نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر اتفاق اللحظة الحرجة.. واشنطن وبكين تقتربان من تهدئة حرب التجارة عبر المعادن النادرة و"تيك توك" في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - قبل أيام من القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ، كشف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عن اتفاق مبدئي بين البلدين يهدف إلى خفض حدة التوتر التجاري الذي تصاعد خلال الأشهر الأخيرة.
وأوضح بيسنت أن واشنطن قررت سحب التهديد بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 100% على السلع الصينية، مقابل تأجيل بكين للقيود المفروضة على صادرات المعادن النادرة لمدة عام كامل، وهي الخطوة التي وصفها الوزير بأنها "منعت انفجارًا تجاريًا جديدًا" بين أكبر اقتصادين في العالم.
المعادن النادرة.. النقطة الأكثر حساسية في الحرب التجارية
تُعد المعادن النادرة من أهم الأسلحة الاقتصادية التي تمتلكها الصين في مواجهة الولايات المتحدة، إذ تحتكر نحو 70% من الإنتاج العالمي لهذه المواد الحيوية المستخدمة في صناعة الشرائح الإلكترونية، والسيارات الكهربائية، والطائرات العسكرية.
وكانت بكين قد لوّحت في الأشهر الماضية بتقييد صادراتها من تلك المعادن ردًا على السياسات التجارية الأمريكية، ما أثار مخاوف من أزمة عالمية في سلاسل التوريد. لكن الاتفاق الأخير، الذي تم التوصل إليه في كوالالمبور بعد محادثات بين بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، أوقف مؤقتًا هذه الخطوة مقابل التزام واشنطن بعدم فرض رسوم جديدة.
فول الصويا يعود إلى الواجهة.. دعم للمزارعين الأمريكيين
جانب آخر من الاتفاق المبدئي تَمثّل في استئناف الصين شراء فول الصويا الأمريكي، بعدما توقفت عن استيراده في ذروة الحرب التجارية السابقة.
ويُعد فول الصويا من أهم الصادرات الزراعية الأمريكية، وقطاعًا يعتمد عليه الملايين من المزارعين، الذين يمثلون قاعدة انتخابية رئيسية للرئيس ترامب. وتعهدت بكين بإجراء عمليات شراء “كبيرة” لدعم السوق الأمريكية، في إشارة إلى رغبتها في تهدئة الأوضاع التجارية والسياسية قبل القمة المقبلة.
اتفاق “نهائي” حول تطبيق تيك توك الأمريكي
وفي تطور لافت، أعلن وزير الخزانة الأمريكي أن الجانبين توصلا إلى اتفاق نهائي بشأن النسخة الأمريكية من تطبيق "تيك توك"، الذي أثار أزمة تكنولوجية بين البلدين خلال السنوات الماضية.
وقال بيسنت في مقابلة مع قناة “سي بي إس” إن “جميع التفاصيل تم الاتفاق عليها، وسيوقع الزعيمان الاتفاق رسميًا الخميس المقبل في كوريا الجنوبية”. وبحسب المصادر الأمريكية، فإن الاتفاق يهدف إلى ضمان استقلال البيانات الخاصة بالمستخدمين الأمريكيين عن السلطات الصينية، مع السماح باستمرار التطبيق داخل الولايات المتحدة تحت إشراف شركات تكنولوجية محلية.
ملف الفنتانيل.. تعاون جديد في مواجهة أزمة الإدمان
لم يقتصر الحوار الأمريكي–الصيني في كوالالمبور على الملفات الاقتصادية فحسب، بل شمل أيضًا التعاون في مواجهة وباء الفنتانيل، وهو العقار الأفيوني الصناعي الذي تسبب في وفاة عشرات الآلاف من الأمريكيين.
واتهمت واشنطن الصين مرارًا بـ "التساهل" مع تصدير المواد الكيميائية الأولية التي تُستخدم في تصنيع الفنتانيل داخل الولايات المتحدة والمكسيك، وهو ما تنفيه بكين. وقال بيسنت إن الجانبين اتفقا على أن "تبدأ الصين في مراقبة ومساعدة الولايات المتحدة في هذا الملف الإنساني الخطير"، ما يعكس رغبة متبادلة في إعادة بناء الثقة بين القوتين العظميين بعد سنوات من التصعيد.
القمة المقبلة.. فرصة جديدة لإعادة رسم العلاقات
يأتي هذا الاتفاق المبدئي في توقيت بالغ الحساسية، إذ يتزامن مع جولة آسيوية للرئيس ترامب تشمل ماليزيا وكوريا الجنوبية، وتنتهي بلقاء مرتقب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ. وتتوقع الأوساط الاقتصادية أن يتم خلال القمة الإعلان رسميًا عن بنود الاتفاق وتوقيع مذكرات تفاهم تشمل الجوانب التجارية والتكنولوجية والبيئية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة كفرصة جديدة لإعادة ضبط العلاقات الأمريكية–الصينية التي توترت بسبب سياسات الرسوم الجمركية، والقيود التقنية، والنزاع حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقات البيانات.
جدول مختصر لأبرز بنود الاتفاق المبدئي
| البند | الموقف الأمريكي | الموقف الصيني | النتيجة |
|---|---|---|---|
| الرسوم الجمركية | سحب التهديد بزيادة 100% | تأجيل قيود تصدير المعادن النادرة لعام | تهدئة تصعيد تجاري |
| فول الصويا | دعم المزارعين الأمريكيين | استئناف المشتريات الكبيرة | تعزيز الثقة الزراعية |
| تطبيق "تيك توك" | الحفاظ على البيانات الأمريكية | القبول بإشراف محلي أمريكي | اتفاق نهائي تقني |
| ملف الفنتانيل | التعاون في المكافحة | مراقبة المواد الكيميائية | تعاون أمني وصحي جديد |
يُظهر الاتفاق المبدئي بين واشنطن وبكين رغبة مشتركة في خفض مستوى التوترات التجارية مؤقتًا، خاصة مع اقتراب قمة القادة. لكن في العمق، لا تزال منافسة النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي قائمة، خصوصًا في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء والتجارة الإلكترونية.
ويُرجّح أن تكون هذه الهدنة مرحلة تهدئة تكتيكية أكثر من كونها تحولًا استراتيجيًا دائمًا، تهدف كل من الدولتين من خلالها إلى إعادة ترتيب أوراقها الاقتصادية والسياسية قبل أي مواجهة جديدة محتملة.
الاقتصاد يقود الدبلوماسية في العلاقات المعقدة
تُبرز هذه التطورات أن الاقتصاد ما زال المحرك الأهم للدبلوماسية الدولية بين الولايات المتحدة والصين. فبينما ظلت الملفات السياسية والعسكرية محل خلاف، فإن الحاجة إلى الاستقرار التجاري وتدفق السلع والموارد الاستراتيجية دفعت الجانبين نحو إبرام صفقات براغماتية قصيرة المدى.
ويُتوقع أن يُسهم هذا الاتفاق في إعادة الثقة إلى الأسواق العالمية مؤقتًا، لكنه أيضًا يؤكد أن التوازن بين التعاون والمنافسة سيبقى سمة دائمة في العلاقة بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
