الرياض - كتبت رنا صلاح - في خطوة تحمل أبعادًا عميقة على مستوى التعليم وجودته، أعلنت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية عن إعادة تفعيل نظام الحوافز لمعلمي الصفوف الأولية في المرحلة الابتدائية، وذلك بعد توقف دام عدة أعوام . هذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء ليجدد الثقة في الدور الجوهري الذي يقوم به المعلم، خصوصًا في المراحل المبكرة من التعليم، حيث تتشكل شخصية الطالب وتُبنى أسس معارفه وسلوكياته فجووج بناء على ما تم الاعلان عنه رسميا من الجهات المختصة .
مفاجأة من التعليم السعودي .. عودة الحوافز لمعلمي الابتدائي بهذه الشروط
تتطلع وزارة التعليم من خلال هذه الخطوة إلى رفع مستوى جودة التعليم، عبر تحفيز المعلمين وتشجيعهم على مضاعفة الجهد، وتحقيق نتائج ملموسة في نواتج التعلم. فالتعليم لم يعد مجرد عملية تلقين، بل أصبح عملية متكاملة تسعى إلى بناء الإنسان من كافة الجوانب. ومعلم الصفوف الأولية هو الأساس الذي يقوم عليه هذا البناء.
كما أن هذا القرار ينسجم بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي وضعت التعليم في صدارة أولوياتها، باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية الوطنية. فالاستثمار في المعلم يساوي استثمارًا مباشرًا في مستقبل الوطن، لأن المعلم المتميز يصنع طالبًا متميزًا، والطالب المتميز هو نواة مجتمع متطور قادر على المنافسة عالميًا.
معايير عادلة لقياس الأداء
حتى تكون الحوافز أداة فعالة وليست مجرد امتياز عشوائي، وضعت وزارة التعليم معايير دقيقة لتقييم المعلمين وضمان العدالة والشفافية في منح الحوافز. فقد تم اعتماد نظام من 100 درجة موزعة على ثلاثة محاور رئيسية:
- الأداء الوظيفي ورضا المستفيدين (50%): ويشمل هذا الجانب تقييم الأداء المهني للمعلم خلال آخر عامين، بحيث لا يقل معدل التقييم عن 3، إضافة إلى قياس نسبة رضا الطلاب وأولياء الأمور عن جهوده.
- نتائج الطلاب والانضباط (45%): ويقاس من خلال مستوى التحصيل الدراسي للطلاب، ومدى مساهمة المعلم في تحسين نتائج الطلاب ذوي الأداء المنخفض، إضافة إلى الانضباط العام داخل الصف.
- المشاركة في المسابقات (5%): وهي نقاط إضافية تمنح للمعلم الذي يدفع طلابه للمشاركة في المسابقات المحلية أو الدولية، ويسهم في تحقيق إنجازات مشرفة.
الحوافز الممنوحة: ليست مادية فقط
تميزت وزارة التعليم في هذه المبادرة بعدم اقتصارها على الجانب المالي، بل قدمت مجموعة من الامتيازات التي تحمل قيمة معنوية ومهنية للمعلمين. ومن أبرز هذه الحوافز:
- الإعفاء من المناوبة والإشراف اليومي داخل المدرسة، وهو ما يخفف عن المعلم أعباء إضافية، ويتيح له تركيز جهوده داخل الصف.
- توفير مساعد إداري للفصل عند ارتفاع أعداد الطلاب، لضمان جودة العملية التعليمية وعدم تأثرها بكثرة الطلاب.
- شهادة شكر وتقدير رسمية من مدير العموم، كنوع من الاعتراف الرسمي بجهوده.
- نشر اسم المعلم المتميز في منصات الوزارة وقنواتها الإعلامية، مما يمنحه مكانة مهنية مرموقة.
- الترشيح للمشاركة في اللجان التنفيذية للقيادة التربوية، ما يعزز خبراته ويضعه في موقع مؤثر داخل المنظومة التعليمية.
- إتاحة فرص حضور المؤتمرات الوطنية والدولية، لإطلاعه على أحدث التجارب العالمية في التعليم.
- تمكينه من تقديم دورات واستشارات تربوية على مستوى إدارات التعليم، بما يعزز دوره كمصدر خبرة وموجه لزملائه.
الأثر المتوقع على التعليم
من المتوقع أن تُحدث هذه الخطوة نقلة نوعية في بيئة التعليم الابتدائي، إذ ستخلق حالة من التنافس الإيجابي بين المعلمين، تدفعهم لتقديم أفضل ما لديهم، ما ينعكس بدوره على مستوى الطلاب أكاديميًا وسلوكيًا. كما ستسهم الحوافز في رفع الروح المعنوية للمعلمين، وتعزيز انتمائهم للمهنة، خاصة أن التدريس في الصفوف المبكرة يُعد من أصعب المهام التعليمية، لما يتطلبه من صبر ومرونة وقدرة على التعامل مع الأطفال.
ولأن المعلم هو حجر الأساس في العملية التعليمية، فإن أي استثمار في دعمه وتحفيزه سيظهر أثره بشكل مباشر في جودة المخرجات التعليمية. وهذا ما تسعى إليه وزارة التعليم بشكل واضح وصريح من خلال إعادة تفعيل نظام الحوافز.
