نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر الدكتور محمد فراج: المتحف المصري الكبير.. من رمز حضاري إلى قوة دافعة للاقتصاد والسياحة في مصر في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - أكد الدكتور محمد أحمد فراج المتخصص في الشئون الافريقية كلية الدرسات الافريقيا العليا جامعة القاهر أن المتحف المصري الكبير يمثل نقطة تحول استراتيجية في مسار التنمية الاقتصادية والسياحية في مصر، مشيرًا إلى أن المشروع لا يُعد مجرد أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، بل يُجسد رافعة اقتصادية وسياسية وإعلامية تعزز من قدرة الدولة التنافسية على الساحة الدولية.
وأضاف أن التوقعات تُشير إلى أن الافتتاح الكامل للمتحف سيُحدث قفزة نوعية في أعداد السياح الوافدين وإيرادات النقد الأجنبي، مدعومًا بتحسينات شاملة في البنية التحتية والمنشآت الخدمية المحيطة، بما يجعله محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي المستدام.
1. الأثر المباشر على القطاع السياحي
وأوضح الدكتور فراج أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُمثل دفعة قوية ومباشرة لقطاع السياحة المصري، وهو ما انعكس في مؤشرات تشغيلية وتوقعات إيجابية على عدة مستويات.
وأشار إلى أن معدلات الإشغال السياحي في فنادق وسط القاهرة ومنطقة الأهرامات بلغت نحو 100% مع قرب الافتتاح، في ظل نفاد الغرف الشاغرة وارتفاع متوسط الأسعار في فنادق المنطقة بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، موضحًا أن الحركة السياحية تشهد حاليًا أعلى مستوياتها منذ عام 2010.
وأضاف أن برامج الزيارة السياحية شهدت تطويرًا نوعيًا، حيث أصبحت جولات المتحف الكبير عنصرًا أساسيًا في باقات السفر التي تقدمها الشركات العالمية، لا سيما القادمة من أوروبا وآسيا ودول الخليج، مع إطلاق برامج "اليوم الكامل" التي تجمع بين زيارة المتحف وجولة في الأهرامات ومأدبة غداء مطلة عليها، مما يمثل نقلة نوعية في السياحة الثقافية.
وأشار إلى أن الحكومة تتوقع أن يسهم المتحف في زيادة عدد السياح بنسبة تتراوح بين 20 و25% خلال عام واحد (من أكتوبر 2025 إلى أكتوبر 2026)، لافتًا إلى أن وكالة “فيتش” الأمريكية توقعت وصول عدد السياح إلى نحو 17.76 مليون بنهاية عام 2025 بزيادة سنوية قدرها 13.12%، مع استقبال المتحف نحو 5 ملايين زائر سنويًا، وصولًا إلى 20.65 مليون سائح بحلول عام 2029.
2. الأثر الاقتصادي الكلي والنقد الأجنبي
أكد الدكتور فراج أن المتحف المصري الكبير يُعد رافعة اقتصادية تسهم بفاعلية في تعزيز قطاع السياحة، الذي يُمثل أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.
وأوضح أن وكالة فيتش توقعت أن تبلغ عائدات السياحة نحو 17.1 مليار دولار في عام 2025، لترتفع إلى 19 مليار دولار بحلول عام 2029، مشيرًا إلى أن بعض الخبراء الاقتصاديين توقعوا تحقيق المتحف لعائد اقتصادي سنوي يتجاوز 10 مليارات جنيه خلال أول عامين من تشغيله، مع زيادة سنوية تتراوح بين 8 و12%.
وأضاف أن نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 3.7% خلال عام 2024–2025، وهو أعلى معدل خلال العقد الماضي، متوقعًا أن يسهم المتحف في رفع النسبة إلى نحو 15% بحلول عام 2027 مقارنة بـ12% حاليًا.
وأشار إلى أن الافتتاح يُمثل نقطة تحول في خريطة الاستثمار الفندقي، إذ يُتوقع أن تشهد منطقة غرب القاهرة طفرة في أعداد الغرف الفندقية، موضحًا أن الدولة تستهدف رفع الطاقة الفندقية من 225،377 غرفة حاليًا إلى أكثر من 500 ألف غرفة بحلول عام 2029.
3. فرص العمل وتنمية المنطقة المحيطة
أوضح الدكتور فراج أن المتحف المصري الكبير يسهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، مؤكدًا أن قطاع السياحة يُعد من أكثر القطاعات كثافة في التشغيل.
وأشار إلى أن المشروع سيوفر ما لا يقل عن 35 ألف فرصة عمل مباشرة في مجالات الإرشاد السياحي، والأمن، والإدارة، والنقل، إلى جانب 100 ألف فرصة عمل غير مباشرة في قطاعات الحرف اليدوية والخدمات اللوجستية.
وأضاف أن المشروع كان له أثر ملموس في تنمية البنية التحتية والمرافق العامة بالمناطق المحيطة، حيث شملت التطويرات رفع كفاءة الطرق والمحاور المؤدية إلى المتحف، مثل محور المريوطية والمنصورية والطريق الدائري وطريق الفيوم وطريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي حتى مطار سفنكس.
وأكد أن أعمال التطوير تضمنت إنشاء مواقف سيارات حضارية وساحات انتظار منظمة، إلى جانب تطوير محال ومطاعم ومقاهٍ على الطراز الحديث، ورفع كفاءة وتخطيط الطرق الحيوية التي تربط المتحف بمسارات الوفود الرسمية والسياحية.
ولفت إلى أن المشهد الحضاري في المنطقة المحيطة شهد نقلة نوعية، حيث تحوّل الطريق الدائري إلى ممشى فرعوني يضم لوحات فنية لملوك مصر القدماء مثل توت عنخ آمون وحتشبسوت وأخناتون، موضحًا أن نسب جاهزية المنشآت المحيطة بالمتحف تجاوزت 100%.
وأشار إلى أن المنطقة تشهد ارتفاعًا متوقعًا في القيمة الاستثمارية بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث المقبلة، بفضل التوسع في المشروعات الفندقية والترفيهية حول المتحف، حيث تم تجهيز وتشغيل عدد من المطاعم الفاخرة، من بينها مطعم بإطلالة بانورامية مباشرة على الأهرامات الثلاثة.
4. المكاسب السياسية والإعلامية
أكد الدكتور فراج أن المتحف لا يمثل مشروعًا حضاريًا فقط، بل مكسبًا سياسيًا وإعلاميًا واستراتيجيًا للدولة المصرية، مشيرًا إلى ما أكده عالم الآثار الدكتور زاهي حواس بأن الافتتاح سيحقق مكاسب ضخمة تتجاوز الجوانب الاقتصادية.
وأوضح أن يوم الافتتاح سيشهد ترويجًا إعلاميًا عالميًا غير مسبوق، حيث سيتردد اسم مصر على شاشات التلفزيون والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، إلى جانب الحضور الرفيع المستوى لنحو 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة من مختلف دول العالم، وهو ما يُعد مكسبًا سياسيًا يُعزز مكانة مصر الدولية.
وأضاف أن المتحف سيُعزز من التنافسية الإقليمية والدولية للسياحة المصرية، مؤكدًا أن مصر تمتلك كنوزًا ثقافية وتاريخية فريدة تجعلها في موقع متقدم عالميًا، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل نموذجًا متكاملًا لتوظيف التراث في خدمة الاقتصاد الوطني.
واختتم الدكتور محمد أحمد فراج تصريحه بالتأكيد على أن المتحف المصري الكبير يُمثل استثمارًا حيويًا متكاملًا مع جهود الدولة لتطوير البنية التحتية السياحية، موضحًا أن نجاح الاستثمار السياحي يعتمد على تكامل أدوار القطاعين العام والخاص، حيث يتولى القطاع العام إنشاء المرافق الأساسية وتوفير التسهيلات، فيما يضطلع القطاع الخاص بدور رئيسي في إقامة المنشآت عالية الجودة، وتوفير التمويل، وإعداد الكوادر البشرية المؤهلة.
وأشار إلى أن هذا المشروع الحضاري سيظل قاطرة للنمو الاقتصادي وضمانًا لاستدامة قطاع السياحة المصري على المدى المتوسط والطويل، بما يعزز مكانة مصر كواحدة من أهم المقاصد الثقافية والسياحية في العالم.
