انتم الان تتابعون خبر أين تقع عاصمة مراكز البيانات وكيف يبدو الوضع هناك؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الجمعة 17 أكتوبر 2025 07:20 مساءً - مع تصاعد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الانتاجية والاقتصادية والتكنولوجية، شهد العالم زيادة هائلة وغير مسبوقة في الطلب على مراكز البيانات، التي تعتبر العمود الفقري لتشغيل هذه التكنولوجيا المتقدمة، عبر معالجة كميات ضخمة من البيانات بشكل لحظي.
ولكن ما يجهله الكثيرون، هو أن معظم حركة البيانات في العالم، تحكمها منطقة جغرافية واحدة، تقع على مشارف العاصمة الأميركية واشنطن، وتضم مستودعات رمادية شاهقة، تُعالج حسب بعض التقديرات، ما يقرب من 70 في المئة من حركة البيانات الرقمية العالمية.
وهذه المنطقة هي شمال فرجينيا، التي تُعد قلب العالم الرقمي، وعاصمة مراكز البيانات العالمية، حيث تتجمع هناك الشركات الكبرى، للاستفادة من تكاليف الطاقة المنخفضة نسبياً، والكوادر الماهرة، وشبكات كابلات الألياف الضوئية المتطورة.
وازدادت وتيرة بناء مراكز البيانات في شمال فرجينيا، منذ أواخر التسعينيات عندما نقلت شركة AOL - المعروفة آنذاك باسم America Online - مقرها الرئيسي إلى مطار دالاس، وبعد ذلك بوقت قصير، بنت شركة Equinix مركز بيانات مجاور، لتتبعها سلسلة من الشركات الأخرى، مع تصاعد أعمال البناء بشكل مكثف خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
قطاع يولّد المليارات
وبحسب تقرير أعدّته صحيفة "واشنطن بوست" واطّلع عليه موقع "اقتصاد دوت الخليج"، فإن ولاية فرجينيا تحتضن نحو 600 مركز بيانات، مع وجود المزيد منها قيد التخطيط أو الإنشاء، فيما يوظف كل مركز منها عدداً محدوداً نسبياً من الموظفين بشكل مباشر.
ويساهم قطاع مراكز البيانات بـ 9.1 مليار دولار في اقتصاد فرجينيا، إلا أن تشغيله يعتمد بشكل كبير على موارد الطاقة والمياه، حيث يتحمل سكان المنطقة منذ فترة طويلة تكاليف تلبية الطلب الرقمي المتزايد، خصوصاً مع انتشار المراكز التي تُبنى بين ملاعب البيسبول والمدارس والمنازل والمقابر التاريخية.
ثمن باهظ غير المرئي
وغالباً ما تتّسم مباني مراكز البيانات بضخامتها وصعوبة الوصول إليها من قبل العامة، إذ تحتوي في داخلها آلاف وحدات المعالجة، التي تعمل في وقت واحد وتولّد حرارة هائلة تتطلّب أنظمة تبريد قوية للحفاظ على استقرارها. غير أن هذه الأنظمة تصدر ضجيجاً متواصلاً يصعب تجاهله من قبل السكان المقيمين في المناطق المجاورة.
فبالنسبة للسكان المجاورين، لا تقتصر المخاوف من تأثير مراكز البيانات الضخمة الممتدة في أحيائهم، على الجانب الجمالي ، بل تتجاوز ذلك إلى استهلاكها المفرط للمياه والطاقة، وما يرافقه من خطوط نقل عالية الجهد، تشقّ المشهد العمراني.
ومع مرور الوقت، تُترجم هذه الأعباء إلى ضغوط مادية خفية تتحملها المجتمعات المحلية، وثمن باهظ لا يظهر في الفواتير فحسب، بل في جودة الحياة نفسها.
لماذا شمال فرجينيا؟
ويقول المحلل والكاتب في شؤون الذكاء الاصطناعي ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد دوت الخليج"، إنه إذا أردنا فهم السبب الذي جعل من شمال فرجينيا، عاصمة مراكز البيانات العالمية، علينا النظر إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والتقنية والجغرافية التي تجتمع في تلك المنطقة بشكل فريد، فأولاً دائماً ما تبحث الشركات الكبرى عن مواقع تقلل فيها من نفقاتها التشغيلية، وشمال فرجينيا توفر طاقة أرخص نسبياً مقارنة بمناطق أخرى في الولايات المتحدة، مما يجعل تشغيل آلاف الخوادم التي تحتاجها مراكز البيانات أكثر استدامة من الناحية المالية.
وبحسب القارح فإن العامل الثاني يتمثل بالبنية التحتية التقنية المتقدمة الموجودة في شمال فرجينيا، فالمنطقة هناك مزوّدة بشبكات ألياف ضوئية فائقة السرعة وكثيفة، وهو ما يسمح بنقل كميات هائلة من البيانات بشكل لحظي تقريباً، وهذه الميزة تُعتبر عنصراً رئيسياً في عناصر تشغيل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، في حين أن العامل الثالث الذي جعل من شمال فرجينيا عاصمة لمراكز البيانات العالمية، هو احتضان المنطقة لقاعدة واسعة من المهندسين والفنيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات وإدارة مراكز البيانات، وهذا ما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمارات، لأن الشركات هناك يمكنها الاعتماد على مهارات محلية عالية الجودة دون الحاجة لنقل موظفين من مناطق بعيدة.
موقع استراتيجي
ويرى القارح أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي، هو العامل الخامس الذي لعب دوراً كبيراً في جذب مراكز البيانات إلى تلك المنطقة، فوجود شمال فرجينيا على مشارف العاصمة واشنطن، يمنحها قرباً من مراكز الحكومة الفيدرالية والبنية التحتية الاستراتيجية، ما يجعلها مكاناً آمناً نسبياً وموثوقاً من ناحية الإمدادات والخدمات الأساسية، ومن هنا فإن المزيج المتكامل بين التكاليف التشغيلية المنخفضة والقوة العاملة الماهرة، والبنية التحتية الرقمية المتطورة، إلى جانب الموقع الجغرافي الاستراتيجي بالقرب من العاصمة واشنطن، جعل من شمال فرجينيا مركزاً لا يُضاهى عالمياً في مجال حركة البيانات الرقمية وتشغيل مراكزها.
لماذا الطاقة أرخص في شمال فرجينيا؟
ويشرح القارح في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج"، أن شمال فرجينيا توفر أسعار طاقة أرخص، مقارنة بالعديد من مناطق الولايات المتحدة لعدة أسباب مترابطة، فولاية فرجينيا تمتلك شبكة طاقة قوية تعتمد على مزيج من الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية والطاقة المتجددة، وهذا التنوع في مصادر الطاقة يقلل من الضغط على شبكة واحدة ويخفض تكاليف الإنتاج، خصوصاً بالنسبة للاستخدام الصناعي الكثيف مثل مراكز البيانات، مشيراً أيضاً إلى أن البنية التحتية لشبكة الكهرباء في شمال فرجينيا متطورة وموثوقة، ما يقلل من فقدان الطاقة أثناء النقل ويخفض التكاليف التشغيلية على الشركات التي تحتاج إلى كهرباء مستمرة وموثوقة على مدار الساعة.
ويكشف القارح أن الحكومة المحلية في فرجينيا، وفّرت أيضاً حوافز ضريبية وبرامج دعم لجذب شركات التكنولوجيا ومراكز البيانات، إذ أن جزءاً من هذه الحوافز، يشمل تسعيراً منخفضاً للكهرباء أو شروط عقود طويلة الأمد بأسعار ثابتة، ما يقلل المخاطر المالية على المستثمرين، كما أن الولاية تستثمر بمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي يمكن أن تكون أرخص على المدى الطويل، وهذه التركيبة المتكاملة من العناصر تجعل تشغيل مراكز البيانات الكبيرة في شمال فرجينيا أكثر استدامة مقارنة بمناطق أخرى.
طلب لا يتوقف على مراكز البيانات
من جهتها تقول الصحفية في شؤون التقنية رلى راشد، في حديث لموقع "اقتصاد دوت الخليج"، إن مراكز البيانات لم تعد مجرد مستودعات ضخمة للخوادم، بل أصبحت شريان الحياة الرقمية لعالم اليوم، ففي ظل الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه المراكز تعالج كميات هائلة من البيانات على مدار الساعة، وتتيح تشغيل الحوسبة السحابية والتعلم الآلي وتحلل البيانات الكبيرة، التي تعتمد عليها المؤسسات والحكومات والشركات الكبرى، متوقعةً أن يستمر الطلب على مراكز البيانات في النمو بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، ليس فقط بسبب توسع خدمات الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً نتيجة ازدياد استهلاك البيانات من الأفراد والشركات والحكومات، ما سيجعل من منطقة شمال فرجينيا نقطة جذب استراتيجية لا غنى عنها لكل شركة تقنية تسعى لضمان استقرار عملياتها الرقمية وسرعتها وكفاءتها.
نمو رقمي مقابل جودة الحياة
وترى راشد أنه رغم العوائد الاقتصادية الضخمة التي يوفرها قطاع مراكز البيانات في شمال فرجينيا، إلا أن التوسع السريع لهذه المراكز يؤدي إلى ضوضاء مستمرة تصل أحياناً إلى مستويات تؤثر على راحة السكان ونمط حياتهم اليومي، خصوصاً مع انتشار خطوط النقل عالية الجهد التي تخترق الأحياء والمدارس والملاعب والمنازل، فمن منظور صحي يمكن أن يساهم ارتفاع مستويات الضوضاء والحرارة المحيطة في زيادة التوتر والإجهاد واضطرابات النوم، بينما قد تؤثر الانبعاثات الثانوية الناتجة عن توليد الطاقة والتبريد على جودة الهواء المحلي، ما يزيد المخاطر البيئية، لافتةً إلى أن هذا الواقع يجعل شمال فرجينيا نموذجاً متقدماً لتحديات الاقتصاد الرقمي، المبني على استخدام الطاقة الكثيفة، حيث تتشابك الفرص الاستثمارية الضخمة مع التحديات البيئية والاجتماعية، مما يستدعي حلولاً مستدامة مبتكرة لضمان استمرار نمو القطاع دون الإضرار بالمجتمعات المحيطة.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر أين تقع عاصمة مراكز البيانات وكيف يبدو الوضع هناك؟ .. في رعاية الله وحفظة