دبي - احمد فتحي في الأحد 2 فبراير 2025 07:11 مساءً - محمد أحمد ويارا الجنايني _ أكد المهندس باسل شعيرة المدير العام لشركة بولاريس باركس ورئيس شعبة التطوير الصناعي باتحاد الصناعات المصرية، أن السوق الصناعية تشهد حاليًا نشاطًا ملحوظًا في طرح الأراضي الصناعية، حيث قامت هيئة التنمية الصناعية بطرح مساحات كبيرة من الأراضي عبر النافذة الاستثمارية، بالتوازي مع استمرار المطورين الصناعيين في تخصيص الأراضي بوتيرة جيدة، لا سيما في مدينة أكتوبر الجديدة، ما يعكس ديناميكية إيجابية في القطاع خلال الفترة الراهنة.

وأشار شعيرة في تصريحات لجريدة «دوت الخليج»، إلى أن الحلول العاجلة لتوفير أراضٍ صناعية مرفقة تكمن في تبني نموذج المطور الصناعي، الذي أثبت فاعليته في جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير بيئة الأعمال داخل المناطق الصناعية.

وأوضح أن المطور الصناعي لا يقتصر دوره على توفير الأراضي فحسب، بل يمتد إلى إدارة وتشغيل المشروعات الصناعية بكفاءة، مما يضمن استدامة المرافق وجودة الخدمات التشغيلية، مثل الصيانة والإدارة الفنية والبنية التحتية، وهي عناصر أساسية لضمان استمرارية الإنتاج ورفع تنافسية المشروعات الصناعية.

أضاف إن التعامل المباشر بين المستثمر والمطور الصناعي يساهم في تقليل التعقيدات البيروقراطية، حيث يتولى المطور تسهيل الإجراءات الحكومية، مما يختصر الوقت اللازم لبدء التشغيل ويعزز مناخ الاستثمار.

وفيما يتعلق بلجوء بعض الشركات إلى التصنيع لدى الغير كبديل لحين ترفيق الأراضي الصناعية، أوضح شعيرة أن هذا النموذج يُعد آلية تشغيلية قصيرة المدى، تتيح للمصانع الصغيرة أو الشركات الناشئة إنتاج سلعها داخل مصانع قائمة دون الحاجة إلى إنشاء خطوط إنتاج مستقلة.

ويرى أن هذا النموذج لا يمثل حلًا استراتيجيًا لتطوير القطاع الصناعي، بل هو فقط خيار تكتيكي لتلبية احتياجات السوق في فترات معينة، لكنه لا يغني عن الحاجة إلى ترفيق المزيد من الأراضي الصناعية وإنشاء مصانع جديدة لضمان نمو القطاع الصناعي على المدى الطويل.

وحول الاتجاه نحو الاستحواذ والاندماج في المصانع القائمة، أكد رئيس شعبة التطوير الصناعي باتحاد الصناعات، أن هذه العمليات تُعد ممارسة طبيعية ومستمرة في الأسواق العالمية، ولا ترتبط بفترة زمنية محددة، بل تعكس ديناميكية الاستثمار والتوسع في مختلف القطاعات، سواء الصناعي أو العقاري أو السياحي.

الطلب على الأراضي يتزايد.. والصين وتركيا وألمانيا أبرز المستثمرين الجدد

وأشار إلى أن السوق تشهد طلبًا قويًا على الأراضي الصناعية، مدفوعًا بموجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية، خاصة من الصين وتركيا وبعض دول الخليج، فضلًا عن مستثمرين من ألمانيا والولايات المتحدة.

الملابس الجاهزة والهندسية والدوائية أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار

ولفت إلى أن أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات الصناعية تشمل الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة، فضلًا عن الصناعات الهندسية، والدوائية، والغذائية، التي تشهد طلبًا متزايدًا على الأراضي الصناعية خلال الفترة الأخيرة.

ونوّه شعيرة بأن المشهد الاستثماري العالمي يشهد تحولات جوهرية قد تتيح لمصر فرصة لاستقطاب استثمارات جديدة، خاصة في ظل السياسات التجارية الحمائية التي تتبناها بعض الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة.

وأوضح أن فرض قيود جمركية جديدة أو تقييد الاستيراد من دول معينة يدفع الشركات العالمية، لا سيما الصينية، إلى البحث عن بدائل استثمارية لتأمين وصولها إلى الأسواق الكبرى، مثل السوق الأمريكية.

وأكد أن مصر، إذا ما تمكنت من تهيئة بيئة استثمارية جاذبة، يمكنها استقطاب جزء من هذه الاستثمارات، خاصة في ظل موقعها الاستراتيجي وقدرتها على النفاذ إلى أسواق متعددة من خلال اتفاقيات التجارة الحرة.

وفيما يتعلق بالحوافز المطلوبة لجذب الاستثمارات الأجنبية، شدد شعيرة على أن المستثمرين لا يبحثون عن إعفاءات ضريبية بقدر ما يحتاجون إلى استقرار السياسات الاقتصادية والتشريعية.

استقرار الضرائب والقوانين أكثر أهمية للمستثمرين من الحوافز المالية

وأوضح أن المستثمر يفضل وضوح الرؤية فيما يتعلق بالنظام الضريبي والقوانين الحاكمة لفترة زمنية طويلة، بما يتيح له إعداد دراسات جدوى دقيقة دون التعرض لمخاطر التغييرات المفاجئة في السياسات.

وتابع أن تبسيط الإجراءات الحكومية وتحقيق قدر أكبر من الديناميكية في التعامل مع المستثمرين يظل عاملًا أكثر أهمية من تقديم الحوافز المالية، حيث يساهم في تسريع عمليات التأسيس والتشغيل، وهو ما تبحث عنه الشركات العالمية عند اتخاذ قراراتها الاستثمارية.

وعن خريطة المناطق الصناعية الأكثر جذبًا للاستثمارات، ذكرالمدير العام لشركة بولاريس باركس أن مدن العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر لا تزال في مقدمة الوجهات الصناعية، ومن المتوقع أن تنضم إليها مناطق أخرى مثل العاصمة الإدارية وبرج العرب، خاصة مع تطور البنية التحتية في هذه المناطق.

وأوضح أن المناطق الصناعية القائمة تظل أكثر جاذبية من إنشاء مناطق جديدة، نظرًا لما تتمتع به من بنية تحتية متكاملة وتوافر العمالة المدربة، مشيرًا إلى أن التوسع في المناطق الحالية، مثل «أكتوبر الجديدة»، يُعد نموذجًا ناجحًا لتعظيم الاستفادة من المناطق الصناعية القائمة.

وعن إمكانية التوسع في إنشاء المناطق الصناعية بالمناطق الصحراوية، أكد شعيرة أن هذا الأمر يواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بتوافر العمالة والبنية التحتية.

وأوضح أن الصناعة تعتمد على منظومة متكاملة تشمل الأيدي العاملة، والخدمات اللوجستية، وشبكات النقل، وهو ما يجعل التوسع في المناطق النائية تحديًا حقيقيًا يتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استدامة المشروعات الصناعية في تلك المناطق.