الدراسة أنه في المجال التعليمي والثقافي ركز الإخوان على اختراق الجامعات والنقابات المهنية، فسيطروا لعقود على اتحادات الطلاب في جامعة الخرطوم وحولوها إلى منصات لتجنيد الكوادر كما أحكمت الجماعة قبضتها على المناهج الدراسية والاتحادات الطلابية والكوادر الإدارية، مما ضمن استمرار هيمنتها على إنتاج المعرفة والخطاب الثقافي في البلاد.
أما في المجال الاجتماعي والديني، فقد استخدم الإخوان الجمعيات الدعوية والخيرية كأدوات للتأثير والاختراق، إذ لعبت هذه المنظمات دور "بديل الدولة" في تقديم الخدمات، خصوصًا في مناطق الريف ودارفور، كما بسطت الجماعة سيطرتها على المساجد والمنابر الدينية، فحولت الخطاب الديني إلى أداة سياسية، وفق الدراسة الأميركية.
وخلص باحثون بجامعة كامبريدج، إلى أن الإسلاميين في السودان لم يعتمدوا فقط على العقيدة أو التعبئة السياسية، بل على هندسة اجتماعية واقتصادية شاملة جعلت من الدين والمال والتعليم أدوات لإعادة تشكيل المجتمع والدولة، مؤكدين أن فشل التحول الديمقراطي بعد سقوط البشير يرتبط مباشرة باستمرار هذه الشبكات الاقتصادية والثقافية والدينية التي أسسها الإخوان على مدى عقود.
فمنذ السبعينيات، استغل الإخوان تحويلات العاملين السودانيين في الخارج لتأسيس نظام اقتصادي موازٍ عبر "بنوك إسلامية"، التي مُنحت إعفاءات ضريبية وصلاحيات خاصة، وكانت بمثابة منصات للتجنيد الاجتماعي والسياسي، كما هيمنت الجماعة على اتحادات الطلاب في الجامعات الكبرى، وفي الوقت نفسه، استخدمت الجماعة المنظمات الدعوية والخيرية مثل منظمة الدعوة الإسلامية والوكالة الإسلامية للإغاثة لتوسيع نفوذها الاجتماعي والثقافي.
تغول على "مفاصل الدولة"
من باريس، اعتبر الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية فرانك فارنيل، في حديث لموقع "دوت الخليج" أن الإطاحة بعمر البشير عام 2019 كانت تعد على نطاق واسع فرصة للسودان ليفتتح فصلًا جديدا من الحكم الديمقراطي غير أن الآمال في إقامة حكومة مستقرة سرعان ما قُيدت بسلسلة من التحديات الكبرى كان أبرزها النفوذ المستمر والمتغلغل لجماعة الإخوان".
وأوضح فارنيل أن "الجماعة مارست هيمنتها الأكثر عمقًا وتعقيدًا عبر سيطرتها المحكمة على مؤسسات التعليم والثقافة والمجتمع والدين وهي التي شكلت قاعدة صلبة مقاومة لأي تحول ديمقراطي حقيقي.
وخلال عقود عملت الجماعة بشكل منهجي على التغلغل داخل نسيج المجتمع السوداني ومن خلال سيطرتها على الركائز الاجتماعية الرئيسية أسست ما يُعرف بـ"الدولة العميقة"، بحسب الأكاديمي الفرنسي الذي أوضح أن المدارس والجامعات كانت حواضن للتجنيد الفكري فقد جرى تعديل المناهج الدراسية بما يخدم الإسلام السياسي كما خضع تعيين أعضاء هيئة التدريس لمعايير الولاء السياسي".
وشدد على أن الوجود الواسع لشبكات الإخوان شكل عقبة هيكلية أمام السلطات الانتقالية بعد 2019، فكل محاولة إصلاح واجهت مقاومة منظمة من داخل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، إذ ضمت أجهزة الإدارة العليا العديد من المسؤولين الموالين أو المستفيدين من النظام القديم، ما أنتج حالة من الجمود حيث اضطرت الحكومة الانتقالية لمواجهة بقايا واضحة من البنية العسكرية والأمنية للنظام السابق إضافة إلى "الدولة العميقة" الإخوانية غير المرئية لكنها بالغة التأثير.
"غياب للديمقراطية السودانية"
ومن نيويورك ترى الخبيرة الأميركية في الأمن والاستراتيجية إيرينا تسوكرمان في حديث لموقع "دوت الخليج" أنه على مدى عقود استثمرت جماعة الإخوان بكثافة في مجالات التعليم والتنشئة الدينية والخدمات الاجتماعية لتبني هياكل سلطة موازية قادرة على الاستمرار والتأثير بعد أي تغيير سياسي".
وبيّنت أن المؤسسات الدينية ظلت قابعة في يد أنصار الجماعة وركيزة أخرى للسيطرة إذ هيمن الدعاة المقربون من الجماعة على المساجد والجامعات والمنصات الإعلامية واستخدموا خطب الجمعة والتعليقات الإعلامية لتصوير الديمقراطية على أنها فوضى والتسوية السياسية على أنها خيانة للدين مشيرة في الوقت ذاته إلى أن تأثير الجماعة امتد كذلك إلى النخبة السياسية نفسها إذ إن كثيراً من القادة تشكلت رؤيتهم في مؤسسات خضعت سابقاً لتأثير الإخوان وبالتالي مكّن نفوذ الإخوان من غياب أي توافق اجتماعي حقيقي حول معنى الديمقراطية.
دولة موازية
يؤكد الكاتب والمحلل السوداني عبد المنعم سليمان أنه منذ اليوم الأول الذي انقلب فيه الإخوان على النظام الديمقراطي في السودان عام 1989 شرعوا في بناء دولة موازية خاصة بهم داخل الدولة التي كانت قائمة آنذاك، واقتصاد مواز مقابل الاقتصاد الذي كان قائمًا.
هذه الهيمنة أوضحها سليمان بأنها شملت الاستحواذ على مفاصل التعليم والثقافة والمنابر الدينية والاجتماعية وصياغة الوعي العام وتخريب الذوق الفني والوجداني للمجتمع السوداني من خلال سياسة ما عُرف بأسلمة المجتمع".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل عكفوا على تعيين الكوادر الإدارية في الدولة وفق الولاء الأيديولوجي لا وفق معايير الخدمة العامة وعندما سيطروا تمامًا هدموا الدولة القديمة وأقاموا بدلًا منها دولتهم وأوجدوا طبقة جديدة من رجال الأعمال الموالين بعد أن أفقروا الرأسمالية الوطنية التاريخية، وأسسوا شركات وجمعيات وتسهيلات بنكية وضريبية موالية"، حسبما يؤكد الكاتب السوداني.
ولفت سليمان إلى أنه عندما اندلعت ثورة 2018، التي انتهت إلى تأسيس حكومة مدنية انتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، وجدت تلك الحكومة دولة عميقة عمرها ثلاثون عامًا متحكمة في مفاصل البلاد كافة، عملت على إعاقة الانتقال الديمقراطي.
الكارثة في رأي سليمان كانت في فصل جميع الضباط العسكريين الوطنيين، وإحلال ضباط إسلاميين بدلًا منهم مع تغيير المناهج والعقيدة العسكرية للجيش وتأسيس جهاز أمن ومخابرات تابع لهم بعد إلغاء الجهاز القديم، وإنشاء شرطة موالية لهم وكانت المحصلة دولة موازية تابعة لهم.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر السودان.. كيف أجهض الإخوان محاولات التحول الديمقراطي؟ .. في رعاية الله وحفظة
