أحمد جودة - القاهرة - في خطوة جديدة لتعزيز منظومة الرعاية الصحية في مصر، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، عن قرب إطلاق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل في خمس محافظات جديدة، ضمن جهود الدولة لتوسيع نطاق التغطية الصحية وضمان وصول الخدمات الطبية لجميع المواطنين وفق أعلى معايير الجودة. 

جاء الإعلان خلال كلمته في افتتاح الملتقى الدولي السنوي السادس للهيئة العامة للرعاية الصحية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وسط حضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين والخبراء المحليين والدوليين في قطاع الصحة.

وأكد رئيس الوزراء في مستهل كلمته أن منظومة التأمين الصحي الشامل التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ ست سنوات في محافظة بورسعيد، تمثل إرادة الدولة في تحقيق إصلاح شامل للقطاع الصحي، وهو مشروع قومي يستهدف توفير خدمات صحية متكاملة لكل مواطن مصري، وضمان عدالة توزيع الرعاية الطبية، بما يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.

وأشار الدكتور مدبولي إلى أن الحكومة عملت خلال السنوات الماضية على تطوير القطاع الصحي بشكل كامل من خلال مسارات متوازية، شملت إعادة حوكمة القطاع الصحي عبر تشريعات وقوانين فعالة، وتطوير البنية التحتية للمنشآت الطبية، وتحسين توزيع الخدمات الصحية لضمان وصولها لكل مواطن، مع الاهتمام بالكوادر الطبية باعتبارهم الركيزة الأساسية للارتقاء بالمنظومة.

تطوير البنية التحتية والخدمات الصحية

وأكد رئيس الوزراء أن مصر شهدت نهضة غير مسبوقة في البنية التحتية الصحية، حيث تم إنشاء وتطوير أكثر من 1426 وحدة ومركز طب أسرة، و79 مستشفى في 24 محافظة، بالإضافة إلى 1255 مشروعًا ضمن خطة وزارة الصحة والسكان، لتسريع وتيرة تطبيق المنظومة على الأرض وفق البرامج الزمنية المقررة.

وأشار إلى أن المرحلة الأولى لمشروع التأمين الصحي الشامل استثمرت أكثر من 53 مليار جنيه، ووفرت أكثر من 100 مليون خدمة طبية في المحافظات الست التي شملتها، مع مراعاة أعلى معايير الجودة واعتماد أحدث التجهيزات الطبية، إلى جانب تطبيق أنظمة التحول الرقمي لمراقبة الأداء وتحسين الخدمات بشكل مستمر.

وأوضح رئيس الوزراء أن المنظومة لم تقتصر على الأرقام والإحصائيات فقط، بل أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث أُجريت عمليات زراعة قوقعة لأكثر من 150 طفلًا، واستفاد 24 مريضًا من عمليات زراعة الكلى، إلى جانب آلاف الخدمات في مجالات القلب، الأورام، العناية المركزة، وجراحات الأطفال الكبرى، لتأكيد أن المنظومة تهدف للوصول بالدعم الصحي لكل من يحتاجه بالكرامة التي يستحقها.

المرحلة الثانية واستثمارات جديدة

في إطار التوسع المستمر للمنظومة، أعلن رئيس الوزراء عن إطلاق المرحلة الثانية في خمس محافظات جديدة هي: المنيا، مطروح، دمياط، شمال سيناء، وكفر الشيخ، باستثمارات تصل إلى 115 مليار جنيه، ليصل إجمالي المستفيدين من التأمين الصحي الشامل إلى أكثر من 18 مليون مواطن. وأضاف أن هناك دراسة لإضافة محافظة الإسكندرية ضمن المرحلة القادمة، بما يعكس حرص الدولة على التوسع في التغطية الصحية وضمان وصول الخدمات لكل المواطنين.

وأكد الدكتور مدبولي أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بغير القادرين من خلال إعفاءهم من الاشتراكات، وتفعيل آلية التسجيل التلقائي بناءً على بيانات وزارة التضامن الاجتماعي، حيث شملت المرحلة الأولى نحو 905 آلاف مواطن غير قادر تتحمل الدولة اشتراكاتهم بالكامل، بنسبة تصل إلى 17.6% من إجمالي المسجلين، لتأكيد حرص الحكومة على العدالة الاجتماعية في توفير الرعاية الصحية.

نجاحات ملموسة ومؤشرات دولية

وأشار رئيس الوزراء إلى أن نجاح المنظومة انعكس على تحسين مؤشرات الصحة العامة للمواطنين، حيث ساهمت المبادرات الرئاسية في تقديم أكثر من 250 مليون خدمة طبية، وحصلت مصر على التصنيف الذهبي في القضاء على فيروس سي، كما تم إعلان مصر خالية من الملاريا والتراكوما والالتهاب الكبدي الفيروسي سي، وتجديد الإشهاد الدولي بخلو البلاد من الحصبة والحصبة الألمانية.

الشراكات والتعاون

واختتم الدكتور مصطفى مدبولي كلمته بالتأكيد على أهمية التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص والأهلي، لتأمين استدامة المنظومة وضمان تحقيق أهدافها، مشيدًا بدور الهيئة العامة للرعاية الصحية وجميع الشركاء والخبراء المشاركين في الملتقى، متطلعًا إلى صدور توصيات بنّاءة تسهم في تعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا في مجال الرعاية الصحية المتطورة والمستدامة.