الرياض - كتبت رنا صلاح - أوضح الشيخ سعد بن تركي الخثلان، الأستاذ بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمدرس بالحرمين الشريفين، أن استخدام سيارات الجولف في الطواف والسعي أمر جائز حتى في حال عدم وجود عذر، مبينًا في الوقت ذاته أن الأفضل للمسلم أن يؤدي هاتين الشعيرتين مشيًا عندما يكون قادرًا على ذلك. ويشير الشيخ إلى أن الرأي الراجح لدى العلماء أن لا مانع من استعمال سيارات الجولف لأداء الطواف والسعي، إلا أن المبادر إلى المشي يُعد أولى وأفضل إذا تيسر للمرء ذلك وكان في استطاعته.
أحد مشايخ الحرمين يوضح حكم الطواف والسعي بسيارات الجولف
وذكر الشيخ أن الأصل في مشروعية الطواف والسعي راكبًا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس مشروطًا بوجود عذر كمرض أو عدم قدرة. واستدل بأحاديث وسيرة النبي، التي ورد فيها أنه طاف وسعى راكبًا أثناء حجة الوداع، حين تجمهر حوله الناس فاختار إتمام الطواف على بعيره ليتمكن الحجاج من رؤيته والاحتذاء بفعله. كما أشار إلى أنه حين اشتكت أم سلمة رضي الله عنها أمرها النبي أن تطوف راكبة على بعيرها، وهو ما يدل على جواز الطواف والسعي راكبًا حتى في غير حالات الضرورة، لكن يبقى المشي هو الأفضل عندما يكون المسلم في صحة وقدرة كافية.
وأضاف الشيخ الخثلان أن مسألة استخدام وسائل المواصلات الحديثة مثل سيارات الجولف للطواف والسعي تعتبر من النوازل المعاصرة التي تثير تساؤلات، برغم أن أصلها الفقهي قديم. وبين أن المستحدث في الأمر هو ظهور سيارات الجولف في مسارات الطواف والسعي، مما دفع العديد للاستفسار عن الحكم الشرعي بشأنها. وأوضح أن الفقهاء المتقدمين بحثوا مسألة الطواف والسعي راكبًا بشكل موسع، وأجمعوا على جواز ذلك لمن لديه عذر شرعي مثل المرض أو العجز عن المشي، سواء استخدم عربة أو حُمل على الأكتاف، أما إذا كان الشخص غير معذور فقد اختلف العلماء.
وأشار إلى أن هناك قولين رئيسين لدى أهل العلم حول الموضوع عند عدم وجود عذر: الأول ما ذهب إليه جمهور الحنابلة، حيث يرون أن الأصل في الطواف والسعي أن يكونا مشيًا وبالتالي لا يجوز فعلهما راكبًا لغير ذي عذر إلا للضرورة. أما القول الثاني، وهو رأي الشافعية، فيعتبر الطواف والسعي راكبًا جائزًا حتى في عدم وجود عذر، ويرون أن الأهم هو أداء الشعيرتين بصرف النظر عن الكيفية، سواء أكان الشخص ماشيًا أم راكبًا، معتبرين أن الغاية هي الإتيان بالفعل المشروع بحد ذاته، لا الطريقة.
وختم الشيخ بأن استعمال المركبات الحديثة كالسيارات الصغيرة الخاصة بنقل الحجاج في الطواف والسعي، يدخل في حكم الركوب الذي سبق وأن أُبِيح في النصوص وسيرة السلف، لكنه شدد على أن الحرص على اتباع السنة واغتنام أجر المشي أفضل للمسلم القادر، مما يعكس فقهًا يوازن بين التيسير واتباع الهدي النبوي.