أخبار عالمية

العالم اليوم - هل أصبحت حرب الأسعار القاعدة الاقتصادية الجديدة في الصين؟

العالم اليوم - هل أصبحت حرب الأسعار القاعدة الاقتصادية الجديدة في الصين؟

انتم الان تتابعون خبر هل أصبحت حرب الأسعار القاعدة الاقتصادية الجديدة في الصين؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الجمعة 26 سبتمبر 2025 01:20 مساءً - والآن، تنتقل هذه "الحرب" إلى قطاعات جديدة، مثل التجميل والعناية بالبشرة، مُثيرة تساؤلات حول مستقبل السوق الصيني. فهل أصبحت حرب الأسعار هي القاعدة الاقتصادية الجديدة في الصين؟ وهل يعكس هذا التحول من السيارات إلى البوتوكس تغييراً جوهرياً في بنية السوق؟ والأهم من ذلك، ما هو الثمن الذي ستدفعه الشركات والمستهلكون في سبيل الحصول على أسعار أقل؟

 وشهدت الصين موجة من الانكماش الاقتصادي بدأت بالقطاعات الأكبر، وأدت المنافسة الشرسة بين مصنعي السيارات إلى تقديم سيارات كهربائية بأسعار لا تزيد عن 4200 دولار، بينما أصبح من الممكن الحصول على وجبات عشاء مقابل 50 سنتاً، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه دوت الخليج.

هذا التحول العميق في سلوكيات الإنفاق الاستهلاكي يمثل انتقالاً من التركيز على النمو الكمي إلى التركيز على القيمة والتكلفة. واليوم، يظهر نفس هذا المنطق في قطاعات جديدة، بما في ذلك سوق التجميل مما يوضح أن تأثير الانكماش لم يقتصر على السلع الأساسية، بل طال المنتجات التي كانت تعتبر في السابق كماليات فاخرة.

وأشار التقرير أنه في الصين، لم يعد البوتوكس وتجديد شباب البشرة مجرد رفاهية، بل أصبحا جزءاً من الروتين الشهري للبعض. هذا التحول قادته شركات مثل سو يونغ إنترناشونال، التي اعتمدت استراتيجية لخفض التكاليف تمكنها من تقديم جلسات التجميل بأسعار غير مسبوقة.

فمن خلال الشراء بكميات كبيرة، وتقليل نفقات التسويق بفضل شهرتها في القطاع، وإزالة الوسطاء المكلفين، تمكنت الشركة من عرض منتج مثل "فيلر لوفيسيل" بسعر يمثل ثلث سعر التجزئة الموصى به. هذا النموذج الجديد، ورغم تحقيقه لخسائر في السنوات الأخيرة، يستهدف زيادة الحصة السوقية وخلق عادة استهلاكية جديدة.

وبحسب التقرير، فإن الشركة سجلت خسائر في ثلاث من السنوات الأربع الماضية، لكنها تتوقع أن تبقى في المنطقة الحمراء حتى عام 2025، رغم الارتفاع الهائل في إيرادات عيادات التجميل لديها.

بين الجودة والسعر: معضلة المستهلك الصيني

ولطالما كانت كوريا الجنوبية الوجهة المفضلة للصينيين الباحثين عن علاجات تجميلية بأسعار تنافسية وجودة عالية. ولكن مع دخول الشركات المحلية في حرب الأسعار، بدأت هذه الديناميكية تتغير. ترى سو يونغ أن خفض الأسعار يمكن أن يُوقف تدفق المستهلكين الصينيين إلى الخارج، خاصة مع ارتفاع تكاليف السفر والإقامة. ولكن، لا تزال هناك عقبة كبيرة، فالمستهلك الصيني لديه شكوك حول جودة المنتجات الطبية المحلية مقارنة بنظيراتها الأجنبية.

وأضاف تقرير الوكالة الأميركية: "هذا التشكيك ليس مجرد تخمين؛ فبعد طرح "فيلر لوفيسيل" بأسعار مخفضة، ساد نقاش واسع على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان العلاج قد حقق النتائج المرجوة. هذا الوضع يُسلّط الضوء على أن حرب الأسعار قد تكون سيفاً ذا حدين؛ ففي حين أنها تجذب الباحثين عن الصفقات، قد تدفع العملاء الأكثر حكمة إلى الاستمرار في البحث عن البدائل الأكثر موثوقية، سواء في كوريا الجنوبية أو في العيادات المحلية التي تُثبت جودتها.

وذكر التقرير أنه في العام الماضي، شكل الصينيون 22 بالمئة من إجمالي عدد الأجانب الذين زاروا كوريا الجنوبية لتلقي العلاج الطبي، والذي بلغ رقماً قياسياً قدره 1.17 مليون شخص.  

وقالت جيسيكا جليسون، الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات "برايتر بيوتي" في شنغهاي: "إذا تمكنت شركات مثل (سو يونغ) وغيرها محلياً من تقديم نتائج ثابتة وواضحة، واستخدام تكنولوجيا الجيل القادم، فإن عامل الراحة سيغير ميزان القوى ويحتفظ بأموال سياحة التجميل داخل الصين".

"التنافس المفرط" وخطط التوسع

يُمكن أن يكون خفض الأسعار سيفاً ذا حدين. فبينما يُمكنه جذب أعداد أكبر من العملاء، إلا أنه يضغط بشدة على هوامش الربح. هذا التنافس المحتدم، الذي يصفه البعض في الصين بحالة من "التنافس المفرط"، جعل العوائد تتضاءل باستمرار.

وأوضح التقرير أنه مع دخول عمالقة التجارة الإلكترونية مثل جيه دي. كوم وميتوان إلى القطاع، أصبحت المنافسة أكثر شراسة. ومع ذلك، تخطط سو يونغ لمواجهة هذا التحدي عبر استراتيجية تعتمد على الراحة والوصول السهل. حيث تهدف الشركة إلى إنشاء 1000 عيادة في غضون ثماني سنوات، بحيث يمكن للعميل الوصول إلى إحداها في غضون 15 دقيقة.

هذه الخطة الطموحة تُظهر أن الشركة لا تعتمد فقط على السعر، بل تسعى لتغيير طريقة استهلاك خدمات التجميل، وتحويلها إلى خدمة يومية ميسورة التكلفة ومتاحة في كل مكان.

 

السعر سلاح في مواجهة الانكماش

في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج" قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جميل الشبشيري: "في شوارع بكين وشنغهاي، لم يعد مشهد التخفيضات الكبرى مقتصراً على مواسم الأعياد أو المناسبات الخاصة. من صالات عرض السيارات إلى متاجر التجميل، ومن مراكز الإلكترونيات إلى المتاجر الفاخرة، الجميع يتسابق على خفض الأسعار. الأمر لم يعد مجرد منافسة تجارية، بل تحوّل إلى ما يشبه (معركة يومية) تُعيد تشكيل السوق الصيني وتترك بصماتها على حياة الناس. هذه الظاهرة تعكس تحدياً اقتصادياً أعمق يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث أصبحت الخصومات الضخمة مؤشراً على ضعف إنفاق المستهلكين وتزايد الضغوط الانكماشية".

 وذكر أن الأسواق الصينية تشهد منافسة شرسة على الأسعار، ولا تقتصر على قطاع بعينه، وقال: "ففي سوق توصيل الطعام، بدأت تطبيقات كبرى في تقديم وجبات مجانية تماماً للعملاء الذين يختارون الاستلام بدلاً من التوصيل. لم تكن هذه العروض تكتيكاً عابراً، بل جاءت في إطار حرب خصومات أدت إلى ضخ عشرات المليارات من اليوان في هذه المنافسة للحفاظ على الحصص السوقية.

ولم يسلم قطاع السلع الفاخرة من هذه الموجة. حيث شوهدت متاجر تخفيضات في بكين تبيع حقائب علامات تجارية فاخرة بنصف السعر، في مؤشر على تحول جوهري في سلوك الإنفاق حتى بين الطبقات الميسورة. هذه "الحرب السعرية" أجبرت السلطات التنظيمية على التدخل ومطالبة الشركات بوقف ما وصفته بـ"الممارسات الفوضوية"، بحسب الشبشيري.

الأسباب الهيكلية: أكثر من مجرد منافسة أسعار

وأشار الدكتور الشبشيري إلى أن وراء ظاهرة حرب الخصومات هذه، تكمن أسباب هيكلية عميقة تجذرت في الاقتصاد الصيني وهي:

  • ضعف حاد في ثقة المستهلك: يعاني المستهلك الصيني من إحجام ملحوظ عن الإنفاق. ويظهر أن نمو إيرادات المطاعم كان ضعيف، ما يفسر لجوء القطاع إلى خصومات جذرية لجذب العملاء. هذا الضعف في الطلب المحلي مدفوع بعوامل مثل الركود في سوق العقارات الذي قلص ثروات الطبقة المتوسطة، بالإضافة إلى تراجع الثقة في آفاق التوظيف.
  • ضغوط انكماشية مستمرة: يستمر انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الصين في التراجع لفترات متتالية، في أطول سلسلة هبوط مسجلة. هذا الانكماش الطويل يخلق حلقة مفرغة: يتوقع المستهلكون انخفاض الأسعار في المستقبل فيؤجلون الإنفاق، مما يضطر الشركات لخفض الأسعار بشكل أكبر للحفاظ على المبيعات.
  • فائض إنتاجي و"طاقة فائضة": يوجد قلق متزايد من أن الطاقة الإنتاجية الفائضة في قطاعات صناعية قد تؤدي إلى "إغراق" الأسواق العالمية بالبضائع. هذا الفائض يجد طريقه إلى السوق المحلية أيضًا، مما يزيد حدة المنافسة السعرية.

ردود الفعل: بين تدخل الدولة واستراتيجيات الشركات

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور الشبشيري أنه في مواجهة هذا التحدي، ظهرت استجابات متعددة وفقاً لمايلي:

  • الحكومة: حوافز استهلاكية واستبدال السلع، ففي محاولة لإحياء الطلب المحلي، أطلقت الصين برامج دعم لتجديد الأجهزة المنزلية والسلع الإلكترونية. حيث يمكن للمستهلكين الحصول على دعم مالي لشراء هواتف محمولة وأجهزة لوية. وقد خصصت الحكومة مبالغ كبيرة لهذه البرامج في إطار خطة أوسع لتحفيز النمو.
  • الشركات: بين الاندماج في المعركة والبحث عن مخارج، فبالنسبة للعديد من الشركات، أصبحت الخصومات ضرورة للبقاء. لكن هذا الأمر انعكس سلباً على هوامش الربح، لا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفتقر إلى الموارد الكافية. وقد بدأت بعض الشركات بالتراجع عن العروض "المجانية" المباشرة والاستعاضة عنها ببطاقات خصم في محاولة للتوازن بين جذب العملاء والحفاظ على الجدوى الاقتصادية.

مفارقة البقاء بين سندان المستهلك ومطرقة الانكماش

وبينّ الشبشيري أن الصين تعيش مفارقة اقتصادية صعبة، شعب يريد أسعاراً أقل في ظل ظروف معيشية صعبة، وشركات تبحث عن هوامش ربح تحفظ وجودها، واقتصاد يصارع شبح الانكماش. الخصومات الكاسحة قد تنعش المبيعات مؤقتاً، لكنها على المدى الطويل تهدد بتقويض أسس السوق من خلال تآكل أرباح الشركات والحد من قدرتها على الاستثمار والابتكار.

واختتم بقوله: "المستقبل لن يتحدد فقط في أروقة المتاجر وميادين المنافسة السعرية، بل في قدرة الصين على تحقيق معادلة اقتصادية أصعب، وهي معالجة الأسباب الجذرية لضعف الطلب المحلي. هذا يتطلب إصلاحات هيكلية شاملة، أبرزها معالجة أزمة القطاع العقاري، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لتشجيع الأسر على الإنفاق بدلاً من الادخار، وتحفيز نموذج نمو أكثر اعتماداً على الاستهلاك المحلي. بدون ذلك، قد تتحول "حرب الخصومات" من تكتيك مؤقت إلى سمة هيكلية دائمة في الاقتصاد الصيني.

شرارة السيارات الكهربائية

بدوره، قال الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل في حديثه لموقع "اقتصاد دوت الخليج": "في تحول لافت، أصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ساحة معركة اقتصادية شرسة، حيث تمتد حرب الأسعار من صناعة السيارات الكهربائية إلى قطاعات غير متوقعة مثل التجميل والبوتوكس هذه الظاهرة، التي يغذيها التباطؤ الاقتصادي والضغط التضخمي السلبي تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحرب هي القاعدة الاقتصادية الجديدة، وكيف ستعيد تشكيل السوق الصيني.

وأوضح عقل أن المعركة بدأت في قطاع السيارات، الذي يشكل نحو 10بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، مع فائض إنتاجي (السعة الإنتاجية تتجاوز ضعف الطلب الفعلي) مما أجبر الشركات على خفض الأسعار بنسب تصل إلى 30 بالمئة. شركات مثل BYD، رائدة السيارات الكهربائية، التي خفضت توقعات مبيعاتها لعام 2025 إلى 4.6 مليون سيارة، مع انخفاض أرباحها لأول مرة منذ ثلاث سنوات. وفي ظل هذا الضغط، أعلنت علامات مثل Neta إفلاس الشركة الأم، بينما توقع محللو AlixPartners أن يبقى 15 فقط من 129 علامة تجارية كهربائية وهجينة بحلول 2030.

وأضاف: واللافت أن هذا الفائض مدعوم جزئياً بسياسات حكومية محلية تقدم إعانات وأراضي رخيصة، رغم تحذيرات الرئيس شي جين بينغ في مايو 2025 من الاستثمار المفرط في هذا القطاع، ونتيجة لذلك، ظهرت مشاهد صادمة مثل “مقابر السيارات”، حيث تتراكم السيارات غير المباعة في مواقف مهجورة".

وذكر أن الأزمة لم تقتصر على السيارات، بل امتدت إلى قطاعات استهلاكية أخرى مثل التجميل، هذا التحول يعكس واقعاً جديداً، فالمنافسة على “السعر الأدنى” أصبحت استراتيجية بقاء في ظل تراجع الطلب على السلع غير الأساسية.

 وأشار إلى أن وراء هذه الحرب يكمن التباطؤ الاقتصادي، فوفقاً لتقرير البنك الدولي في يونيو 2025، من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5 بالمئة هذا العام و4.0 بالمئة في 2026، مدفوعاً بتراجع الصادرات والاستثمار الصناعي.

ومؤشر أسعار المستهلك انخفض بنسبة 0.1 بالمئة في الأشهر الخمسة الأولى من 2025، بينما هبط مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.6 بالمئة، مما يشير إلى ضغوط انكماشية قوية.

وأكد عقل أن هذا الوضع أثر على الإنفاق الاستهلاكي، حيث تباطأ نمو مبيعات التجزئة، خاصة في الخدمات والسلع الاختيارية. كما تراجع نمو التوظيف الحضري، مع تأثر الشباب والعمال المهاجرين بشكل خاص، مما زاد من حالة عدم اليقين وقلص الإنفاق.

حرب الأسعار مؤقتة أم دائمة؟

ويرى الخبير الاقتصادي عقل أنه في الوقت الحالي، تبدو حرب الأسعار سمة مؤقتة للاقتصاد الصيني، لكنها قد تترك آثاراً طويلة الأمد إذا لم تُعالج. وأضاف: "الحكومة تحاول تحفيز الطلب عبر برامج مثل استبدال السلع القديمة وتخفيضات الفوائد، لكن السياسات المحلية التي تشجع الإنتاج المفرط تعيق هذه الجهود. النتيجة هي سوق أكثر تركيزاً، حيث يهيمن الأقوياء على حساب الضعفاء، لكن مع مخاطر إفلاس جماعي وتصدير هذه الضغوط عالمياً، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية.

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر هل أصبحت حرب الأسعار القاعدة الاقتصادية الجديدة في الصين؟ .. في رعاية الله وحفظة

Advertisements

قد تقرأ أيضا