نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر مؤمن الجندي يكتب: حصانة مفضوحة في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - في الكرة، كما في الحياة، لا أحد يملك حصانة ضد النقد.. والمدرب، أي مدرب، يدخل إلى الميدان وهو يعرف أن الأضواء لا تُنير طريقه فقط، بل تكشف كل خطوة، وتحتفظ بكل هفوة، وتضخم كل قرار.
لكن الملفت، والموجع في آنٍ واحد، أن يتحول مَن كان يومًا سيد النقد إلى أكثر الناس حساسية تجاهه.
الكابتن حسام حسن، اسم يعرفه المصريون جيدًا.. روح قتالية، وكرامة مرفوعة، وتاريخ طويل فوق العشب الأخضر.. رجل لم يتردد يومًا في انتقاد مدربي منتخب مصر السابقين، مهما كانت أسماؤهم أو إنجازاتهم.
كوبر، كيروش، فيتوريا، أجيري… لا أحد نجا من صوته العالي وتحليلاته القاسية.
بل عندما اشتكى فيتوريا – مرة واحدة – من قسوة الهجوم الإعلامي، قال له حسام حسن يومها: “اصمت.. ولا تُزايد على المحللين”!
اليوم، وبعد أن جلس على المقعد ذاته، صار المشهد مختلفًا. صار الصوت الذي كان صلبًا، غاضبًا، ناقدًا بلا هوادة… يرفض أن يُوجَّه إليه النقد. صار يهاجم من ينتقدونه، ويتضايق من ملاحظاتهم، وكأن المكيال الذي استخدمه أمس تغيّر، أو كأن الذاكرة أصبحت تُقصي ما لا يعجبها.
وهنا يطلّ بيت الإمام الشافعي، كاشفًا عن حقيقةٍ بسيطة جدًا:
لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتي مثلَهُ
عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
ما أقساه حين ينطبق! وما أوجعه حين يعكس مفارقةً يراها الناس أكثر ممّا يراها صاحبها.
الحقيقة أن حسام حسن – رغم تاريخه وحضوره وحبّ الناس له – لا يحتاج اليوم إلى معركة خارج الملعب. لا يحتاج إلى صدامٍ مع المحلّلين، ولا إلى ردودٍ غاضبة، ولا إلى تبريراتٍ تزيد النار اشتعالًا.
يحتاج شيئًا واحدًا فقط: أن يعمل بصمت، وأن يثبت نفسه بكره القدم، الشيء الوحيد الذي يجيده المصريون الحكم عليه بلا وساطة.
لقد دعمتُ حسام حسن في مقالات عدّة، ودافعتُ عنه لأنني أؤمن بأنه ابنٌ مخلص للكرة المصرية، ورجلٌ لا يعرف التواني. وأقولها الآن بكل محبة واحترام:
يا كابتن حسام… دع الملعب يتكلّم عنك، ودع النتائج تسبق كلماتك. فالصمت أحيانًا أقوى، وأعمق، وأصدق من أي تصريح.
فالكرة لا تُدار بالصوت المرتفع، بل بالعمل الهادئ.. ولا تُقاس الرجولة بالردّ على كل ناقد، بل بقدرتك على التحمل والعمل والتجاوز.
ومن أراد أن يبني مشروعًا حقيقيًا… عليه أولًا أن يطفئ ضجيج الخارج ليستمع إلى ما في الداخل.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
