نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر رئيس جامعة القاهرة للفجر: نسعى لاقتصاد معرفي وريادة مصر في الذكاء الاصطناعي في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تأتي جامعة القاهرة في صدارة المؤسسات الأكاديمية التي تتبنى فكرًا استباقيًا لتوظيف العلم في خدمة التنمية الوطنية، حيث استطاعت الجامعة أن تكون أول من يطلق استراتيجية وطنية متكاملة للذكاء الاصطناعي في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط، في خطوة غير مسبوقة تعكس وعيها بدور الجامعات في بناء المستقبل الرقمي للدولة المصرية.
وخلال مؤتمر جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي، الذي أقيم برعاية كريمة من دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وبحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أيمن عاشور، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، ومحافظي القاهرة والجيزة، أجرى موقع دوت الخليج هذا الحوار الخاص مع الأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، الذي تحدث بصراحة عن أهداف المؤتمر، واستراتيجية الجامعة في دعم البحث العلمي التطبيقي، ودورها في ربط الأكاديميا بالصناعة، ورؤيته لبناء اقتصاد قائم على المعرفة.
س: في البداية، نود أن نتحدث عن هذا المؤتمر وأهدافه الاستراتيجية بالنسبة لجامعة القاهرة؟
في الحقيقة، هذا المؤتمر يمثل تتويجًا لجهود جامعة القاهرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو أحد أهم مخرجات استراتيجية الجامعة للذكاء الاصطناعي التي أطلقناها في أكتوبر 2024، لتكون أول استراتيجية من نوعها في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط. الفكرة الأساسية هي أن يكون هناك منبر علمي دولي سنوي يناقش أحدث التطورات في الذكاء الاصطناعي ويربط بين الأوساط الأكاديمية والقطاع الصناعي.
نحن نؤمن بأن هذا المجال لم يعد رفاهية، بل هو ضرورة قومية، لأنه يرتبط بكل القطاعات الحيوية في الدولة، من التعليم والصحة إلى الصناعة والزراعة، بل وحتى الإعلام والقانون.
س: هل كان الهدف من تنظيم المؤتمر فقط علميًا وأكاديميًا؟
بالتأكيد لا، الهدف أعمق من ذلك. نحن نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى تبني نهج شامل يجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من بنية الدولة الإنتاجية والمعرفية. من هنا جاءت فكرة أن تتبنى جامعة القاهرة مشروعات طلابها المتميزة في هذا المجال، وندعمها من خلال شركة جامعة القاهرة بالتعاون مع شركاء من القطاع الصناعي، بحيث تتحول هذه الأفكار إلى منتجات حقيقية تساهم في خدمة المجتمع ودفع عجلة الاقتصاد الوطني.
نحن لا نريد فقط أن نُخرج باحثين، بل نُخرج مبتكرين ورواد أعمال قادرين على تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية.
س: ما أبرز ما يميز هذه الدورة من المؤتمر؟
هذه الدورة شهدت مشاركة واسعة من الوزارات والهيئات الحكومية والشركات التكنولوجية العالمية، إلى جانب نخبة من الباحثين المصريين والأجانب. كما ركزنا على الجانب التطبيقي للذكاء الاصطناعي، من خلال ورش العمل والجلسات الحوارية التي تناولت استخداماته في مجالات متعددة مثل الطب، والزراعة، والهندسة، والاقتصاد، والعلوم الإنسانية والاجتماعية.
الجامعة حرصت على إشراك جميع الكليات في فعاليات المؤتمر، إيمانًا بأن الذكاء الاصطناعي ليس حكرًا على تخصص دون آخر، بل هو علم تكاملي يمكن توظيفه في جميع المجالات.

س: وكيف ساهمت الكليات المختلفة داخل الجامعة في فعاليات المؤتمر؟
بالفعل، لاحظنا مشاركة متميزة من مختلف كليات الجامعة. كانت هناك جلسات حوارية لكليات الآداب، والحقوق، والطب، والزراعة، والعلوم، والاقتصاد والعلوم السياسية، وغيرها. كل كلية قدمت رؤيتها في كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في تخصصها.
فمثلًا، كلية الطب عرضت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر للأمراض، والزراعة تناولت استخدام النماذج الذكية في تحسين الإنتاج الزراعي، بينما ناقشت كلية الحقوق الأبعاد القانونية والأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
هذا التنوع يعكس النهج الشامل الذي تتبعه جامعة القاهرة، ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي هو لغة المستقبل لجميع التخصصات.
س: هل لدى الجامعة خطة طويلة المدى لتطوير هذا المؤتمر ليصبح حدثًا مؤثرًا على المستوى الدولي؟
نعم، نحن نعمل على أن يكون المؤتمر حدثًا دوليًا سنويًا ذا طابع مؤسسي دائم. لدينا رؤية لتطويره عامًا بعد عام، ليصبح منصة تجمع الخبراء من الجامعات والمراكز البحثية والشركات الكبرى لمناقشة الاتجاهات الحديثة في الذكاء الاصطناعي.
كما نخطط لتوسيع التعاون مع المؤسسات الدولية وتوقيع شراكات بحثية مشتركة، وهو ما يعزز مكانة جامعة القاهرة في التصنيفات العالمية كمركز رائد في البحث والتطوير.

س: ذكرتم أن الجامعة تعمل على وثيقة سياسات شاملة.. هل يمكن أن توضحوا لنا ملامحها؟
بالفعل، نحن نعد وثيقة سياسات وطنية شاملة تتناول جميع الجوانب المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، سواء من حيث التشريعات أو البنية التحتية الرقمية أو آليات تمويل البحث العلمي.
تهدف الوثيقة إلى رسم خارطة طريق توضح كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم الابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز الشراكات مع الشركات التكنولوجية، سواء كانت كبرى أو ناشئة.
كما تركز الوثيقة على الفرص والتحديات المستقبلية، وكيف يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة التعليم وتحسين الخدمات الحكومية والإنتاجية.
س: كيف تنعكس هذه الجهود على طلاب الجامعة؟
طلابنا هم محور اهتمامنا، ولذلك نعمل على دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية بمختلف الكليات، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل لتعريفهم بأحدث التقنيات والبرمجيات.
كما نتيح للطلاب فرصة المشاركة في مشروعات بحثية تطبيقية، وتقديم أفكارهم المبتكرة ليتم دعمها ماديًا ولوجستيًا من الجامعة وشركائها.
هدفنا أن يكون كل طالب في جامعة القاهرة مهيأ لسوق العمل الرقمي، وأن نُخرج جيلًا قادرًا على قيادة التحول التكنولوجي في مصر والعالم العربي.

س: وماذا عن رسالتكم للطلاب في ختام المؤتمر؟
رسالتي واضحة: المستقبل ملك لمن يملك المعرفة. الذكاء الاصطناعي هو لغة العصر، ومن يتقنه سيكون له السبق في سوق العمل.
أنصح طلابنا بأن يتسلحوا بالعلم والمعرفة، وأن يشاركوا في الفعاليات التي تنظمها الجامعة، سواء كانت مؤتمرات أو ورش عمل أو مسابقات بحثية.
نحن نوفر لهم كل الدعم، ولكن يبقى الدور الأكبر عليهم في استثمار الفرص والسعي الدائم للتعلم والتطوير، لأن ما ينتظرهم في المستقبل يتطلب عقلًا منفتحًا وطموحًا لا حدود له.
في نهاية الحوار، يؤكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق أن ما تسعى إليه جامعة القاهرة اليوم ليس مجرد تطوير أكاديمي أو بحثي، بل تحول استراتيجي شامل يجعلها نموذجًا للجامعة الذكية القادرة على المساهمة الفعلية في بناء اقتصاد معرفي متكامل.
فمن خلال رؤيتها في الذكاء الاصطناعي، ومنصاتها البحثية، وتعاونها الوثيق مع القطاع الصناعي والتكنولوجي، ترسم الجامعة طريقًا جديدًا نحو التنمية المستدامة القائمة على الابتكار والمعرفة.
ويعكس مؤتمر الذكاء الاصطناعي هذا العام روح القيادة الأكاديمية لجامعة القاهرة، التي لم تكتفِ بأن تكون جامعة عريقة في تاريخها، بل أرادت أن تكون أيضًا رائدة في مستقبلها.
وفي ظل دعم الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبتعاون كامل من الحكومة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تسير الجامعة بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للتميز العلمي، وقاطرة فكرية تقود التحول الرقمي لمصر الجديدة.