الرياض - كتبت رنا صلاح - يشهد المجتمع السعودي اليوم نقاشًا واسعًا حول واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية إثارة للجدل: زواج المسيار، فبين من يراه حلاً شرعيًا لظروف خاصة، ومن يعتبره بابًا لمشكلات قانونية واجتماعية متزايدة، ظهرت مؤخرًا إحصاءات صادمة تكشف أن أكثر من 60% من عقود زواج المسيار في المملكة غير موثقة رسميًا . هذه النسبة العالية لم تعد مجرّد رقم في تقرير، بل ناقوس خطر يدقّ أبواب آلاف الأزواج والزوجات الذين قد يجدون أنفسهم في مواجهة فراغ قانوني يهدد الحقوق والاستقرار الأسري معًا زلجوح بناء على ما تم الاعلان عنه رسميا من الجهات المختصة .
عقوبات غير مسبوقة .. السعودية تضرب بيد من حديد ضد مخالفات تأشيرة الزيارة
زواج المسيار في أصله زواج شرعي مكتمل الأركان من حيث المهر والشهود والرضا، ولا يختلف في جوهره عن الزواج التقليدي إلا في تنازل الزوجة عن بعض الحقوق مثل السكن أو النفقة. لكن المشكلة الكبرى لا تكمن في الشرعية، بل في التوثيق. فعندما يغيب التوثيق الرسمي، يصبح هذا الزواج أمام القانون مجرد علاقة غير مثبتة، لا تترتب عليها حقوق، ولا تُقبل في المحاكم إلا بصعوبة. هنا تظهر المفارقة الصادمة: زواج صحيح في نظر الشريعة قد يتحول في لحظة إلى مخالفة قانونية بسبب “ورقة مفقودة” أو تجاهل لإجراء بسيط كان يمكن أن يحمي الجميع.
زواج شرعي.. لكنه قد يتحول إلى مخالفة قانونية
الجهات الرسمية حذّرت بوضوح من هذا الخطر، مؤكدة أن “عدم توثيق عقد الزواج في المنصات الرسمية يُعدّ مخالفة تستوجب المساءلة”. آلاف الأزواج يعيشون اليوم هذا الواقع المعقد؛ زواج قائم وشرعي، لكنه غير محمي قانونيًا. ومع أي خلاف أو مطالبة بحق، تصبح الأمور أكثر تعقيدًا، إذ لا يوجد عقد معترف به يمكن الرجوع إليه.
القلق ينتشر.. والوعي القانوني في سباق مع الوقت
خلال السنوات الأخيرة، ومع توسّع استخدام زواج المسيار في المملكة، بدأت الجهات المختصة تتلقى بلاغات عديدة من زوجات لم يتم توثيق عقود زواجهن، ما تسبب في ضياع حقوق مالية أو أسرية. وفي المقابل، وجد كثير من الأزواج أنفسهم في مأزق قانوني بعد رفض الجهات الرسمية التعامل مع الزواج غير الموثق. هذه الوقائع المتكررة دفعت إلى إطلاق حملات توعوية واسعة تدعو إلى ضرورة التوثيق الرسمي عبر منصة "أبشر"، التي أصبحت البوابة القانونية الأساسية لتسجيل العقود وضمان الحقوق.
الخطوات المطلوبة ليست معقدة كما يظن البعض، لكنها تحتاج إلى جدّية والتزام. فهناك 8 خطوات أساسية لتوثيق عقد الزواج إلكترونيًا، إلى جانب خمسة شروط قانونية يجب توافرها حتى يُعتمد العقد رسميًا. الجهات المختصة أوضحت أن الهدف ليس التضييق على الأزواج، بل حماية الحقوق وضمان الشفافية ومنع التلاعب أو الغش الذي قد يحدث في بعض الحالات.
بين المؤيد والمعارض
النقاش حول زواج المسيار لم يتوقف عند المسائل القانونية، بل امتدّ إلى المجتمع نفسه. فالمؤيدون يرونه حلاً واقعيًا يناسب ظروفًا خاصة، مثل سفر الزوجة أو انشغال الزوج بأعماله في مدن مختلفة، ويؤكدون أن هذا النوع من الزواج يُسهم في تقليل العنوسة وتيسير الزواج دون تكاليف كبيرة. لكن المعارضين ينظرون إليه من زاوية أخرى؛ إذ يعتبرون أن زواجًا بلا توثيق هو زواج بلا ضمانات، وأن كثيرًا من النساء يجدن أنفسهن بعد سنوات من الارتباط في وضع هشّ قانونيًا، لا يضمن لهن النفقة أو الميراث أو حتى إثبات النسب في بعض الحالات.
بين الرأيين، تبقى الحقيقة واحدة: المشكلة ليست في نوع الزواج، بل في غياب التوثيق. فالتوثيق هو الحد الفاصل بين زواجٍ شرعيٍ مستقرّ وزواجٍ شرعيٍ بلا حماية.
