نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر الفن في معركة النصر.. كيف خلدت الأغنية المصرية ملحمة السادس من أكتوبر؟ في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة -
تحل اليوم ذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيدة، ذلك الحدث الذي لم يغير فقط مسار التاريخ العسكري لمصر، بل أعاد تشكيل وجدان الأمة كلها ففي تلك الأيام الخالدة، كانت الأغنية المصرية سلاحًا لا يقل تأثيرًا عن صوت المدفع، تحمل رسائل الأمل والانتصار، وتبث روح الحماس في قلوب الجنود والشعب على السواء، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة الوطن.
الإذاعة المصرية.. منبر النصر وصوت الأمة
مع إعلان العبور العظيم في السادس من أكتوبر عام 1973، تحولت الإذاعة المصرية والاستوديوهات الفنية إلى خلية نحل لا تهدأ، إذ انطلقت عشرات الأغنيات الوطنية التي وُلدت في لحظة النصر وسُجلت في وقت قياسي وتشير بعض الروايات إلى أن الإذاعة المصرية سجلت أكثر من ثلاثين أغنية جديدة خلال أقل من ثلاثة أسابيع عقب الحرب، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم المشاركة الفنية والإيمان العميق بدور الفن في دعم الوطن.
وكان الملحن العبقري بليغ حمدي في طليعة المشاركين، فقد قدّم مجموعة من الألحان التي أصبحت رموزًا خالدة للنصر، منها "بسم الله.. الله أكبر" كلمات عبد الرحيم منصور وغناء المجموعة، والتي تحولت إلى نشيد رسمي يُذاع في كل ذكرى. كما تألقت وردة الجزائرية بأغنية "حلوة بلادي السمرا" التي جسدت بصدق حب الوطن ودفء الانتماء.
أما العندليب عبد الحليم حافظ فغنى بصوته المفعم بالوطنية "ابنك يقولك يا بطل" و"قومي يا مصر"، ليترجم بصدق عزيمة الجنود وإصرار الشعب على النصر. بينما قدمت شادية واحدة من أهم الأغنيات في تاريخ الفن الوطني، وهي "يا حبيبتي يا مصر" التي أصبحت فيما بعد نشيدًا شعبيًا للحب الصادق للوطن.
أصوات صنعت الوجدان
ولم تقتصر المشاركة على هؤلاء الكبار فحسب، بل شارك عدد كبير من الفنانين الذين آمنوا بأن الفن رسالة وطنية قبل أن يكون ترفيهًا، مثل محمد رشدي الذي قدّم أغنية "مصر فوق الجميع"، وفايدة كامل صاحبة الأغنية الشهيرة "على أرضها"، وكارم محمود الذي أنشد "الله أكبر فوق كيد المعتدي"، وهدى سلطان التي أبدعت في "احنا الشعب"، إلى جانب محرم فؤاد الذي تغنى بـ "الدم العربي" ومحمد ثروت الذي عبر عن فرحة الانتصار بأغنياته الحماسية التي رافقت ما بعد الحرب.
كما جاءت الأغنية الجماعية "رايات النصر" كلمات نبيلة قنديل وألحان علي إسماعيل لتجسد روح الوحدة الوطنية، إذ شارك فيها أصوات نسائية ورجالية امتزجت لتصنع لحظة فنية تُعبّر عن اتحاد المصريين جميعًا خلف راية الوطن.
الفن الشعبي.. صوت الناس البسطاء
وامتدت الموجة الوطنية إلى الأغنية الشعبية التي عبّرت ببساطة عن فرحة الناس، ومن أبرزها "وأنا على الربابة بغني" التي أدتها سعاد محمد، وأصبحت رمزًا للمرأة المصرية التي تساند الوطن بصبرها وصوتها ودعائها. تلك الأغاني لم تكن مجرد موسيقى، بل كانت نبض الشارع، تصدح بها الإذاعات والمقاهي والميادين، لتصبح رمزًا لصوت مصر المنتصر.
إرث خالد لا يزول
وبعد مرور أكثر من خمسة عقود على النصر، لا تزال تلك الأغنيات تبث في كل ذكرى، تحمل إلينا عبق تلك الأيام العظيمة وتعيد إلينا مشاعر الفخر والانتماء، لتؤكد أن الفن كان ولا يزال شريكًا في كل انتصار، وذاكرة الأمة التي لا تُمحى.