انتم الان تتابعون خبر أوروبا تخفض توقعات النمو في 2026.. ما الأسباب؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الخميس 20 نوفمبر 2025 11:16 صباحاً - يشهد الاقتصاد الأوروبي مرحلة دقيقة في ظل التحولات الجيوسياسية والضغوط التجارية العالمية، ما يدفع مؤسسات الاتحاد إلى مراجعة توقعاتها في ضوء بيئة دولية تزداد تعقيداً.
ومع تصاعد الحمائية وارتفاع الرسوم الجمركية على الصادرات الأوروبية إلى الأسواق الكبرى، تبدو آفاق النمو مرهونة بقدرة القارة على امتصاص الصدمات وتفادي تباطؤ أعمق في السنوات المقبلة.
في هذا السياق، تأتي التوقعات الاقتصادية الجديدة للمفوضية الأوروبية لتعكس مزيجاً من المرونة والقلق.
كما تُبرز البيانات الأخيرة هشاشة البيئة الاقتصادية المحيطة بالاتحاد، سواء بسبب التقلبات في أسواق المال العالمية أو التوترات السياسية الداخلية أو المخاطر المناخية الممتدة. وتؤكد هذه المعطيات أن اقتصادات الاتحاد تدخل مرحلة تتطلب سياسات أكثر حذراً ومرونة أكبر في مواجهة تحديات تتراوح بين ضعف التجارة الخارجية وتراجع الاستهلاك وتقلّص القدرة على الإنفاق، وهو ما يضع صانعي القرار أمام اختبار صعب للحفاظ على استقرار النمو واستدامته.
توقعات مُحدثة
رفع الاتحاد الأوروبي توقعاته بشأن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو هذا العام وسط نشاط مرن، على الرغم من أن التعريفات الجمركية الأعلى من المتوقع من المتوقع أن تثقل كاهل الكتلة في عام 2026.
- في تقريرها نصف السنوي عن التوقعات الاقتصادية، قالت المفوضية الأوروبية إن النمو في الأرباع الثلاثة الأولى من العام تجاوز التوقعات، مع استمرار الزخم في الأرباع المقبلة مدفوعا بارتفاع الاستهلاك الخاص والاستثمار.
- قالت المفوضية إنها تتوقع الآن أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو المكونة من 21 دولة - بما في ذلك بلغاريا، التي من المقرر أن تنضم إلى كتلة العملة في الأول من يناير - بنسبة 1.3 بالمئة هذا العام، ارتفاعًا من التوقعات السابقة بنمو 0.9 بالمئة ومقابل ارتفاع بنسبة 0.4 بالمئة في عام 2024.
- مع ذلك، خُفِّضت التوقعات بشكل طفيف لعام 2026 إلى 1.2 بالمئة من 1.4 بالمئة سابقًا.
وذكرت المفوضية أن البيئة العالمية الصعبة لا تزال تُلقي بظلالها على التوقعات، مع ميل المخاطر نحو الانخفاض. وأشارت إلى ارتفاع متوسط الرسوم الجمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة مقارنةً بما كان مُفترضًا في توقعاتها السابقة.
كانت التقديرات السابقة تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي المُصدّرة إلى الولايات المتحدة، قبل أن تُحدّد هذه الرسوم عند 15 بالمئة في اتفاقية تجارية أُبرمت خلال الصيف. وتفترض التقديرات الجديدة أن جميع الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة وقطاع ستكون سارية طوال فترة التوقعات.
في الوقت نفسه، يواجه الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية متوسطة أقل مقارنةً بالعديد من الاقتصادات الأخرى، بما في ذلك الصين والهند. وهذا يمنح اقتصاد الاتحاد الأوروبي ميزة نسبية، كما صرّح المفوض الأوروبي فالديس دومبروفسكيس.
وبالنظر إلى المستقبل، أشارت المفوضية الأوروبية أيضًا إلى المخاطر التي تُهدد النمو نتيجةً لتقلبات أسواق الأسهم، وخاصةً في قطاع التكنولوجيا الأميركي. كما أشارت إلى عدم اليقين السياسي المحلي والكوارث المناخية كتهديدات إضافية للنمو.
أمر طبيعي
من بروكسل، يقول خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- خفض الاتحاد الأوروبي لتوقعات النمو الاقتصادي يُعد أمرًا طبيعيًا في ظل الظروف الراهنة.
- دول الاتحاد واجهت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الأزمات المتتالية أثرت بشكل مباشر على أدائها الاقتصادي وقدرتها المالية.
- التداعيات المالية الكبيرة لجائحة كورونا شكلت البداية، ثم جاءت الحرب في أوكرانيا وما تبعها من التزامات مالية وعسكرية ضخمة قدّمتها دول الاتحاد دعماً لكييف، ما أدى إلى تخصيص مبالغ هائلة لمساندة الجيش والدولة الأوكرانية، وكذلك معالجة التحديات التي فرضتها الحرب على الاقتصاد الأوروبي.
ويضيف أن المفوضية الأوروبية اقترحت الاقتراض لتمويل جزء من تلك الالتزامات، الأمر الذي زاد الضغوط على الأوضاع المالية للدول الأعضاء، وأدى إلى تراجع قدراتها على الإنفاق، ما دفع الحكومات لتبني سياسات تقشفية أبطأت وتيرة النمو الاقتصادي.
ويؤكد بركات أن هذه المتغيرات انعكست على المواطنين الأوروبيين، حيث تراجعت القدرة الشرائية بشكل ملموس، وارتفعت أسعار المواد الأولية، كما شهدت القارة ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف المعيشة.
كما يشار إلى أثر حالة عدم اليقين المرتبطة بتداعيات رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية على أنها من العوامل التي تضفي مزيداً من الغموض بشأن الوضع الراهن.
تحديات
ونقل تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" ما ذكرته السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، والتي تشير إلى أن "البيئة العالمية لا تزال تشكل تحديا، لكن سوق العمل المرنة والقدرة الشرائية التحسن وظروف التمويل المواتية من شأنها دعم النمو الاقتصادي المعتدل".
ووفق التقرير، فإنه من المتوقع أن يستمر معدل التضخم في التباطؤ في عام 2026 إلى 1.9 بالمئة، وهو ما يزيد بشكل طفيف عن التوقعات السابقة البالغة 1.7 بالمئة، لكنه يظل في نطاق هدف الاتحاد الأوروبي البالغ 2 بالمئة.
سيُعوّض ارتفاع أسعار الطاقة انخفاض تضخم الخدمات والمواد الغذائية. وصرحت المفوضية الأوروبية بأن "تزايد الضغوط التنافسية من الواردات وارتفاع قيمة اليورو من شأنهما كبح جماح التضخم في السلع غير المرتبطة بالطاقة".
- من المتوقع أن تستقر أسعار المستهلك عند مستوى 2 بالمئة بحلول عام 2027.
- من المتوقع أن يستمر معدل البطالة في الانخفاض ليصل إلى 6.2 بالمئة في عام 2026 و6.1 بالمئة في عام 2027، مقارنةً بـ 63 بالمئة هذا العام. ويتماشى هذا مع انكماش عدد السكان في سن العمل في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
- ومن المتوقع الآن أن تسجل ألمانيا، أكبر مصدر في الاتحاد الأوروبي، نموا بنسبة 0.2 بالمئة هذا العام، مقارنة بالتوقعات السابقة التي أشارت إلى ركود الاقتصاد.
أشارت المفوضية إلى تزايد ثقة المستثمرين بأن الزيادة الحادة في الإنفاق المالي في ألمانيا ستعزز الاقتصاد.
ويشار إلى أنه في مارس وافق المشرّعون الألمان على حزمة تمويل تصل إلى تريليون يورو (1.162 تريليون دولار) للاستثمارات المدنية والدفاعية.
وفي ظل بيئة خارجية غير مؤكدة، أكد الاتحاد الأوروبي على ضرورة تعزيز الطلب المحلي لتعزيز قدرته التنافسية.
فقدان الزخم
من برلين، يقول خبير العلاقات الدولية والاقتصادية محمد الخفاجي، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- المفوضية الأوروبية خفّضت توقعاتها لنمو الاقتصاد الأوروبي خلال السنوات المقبلة، في ظل استمرار مجموعة من الضغوط التي تكبح الزخم الاقتصادي وتحد من قدرة القارة على استعادة وتيرة نمو قوية.
- هذا التعديل يعكس واقعًا أكثر حذرًا، خصوصًا مع بروز مؤشرات تباطؤ واضحة في قطاعات رئيسية داخل دول الاتحاد الأوروبي.
- التراجع الملحوظ في التجارة الخارجية كان من أبرز العوامل التي أثرت في توقعات النمو، إذ استفادت الصادرات الأوروبية لفترة وجيزة من تسريع الشحنات قبل تطبيق الرسوم الأميركية، إلا أن هذا التأثير المؤقت سرعان ما اختفى، ما أضعف توقعات الطلب الخارجي على المنتجات الأوروبية.
وعلى الصعيد الداخلي، تعاني الاقتصادات الأوروبية من ضعف في الاستهلاك المحلي، رغم تحسن نسبي في مستويات الدخل، إلا أن ارتفاع معدلات الادخار يعكس حذراً متزايداً لدى المستهلكين نتيجة انخفاض الثقة وتنامي المخاوف من تباطؤ اقتصادي أوسع داخل منطقة اليورو.
ويضيف أن ارتفاع تكلفة التمويل يفرض ضغوطًا إضافية على مستويات الاقتراض والاستثمار، ولا سيما لدى القطاعات الصناعية التي تواجه أيضًا عبئًا متزايدًا من ارتفاع أسعار الطاقة.
في المقابل، تجد الحكومات الأوروبية نفسها أمام موازنات مثقلة نتيجة زيادة الإنفاق في مجالات حساسة، ما يقلّص قدرتها على تبني برامج تحفيزية واسعة تدعم النشاط الاقتصادي.
ويلفت الخفاجي إلى أن هذه التحديات تنعكس مباشرة على وتيرة تحسن الأجور الحقيقية، ما يضعف ديناميكية الاستهلاك في الاقتصادات الكبرى داخل الاتحاد، خصوصًا في ألمانيا وفرنسا. كما أن بطء الاستثمار الصناعي في ألمانيا يبقى عاملاً حاسمًا في أداء الاقتصاد الأوروبي، نظرًا للدور المحوري الذي يشغله الاقتصاد الألماني في المنظومة الاقتصادية للقارة.
ورغم هذه الضغوط، يرى الخفاجي أن سوق العمل الأوروبي ما يزال مستقراً نسبياً، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى محدودية خلق الوظائف، وهو ما قد يترك تأثيراً سلبياً على القوة الاستهلاكية والنمو في الأمد المتوسط. ويرجّح أن تقود هذه التطورات إلى نقاشات أعمق داخل الاتحاد الأوروبي بشأن قواعد الموازنة وتوجيه الإنفاق نحو الابتكار والطاقة الخضراء.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن الاتحاد الأوروبي يدخل مرحلة نمو متواضع، تقودها تحديات في التجارة والاستهلاك والاستثمار، مشيرًا إلى أن تجاوز هذه المرحلة يتطلب إصلاحات هيكلية أعمق وزيادة في الاستثمارات الإنتاجية لضمان تعافٍ أكثر صلابة واستدامة.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر أوروبا تخفض توقعات النمو في 2026.. ما الأسباب؟ .. في رعاية الله وحفظة
