انتم الان تتابعون خبر إرث من نار.. هل تكتب حرب غزة الفصل الأخير في مسيرة نتنياهو؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الجمعة 10 أكتوبر 2025 07:20 صباحاً - الحرب لم تكن مجرد مواجهة عسكرية مع حركة حماس، بل كشفت عن هشاشة التحالفات الداخلية، وضغوط الشارع الإسرائيلي، وتحديات دبلوماسية إقليمية معقدة.
في هذه الأثناء، صعدت الأصوات في الداخل الإسرائيلي والخارجي لتقييم أداء الحكومة والجيش، مع مخاوف متزايدة من تداعيات هذه الحرب على مستقبل نتنياهو السياسي.
استناداً إلى تحليلات ومداخلات مجموعة من الخبراء والمحللين في دوت الخليج، يمكن تتبع محاور متعددة تشكل الإطار العام لفهم مصير نتنياهو، بدءاً من استراتيجياته الداخلية، مروراً بعلاقاته مع الإدارة الأميركية، وصولاً إلى تداعيات الحرب على حماس والفكر السياسي الفلسطيني.
أفق البقاء السياسي
أشار نديم قطيش، مدير عام قناة دوت الخليج، خلال حديثه إلى أن نتنياهو ما زال يمتلك أدوات البقاء السياسي بفضل خبرته الطويلة في إدارة الأزمات وتحويل الهزائم إلى انتصارات ذات أبعاد رمزية.
في تحليله، قال قطيش: "تذكروا الانتخابات الأميركية، حين انتخب المواطنون ترامب، واليوم العالم يتساءل عن خياراتهم. نتنياهو أمام اختبار مشابه، لكنه يمتلك قدرة فريدة على إعادة إنتاج نفسه وتحالفاته السياسية كلما حاصرته الأزمات".
ويركز قطيش على عامل العلاقة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كعنصر حاسم في حسابات نتنياهو، معتبرًا أن الدعم الأميركي لا يقتصر على الرعاية السياسية، بل يمتد إلى إعادة تسويق نتنياهو دولياً وإقليمياً.
ويبرز قطيش أن نتنياهو قدم "أكبر هدية لترامب" عندما مهد الطريق لضرب إيران، عبر استطلاع بالنيران كشف عن الرد الإيراني الهزيل، ما شجع ترامب على اتخاذ قرار عسكري بشأن البرنامج النووي الإيراني.
كما اعتبر قطيش أن ترامب، في إطار حساباته الانتخابية، يركز على نتائج ملموسة وسريعة في الملفات الخارجية، مثل غزة، لتقديم إنجازات رمزية أمام الناخب الأميركي، بغض النظر عن عمق هذه النتائج أو جدواها الاستراتيجية. في هذا السياق، فإن مستقبل نتنياهو السياسي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمقدار انسجامه مع أجندة ترامب، وهو ما يعطيه هامشاً للبقاء السياسي في الداخل الإسرائيلي، رغم الانتقادات الشديدة والاحتجاجات الشعبية.
حماس بين الحسابات الخاطئة والمستقبل المجهول
انتقل النقاش إلى التداعيات على القطاع الفلسطيني، حيث ركّز عماد الدين أديب، المحلل السياسي في دوت الخليج، على البعد النفسي والاجتماعي للحرب في غزة، وتأثيرها على الجيل الجديد من الفلسطينيين.
أشار أديب إلى أن تجربة فقدان العائلات والأطفال للمنزل والحياة الطبيعية ستترك أثراً طويل المدى على وعي هذا الجيل، مشيراً إلى أن “الطفل الذي فقد نصف عائلته سيصبح زبوناً محتملاً لحماس المقبلة”، في حال لم يتم تقديم بدائل سياسية واجتماعية فعالة.
ومع ذلك، يرى أديب أن فكرة حماس كحركة سياسية تواجه "موتاً سياسياً"، لأنها اختارت التصعيد المسلح دون مشروع سياسي واضح أو أفق دبلوماسي.
وقال: "الفكرة لا تموت فقط إذا اختفت الأيديولوجيا، بل إذا لم توجد بيئة سياسية حاضنة تستوعبها. حماس وقعت على شهادة وفاة السياسة حين اختارت العمل المسلح اليومي دون أي مشروع سياسي مستقبلي".
يقارن أديب تجربة حماس بتجارب دول انهزمت عسكرياً أو سياسيًا، مثل اليابان وإمبراطورية ألمانيا السابقة، مؤكداً أن "الفكر السياسي لا يبقى حيًا إذا لم يجد بيئة تدعمه"، ما يضع حماس أمام تحديات وجودية أكبر من مجرد الهزيمة العسكرية.
هذه الرؤية تقدم منظوراً متوازناً يربط بين الحرب الميدانية والتأثير النفسي والاجتماعي والسياسي على الأجيال القادمة في القطاع.
الحسابات الأميركية وإعادة رسم المشهد
من زاوية أخرى، ركّز موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية، على الدور الذي تلعبه الإدارة الأميركية في إعادة صياغة الحسابات الإقليمية، وخصوصاً علاقة حماس بقراءة المشهد السياسي الأميركي.
اعتبر حرب أن الحركة الفلسطينية ارتكبت أخطاء جسيمة في تقييم ردود الفعل الإسرائيلية والأميركية، قائلاً: "ربما لو كان ترامب في البيت الأبيض، لما تجرأت حماس على القيام بما قامت به. ضعف بايدن الظاهر شجّع الحركة على المغامرة".
ويرى حرب أن نتنياهو، على الرغم من الفوضى، ما زال يحظى بأكبر سجل من الإنجازات العسكرية منذ حرب 1967، وهو ما يمنحه قدرة محدودة على امتصاص الضغوط الداخلية. لكنه يلمح إلى أن الرئيس ترامب هو اللاعب الأبرز في المشهد، حيث يعمل على تصوير كل إنجاز إسرائيلي ضمن سياق حساباته الانتخابية والشخصية، ويجعل من نتنياهو أداة في إعادة بناء صورة إسرائيل دولياً، بدلاً من أن يكون محور الإنجازات المستقلة.
تؤكد قراءة حرب على نقطة جوهرية: الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني اليوم لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل أصبح جزءاً من استراتيجية أميركية أكبر تهدف إلى إعادة رسم الحسابات الإقليمية، مع الحفاظ على صورة قيادية موحدة لإسرائيل، وهو ما يعطي نتنياهو هامشاً سياسياً مؤقتاً لكنه هشّ.
الجمهور الداخلي وإدارة الصورة
في الداخل الإسرائيلي، يكشف نضال كناعنة، محرر الشؤون الإسرائيلية، عن الديناميات النفسية والسياسية للجمهور الإسرائيلي تجاه نتنياهو.
يصف كناعنة نتنياهو بأنه “حوّل السياسة إلى عبادة شخصية”، حيث يقف أنصاره معه مهما كانت النتائج، بينما يظل المعارضون على موقفهم الرافض بلا أي تأثر بالإنجازات.
يشير كناعنة إلى أن نتنياهو يخشى المحاسبة الشعبية أكثر من القضائية، فبينما يعرف كيف يماطل في المحاكم، لا يستطيع إطالة أمد المحاسبة الجماهيرية في الشارع. وأضاف أن استمرار الحرب يخدم مصالحه في التهرب من المحاكمة، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات متزايدة من قِبل أحزاب اليمين المتطرف، مثل بن غفير وسموتريتش، الذين يعتمد وجودهم السياسي على نتنياهو نفسه.
ويؤكد كناعنة أن ترامب يسعى لإعادة تسويق نتنياهو دولياً، عبر إزالة الشخصيات المتطرفة من محيطه الداخلي، وتحويل صورة الرجل إلى قائد قادر على إدارة الأزمة وإعادة تلميع إسرائيل في المشهد الدولي.
هذه الجهود الأميركية تعكس بوضوح العلاقة التكاملية بين الدعم الخارجي وإدارة الصورة الداخلية، وهي أداة أساسية لبقاء نتنياهو السياسي.
السلطة الفلسطينية وواقع غزة
من الجانب الفلسطيني، قدم نبيل عمر، الوزير السابق والقيادي في حركة فتح، قراءة نقدية شاملة للحرب على غزة وتداعياتها على المصالح الفلسطينية. أكد عمر أن حماس فقدت أوراق القوة الكبرى، وأن المرحلة المقبلة ستجبرها على الانخراط في إطار منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، بعد أن انتهت قدرتها على اللعب السياسي المستقل في القطاع.
كما أشار عمر إلى أن السلطة الفلسطينية أمام اختبار داخلي كبير، وهو إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف دولي لتعزيز شرعيتها أمام الشعب الفلسطيني. واعتبر أن الجيل الجديد من الفلسطينيين، الذي شهد دمار غزة، سيشكل قاعدة لتفكير عقلاني واستراتيجي بعيد عن منطق الثأر والعنف، وأن إعادة الإعمار ستكون فرصة لإعادة تشكيل المجتمع الفلسطيني بوعي جديد، بعيد عن الهيمنة الإيديولوجية لحماس أو أي فكر سياسي مسلح آخر.
ويضيف عمر أن إسرائيل أيضاً لم تكن مستعدة للحرب التي اندلعت، وأن الحروب السابقة لم تُدرس بنفس العمق، ما جعل ردود الفعل الميدانية أكثر حدة، وأدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. وبالتالي، فإن المرحلة القادمة تتطلب إعادة ترتيب الحسابات الفلسطينية الداخلية، من خلال الانتخابات، والشفافية، والمساءلة، بما يضمن استقراراً سياسياً واجتماعياً للقطاع.
التوازن الهش بين السياسة والحرب
الصورة الشاملة في تل أبيب تبدو متناقضة: رئيس وزراء محاصر سياسياً لكنه ما زال يقود حكومة قائمة على مزيج من التحالفات الهشة والمصالح المتبادلة. التحالفات الداخلية تتآكل تدريجياً، والشارع الإسرائيلي يغلي، بينما يحاول ترامب إعادة ترتيب الحسابات الدولية لصالح نتنياهو، باعتباره أداة لإعادة بناء صورة إسرائيل.
في الداخل، يواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من المتظاهرين، واليمين المتطرف، والمحكمة الشعبية، التي لا يمكن التلاعب بها كما يحدث في المحاكم الرسمية.
أما في الخارج، فتسعى الإدارة الأميركية إلى تسويق نتنياهو باعتباره قائد الأزمة، ولكن ضمن حسابات انتخابية أميركية، وليس بالضرورة لأجل مصالح إسرائيلية مستقلة.
ويشير التحليل إلى أن الحرب على غزة لم تكن مجرد صراع عسكري، بل معركة للسيطرة على الصورة السياسية، بين نتنياهو، حماس، الإدارة الأميركية، والجمهور الداخلي الفلسطيني والإسرائيلي. كل طرف يسعى لإعادة ترتيب أوراقه، في حين تبقى النتائج النهائية غير مؤكدة.
كشفت الحرب الأخيرة على غزة هشاشة التحالفات الداخلية لنتنياهو، ودفعت الشارع الإسرائيلي نحو المحاسبة المباشرة، لكنها في الوقت نفسه أعطته فرصة لإعادة إنتاج نفسه سياسياً عبر دعم خارجي قوي، خاصة من الولايات المتحدة.
على الجانب الفلسطيني، تكشف الحرب عن حدود القوة العسكرية والسياسية لحماس، وتفتح المجال أمام السلطة الفلسطينية لإعادة ترتيب أوراقها الداخلية، واستعادة الشرعية عبر الانتخابات والإصلاح المؤسسي.
وفي كل هذه الحسابات، يظل نتنياهو شخصية محورية لكنها هشة، تعتمد على دعم خارجي واستراتيجيات داخلية دقيقة للبقاء، بينما يواجه الجمهور الإسرائيلي والفلسطيني مخاطر وخيارات مصيرية. قد تكون هذه الولاية الأخيرة لنتنياهو، كما يرى البعض، ليس لضعف شخصه، بل لأن التراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية باتت تتجاوز قدرة أي قائد على السيطرة المطلقة.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر إرث من نار.. هل تكتب حرب غزة الفصل الأخير في مسيرة نتنياهو؟ .. في رعاية الله وحفظة