الرياض - كتبت رنا صلاح - شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة تداولًا واسعًا لأنباء تشير إلى إلغاء نظام الكفيل في المملكة العربية السعودية، وهو النظام الذي ظل معمولاً به منذ خمسينيات القرن الماضي . هذه التطورات المحتملة تمثل نقطة تحول مفصلية في تاريخ سوق العمل السعودي، وتثير تساؤلات عديدة حول مستقبل العمالة الوافدة وآليات عملها ايخثخ بناء على ما تم الاعلان عنه رسميا من الجهات المختصة .
الإعلان عن تفاصيل جديدة بشأن إلغاء نظام الكفيل في السعودية .. ومفاجأة للراغبين بالعمل
تم إنشاء نظام الكفيل السعودي في الخمسينات بهدف تنظيم إقامة وعمل الوافدين، حيث كان يربط إقامة العامل مباشرة بصاحب العمل (الكفيل). منح هذا النظام صلاحيات واسعة للكفيل شملت إصدار التأشيرات وترتيب تنقلات العامل وحتى السيطرة على قدرته على مغادرة البلاد.
نظام الكفيل: من التنظيم إلى السجال الحقوقي
رغم أن النظام صمم أصلاً لتنظيم سوق العمل وتخفيف الأعباء الإدارية على الحكومة، إلا أنه واجه انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان الدولية التي اعتبرته يخلق اختلالاً كبيراً في موازين القوى بين العامل وصاحب العمل، مما يعرض العمال للاستغلال في بعض الحالات.
ما حقيقة إلغاء نظام الكفيل في السعودية؟
مع الضجة الإعلامية المصاحبة لأنباء الإلغاء، يبقى السؤال الأهم: ما مدى دقة هذه الأنباء؟ وفقاً للمعلومات المتاحة، لم تصدر أي جهة رسمية سعودية حتى الآن بياناً يؤكد الإلغاء الكامل للنظام. وقد أكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تصريحات سابقة أنها تعمل على تطوير نظام العمل وتحسين العلاقات التعاقدية لضمان حقوق جميع الأطراف، دون الإعلان عن إلغاء النظام بشكل قاطع.
الإصلاح التدريجي: تحول استراتيجي وليس إلغاءً فورياً
يشير خبراء سوق العمل إلى أن ما تشهده المملكة حالياً هو عملية إصلاح تدريجية تهدف إلى تحويل نظام الكفالة التقليدي إلى نموذج أكثر مرونة وعدالة. هذا التحول يتواءم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تطوير سوق العمل وجعله أكثر جاذبية للكفاءات العالمية.
لم يتم إلغاء نظام الكفيل بشكل رسمي بعد، بل يخضع لتطوير هيكلي متدرج يسعى لتحقيق توازن بين حماية حقوق العمالة الوافدة ومصالح أصحاب العمل، مع تعزيز الرقابة القانونية على سوق العمل.
برنامج تحسين العلاقة التعاقدية: خطوة نحو التحرير
في إطار مسيرة التطوير هذه، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامج "تحسين العلاقة التعاقدية" في عام 2021. مثلت هذه المبادرة نقلة نوعية نحو منح العمال حرية أكبر في التنقل بين الوظائف، وإلغاء العديد من القيود التي كانت مفروضة سابقاً مثل تأشيرة الخروج والعودة والخروج النهائي، مع الحفاظ على آليات قانونية تحمي حقوق أصحاب العمل في نفس الوقت.
يعكس هذا البرنامج الاتجاه الاستراتيجي للمملكة نحو تحرير سوق العمل ودمج أفضل للمواهب الدولية، مما يدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والتحول الوطني الطموح.
يبدو أن مستقبل سوق العمل في السعودية يتجه نحو نظام أكثر توازناً وعدالة، يحفظ حقوق جميع الأطراف ويدعم بيئة عمل جاذبة تتوافق مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.
