انتم الان تتابعون خبر صراع الدولار: الهيمنة تتآكل والبديل غائب من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الخميس 20 نوفمبر 2025 02:16 مساءً - تُشير تحليلات وتقارير اقتصادية ومالية إلى أن هيمنة الدولار الأميركي تمر بمرحلة تآكل ملحوظة، مدفوعة بتزايد التحفظات وعدم اليقين في أوساط قوى "الجنوب العالمي". هذا التراجع لا يعد تحولاً عابراً، بل هو نتيجة متراكمة لسلسلة من الممارسات الاقتصادية والجيوسياسية للولايات المتحدة.
ومن أبرز هذه الممارسات تسليح الدولار من خلال استخدام العقوبات كوسيلة ضغط، وفرض الرسوم الجمركية التي تطال الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء، بالإضافة إلى المخاوف المستمرة بشأن الارتفاع القياسي للدين الحكومي الأميركي والتحديات الموجهة لاستقلالية البنك المركزي.
هذه العوامل الداخلية والخارجية، المقترنة بالمنافسة المتصاعدة مع الصين وتفكك بعض التفاهمات الأمنية الإقليمية، تُشكل ضغوطاً هيكلية تدفع الاقتصاد العالمي نحو إعادة النظر في اعتماده على العملة الخضراء. ما يدفع للتساؤل فيما إذا أدت ممارسات أميركا الاقتصادية فعلاً إلى إضعاف قبضتها العالمية وفقدان "الجنوب العالمي" الثقة بالدولار؟
عوامل تآكل الثقة العالمية
ويكشف تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه دوت الخليج أن التآكل في هيمنة الدولار هو نتيجة لعوامل متضافرة تدفع الأسواق العالمية لإعادة تقييم مخاطر الاحتفاظ بالعملة الأميركية. من أبرز هذه العوامل هي الممارسات الأميركية المتمثلة في فرض الرسوم الجمركية على كل من الحلفاء والخصوم على حد سواء. يُضاف إلى ذلك، محاولات الضغط على استقلالية البنك المركزي الأمريكي، واستمرار تفاقم الدين الحكومي الذي يثير قلق المستثمرين حول استدامة الوضع المالي للولايات المتحدة.
وتشير البيانات إلى أن هذه الممارسات تُترجم مباشرة إلى فقدان الثقة في أوساط "الجنوب العالمي"؛ فبينما كانت حصة الدولار تمثل أكثر من 70 بالمئة من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية في بداية القرن، تُشير الأرقام الحالية إلى انخفاضها إلى أقل من 60 بالمئة.
ويستنتج التقرير أن "استخدام الدولار كأداة للسياسة الخارجية قد سرّع من وتيرة التحول عن العملة الأميركية. وثبت أن الولايات المتحدة مستعدة لاستغلال مكانة الدولار لفرض نفوذها الجيوسياسي، الأمر الذي يُعد تحذيراً لا يمكن للدول التي تمتلك فوائض مالية ضخمة تجاهله. هذا التحول يعني أن العملة التي كانت تُعتبر في الماضي (درعاً) لحماية الأصول، أصبحت اليوم (سيفاَ) موجهاً لفرض الإرادة السياسية".
وفي سياق متصل، يشير التقرير إلى أن "التنافس الجيوسياسي المتصاعد مع الصين وتآكل الالتزامات الأمنية الإقليمية يساهمان في تأجيج حالة عدم اليقين بشأن سلامة الاستثمارات الموجهة نحو الغرب".
تراجع "تخمة المدخرات" والبحث عن بدائل
ونوه التقرير بأن المعطيات الاقتصادية تشير إلى أن فرضية "تخمة المدخرات العالمية" التي كانت تفسر انخفاض تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة لم تعد سارية كما كانت.
ففي الماضي، كانت الدول التي تحقق فوائض تجارية ضخمة، مثل الصين، تعيد تدوير تريليونات الدولارات في سوق الدين الأميركي. هذه التدفقات كانت تُخفض تكاليف الاقتراض الأميركية بحدود نصف نقطة مئوية، مما وفّر مليارات الدولارات للمقترضين.
إلا أن هذه الديناميكية تتغير جذرياً، فقد توقفت الصين فعلياً عن شراء الدولارات وقد تتجه مستقبلاً لبيعها. كما تشهد دول أخرى انخفاضاً في الفوائض النقدية التي كانت تستثمرها في سندات الخزانة الأميركية، نتيجة لتوجيه الأموال نحو مشاريع ضخمة محلية والتحول نحو استثمارات ذات مخاطر أعلى مثل الأسهم والعقارات، بدلاً من الإقراض للحكومة الأميركية.
ويستخلص تقرير الوكالة الأميركية أن المسار المستقبلي لحيازات الدولار يتجه نحو الانخفاض، وإن كان تدريجياً في بعض الحالات. ويُشير إلى أن الصين قد تحولت نحو نظام تعويم مُدار لعملتها، مما يقلل بشكل كبير من حاجتها لتكديس الأصول الدولارية السائلة. مع الترجيح بأن حصة الدولار في احتياطيات الصين قد تنخفض من 58 بالمئة حالياً إلى 24 بالمئة بحلول عام 2050، مدفوعة بزيادة دور اليوان في التجارة العالمية.
ومع ذلك، تبقى إمكانية "الانفصال المالي السريع" قائمة في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية، على غرار ما حدث مع روسيا التي خفضت حصة الدولار في احتياطياتها بشكل كبير خلال سنوات قليلة، وهذه التحولات تُنذر بنهاية عصر التدفقات المالية الأجنبية السهلة نحو الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض محلياً وتفاقم عبء الدين، وبالتالي تضييق الخيارات السياسية والاقتصادية أمام واشنطن، وفقاً للتقرير.
الرفاعي: لا بديل موثوق للدولار حتى الآن
في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج قال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية"، طارق الرفاعي: "يميل الحديث عن تراجع الدولار إلى الارتفاع كل بضع سنوات، عادةً بعد صدمة جيوسياسية أو تحول في احتياطيات البنوك المركزية. تُجادل الجولة الأخيرة بأن الصين دول الجنوب العالمي الأوسع تتراجع بهدوء عن الأصول الأميركية، مما يُضعف من هيمنة الدولار. هناك حقيقة في هذا الاتجاه، إذ لا يمكن تجاهل النقطة الأهم بأنه لا تنخفض عملات الاحتياطي العالمية لمجرد فتور المعنويات، بل تنخفض عندما يرتفع بديل موثوق. واليوم، لا يوجد بديل كهذا".
وأضاف: "كان بإمكان اليورو أن يكون منافساً، لكن أوروبا لم تُحقق الوحدة السياسية والمالية اللازمة لمواكبة حجم سوق سندات الخزانة الأميركية وسيولتها. لا تزال منطقة اليورو تفتقر إلى أصول آمنة مشتركة وأسواق رأس مال عميقة عابرة للحدود. إلى أن يتغير هذا الوضع، لن تتمكن من تثبيت مدخرات العالم".
كما أن اليوان أبعد من ذلك بكثير، حيث تُحافظ الصين على ضوابط صارمة على رأس المال، ونظام مالي مغلق، وبيئة قانونية لا يثق بها المستثمرون الأجانب تماماً. بينما تتطلب عملة الاحتياطي الشفافية وسيادة القانون وحرية نقل الأموال من وإلى، وبكين لا تقدم أيًا من ذلك، بحسب الرفاعي، الذي أوضح أن جهود الصين الأخيرة لتسييل المزيد من المعاملات التجارية باليوان تُعدّ ذات جدوى هامشية، لكنها لا تكفي بأي حال من الأحوال لاستبدال الدولار.
العملات المشفرة ليست مرشحة
وأشار الرفاعي إلى أن العملات المشفرة ليست مرشحة أيضاً فهي متقلبة، وتفتقر إلى دعم الملاذ الأخير للإقراض، وتظل غير خاضعة للتنظيم في معظم الولايات القضائية. لن تُودع الحكومات تريليونات من الأصول التي قد تتقلب قيمتها بشكل حاد في يوم واحد.
وخلص الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية"، الرفاعي إلى أن "الدولار قد ينخفض من 70 بالمئة من الاحتياطيات إلى مستوى أدنى. قد يواجه منافسة أكبر في التجارة والمدفوعات. لكن الهيمنة لا تنتهي إلا بظهور بديل، ولا يوجد منافس اليوم يُضاهي حجم أميركا وسيولتها وعمقها المؤسسي. على الرغم من جميع عيوبه، يظل الدولار الخيار الأقل عيوباً في العالم.
حمودي: هيمنة الدولار تواجه مقاومة متزايدة من جهاتٍ متعددة في العالم
بدوره، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج": "من الحقائق الثابتة أن الدولار الأميركي، لأكثر من ثمانية عقود، تربّع على عرش العملة الاحتياطية العالمية - وهو موقفٌ ترسَّخ في مؤتمر بريتون وودز عام ١٩٤٤، وعزَّزته القوة الصناعية الأميركية وهيمنة أميركا العسكرية بعد الحرب".
وأضاف: "اليوم، تواجه هذه الهيمنة مقاومةً متزايدةً من جهاتٍ متعددة في العالم، شرقاً وغرباً. مع تراجع الثقة العالمية في إدارة واشنطن للنظام المالي الدولي، قد يبدأ أخيراً التحوّل الذي طال انتظاره إلى عالمٍ نقديٍّ متعدد الأقطاب".
لكن الحقائق هي أن أكثر من 58 بالمئة من الاحتياطيات العالمية لا تزال بالدولار - وما يقرب من 90 بالمئة من جميع عمليات تبادل العملات لا تزال تنطوي عليه. إذ أن تأثير شبكة الدولار، وأسواق رأس المال العميقة، والنفوذ الجيوسياسي هائلة، بحسب تعبيره.
ومع ذلك يرى حمودي أن هذه الهيمنة تقوم على الثقة - الأساس الحقيقي لأي عملة - وهذه الثقة آخذة في التآكل، وأضاف: "ما نشهده ليس انهياراً، بل هو تحوّل. قد ينشأ نظام نقدي متعدد الأقطاب خلال السنوات القليلة المقبلة، مع اعتماد الكتل الإقليمية على العملات الوطنية أو الجماعية، بدءاً من اليوان الصيني والروبية الهندية وصولًا إلى أدوات مالية محتملة مدعومة من دول إيكو الأفريقية ومجموعة بريكس".
والسؤال ليس ما إذا كان الدولار سيفقد هيمنته، بل متى سيحدث ذلك؟ ويجيب الخبير الاقتصادي حمودي بقوله: "التحدي الذي تواجهه واشنطن الآن هو ما إذا كانت ستُصلح النظام المالي وتُشارك فيه، أم ستتمسك بامتيازات عفا عليها الزمن حتى يمضي العالم قدماً بدونه، ولنتذكر أن الدولار وُلد في عالمٍ كانت فيه الولايات المتحدة تتمتع بقوة صناعية وثقة. لكن العالم الآن مختلف. تستعيد دول العالم سلطتها النقدية، مُشككة في قواعد لعبة لطالما حُوِّلت لصالح واشنطن".
وختم حمودي بقوله: "لذا أعتقد أن التخلي عن الدولرة لا يُشكل تهديداً للاستقرار العالمي. إنه إعادة توازن تتطلب العدالة والإنصاف. لم يعد الجنوب العالمي يطالب بالتغيير، بل يُطبِّقه. إذا لم تُدرك الولايات المتحدة هذا، فإنها تُخاطر ليس فقط بعملتها، بل بنفوذها العالمي أيضاً. أي الإصلاح أو التراجع، فالأمر ليس مسألة احتمالات، بل مسألة متى. قد يستغرق الأمر 10 أو 20 عاماً أو أكثر، ولكن من المؤكد أن هذا الاتجاه قد بدأ".
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر صراع الدولار: الهيمنة تتآكل والبديل غائب .. في رعاية الله وحفظة
