الارشيف / الرياضة

مؤمن الجندي يكتب: الشاطر حسن.. في قلبه ملعب ويده تذكرة

مؤمن الجندي يكتب: الشاطر حسن.. في قلبه ملعب ويده تذكرة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر مؤمن الجندي يكتب: الشاطر حسن.. في قلبه ملعب ويده تذكرة في المقال التالي

أحمد جودة - القاهرة - لم يكن هذا "الشاطر حسن" الذي خرج من قصص الحواديت بحثًا عن وردة مسحورة أو أميرة نائمة في قلعة بعيدة... بل خرج من المنيا، يحمل على كتفه حقيبة صغيرة، وعلى وجهه ملامح كبيرة.. لم يكن في جيبه خاتم سليمان، ولا في يده مصباح علاء الدين.. بل كانت في يده تذكرة قطار، وفي قلبه ملعب ممتد من تراب قريته حتى عشب الحلم في القاهرة.

لم يكن قطار الصعيد المتجه إلى القاهرة يحمل ركابًا فحسب.. بل كان يحمل حلمًا صغيرًا يرتدي حذاءً رياضيًا، ويتدلى من كتفه شنطة خفيفة فيها القليل من الطعام والكثير من الأمل.

في أحد مقاعد القطار المتجه من المنيا، جلس فتى لا يتعدى عمره الثانية عشرة، لا ينظر من النافذة كغيره، بل يحدق في البعيد كأنما يرى مدينة أخرى داخل القاهرة، مدينة اسمها الفرصة.

اسمه حسن أحمد حسن.. لم تأخذه القاهرة من حضن المنيا للأبد، بل تأخذه كل صباح وترده كل مساء، يخرج من بيته مع أول خيط للنهار، في السابعة صباحًا، ويعود في العاشرة ليلًا، يحمل في جسده تعب الطرق، وفي عينيه نورًا لا يخفت.. كأن التعب عنده عبادة، وكأن الطريق الطويل فرض لا مفر منه، هو الشاطر حسن فعلًا، لكن في نسخته المعاصرة.. نسخة لا تبحث عن كنز خيالي، بل عن فرصة حقيقية في ملعب حقيقي.
 

ليس في الأمر ترف أو رفاهية أو حتى مغامرة.. هو فقط طفل يطارد حلمًا بكرة من جلد وميدان من عشب.

ولد من نور القطار وصبر الملاعب 

لا يشكو، لا يتذمر، لا يطلب.. كل ما قاله ببساطة رجل كبير داخل جسد صغير: "بتعب أهو.. يمكن ربنا يكرمني."

كان في المقاولون من قبل، والآن في صفوف البنك ، ضمن فريق 2012، يتدرب بكل ما فيه، يسابق زملاءه لا ليتفوق فقط، بل ليُثبت أن الجهد البعيد قادر على تجاوز المسافات القريبة.


لفت انتباهي القصة أثناء تصفحي الصباحي لما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة حسن وهو جالسًا على أرضية القطار، رأيت فيه شيئًا من أبناء مصر الحقيقيين.. أولئك الذين لا يعرفهم الإعلام، ولا تفتح لهم الأضواء ذراعيها.. ولكنهم يسيرون في دروب الحياة بخطى راسخة، تباركها السماء وتبتهج لها الأرض.

تخيلوا معي هذا المشهد، طفل يسافر يوميًا من المنيا إلى القاهرة، ذهابًا وإيابًا، من أجل تمرين لا يتقاضى عليه أجرًا، ولا يجد فيه حتى غرفة يرتاح بها لساعات، فقط لأنه يؤمن أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.. أليس هذا الوطن؟ أليس هذا ما يجب أن نحتفي به؟


من هنا، أناشد إدارة نادي البنك الأهلي، بقيادة اللواء أشرف  نصار، أن تلتفت لهذا الفتى، ليس فقط بتوفير سكن يليق بجهده، بل أيضًا بإحاطة موهبته بالرعاية والاهتمام، لأنه ليس مجرد لاعب ناشئ، بل مشروع إنسان عظيم، إن وجد من يأخذ بيده.

في النهاية، حسن أحمد حسن ليس حالة فردية، بل هو عنوان لقصة أكبر.. قصة التعب النبيل، والاجتهاد الصامت، والمواهب التي لا تصرخ بل تعمل، ولا تطلب بل تصبر، حتى يحين موعدها مع الإنصاف.. قصة الشاطر حسن.

أمثاله يستحقون أن نكتب عنهم، أن نحكي سيرتهم، أن نرفع أسمائهم.. لأنهم – ببساطة – يعلموننا من جديد معنى أن يكون للإنسان حلم، وأن يبذل في سبيله ما يستطيع.. ثم ينام على أمل أن الغد قد يكون له.
 

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا 

Advertisements

قد تقرأ أيضا