نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الإفريقي محمد عمر: إن العاصمة الصربية بلغراد تشهد هذه الأيام تطورا اقتصاديا مهما قد يغير خريطة الطاقة في منطقة البلقان، حيث تدور مفاوضات متقدمة بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" لشراء الحصة الروسية في شركة النفط الصربية " أن آي إس"، وتعتبر الحل الأمثل لإنقاذ الاقتصاد الصربي في وقت يبدو فيه أن الرئيس ألكسندر فوتشيتش يسير في اتجاه معاكس لمصالح بلده.
وأضاف أن "أدنوك" تقترب من إبرام صفقة لشراء الحصة الروسية البالغة 56.15% في شركة " أن آي إس"، حيث أكدت وزيرة الطاقة الصربية دوبرافكا هاندانوفيتش أن الجانب الروسي وافق بالفعل على بيع حصته خاصة وأنه من المرجح أن تكون أدنوك هي المشتري المرجح للحصة الروسية.
وأوضح المحلل، أنه من الملفت أن هذه المفاوضات تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية مع صربيا مرحلة متقدمة من التطور، بدعم من توقيع "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" في أكتوبر 2024، والتي دخلت حيز التنفيذ في يونيو 2025، وتعمل هذه الاتفاقية على تعميق الروابط التجارية والاستثمارية، ومن المتوقع أن تساهم بما يقارب 351 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بحلول عام 2032.
وأكد أن الاستثمارات في صربيا لا تقتصر على قطاع الطاقة فحسب، بل تمتد إلى قطاعات متنوعة تشمل الطيران والعقارات والزراعة والقطاع المالي، حيث تستثمر "الاتحاد للطيران" في "طيران صربيا"، وتقود "إيغل هيلز" تطوير مشروع "بلغراد على الماء" الضخم، إلى جانب استثمارات مهمة لشركات مثل "الظاهرة" و"الروافد" في القطاع الزراعي.
وأشار عمر، إلى أنه على الرغم من كل هذه المعطيات الإيجابية، يبدو أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش يسير في اتجاه معاكس، وعلى استعداد للتضحية بهذه العلاقات الإقتصادية والدبلوماسية، حيث يميل إلى تأميم شركة النفط بغض النظر عن تصريحاته العلنية التي ينفي فيها ذلك، في إشارة إلى أن القرار قد يكون مدفوعا باعتبارات ضد مصلحة الاقتصاد الصربي.
ويرى المحلل، أن فوتشيتش قد يرى في التأميم وسيلة لتعزيز نفوذه السياسي والاقتصادي، مستغلا الأزمة الحالية لتحقيق مكاسب، مع العلم أن الخيار الأمثل لصربيا هو بيع الحصة الروسية لشركة أدنوك، التي تمتلك الخبرة الفنية والمالية الكفيلة بإنقاذ الشركة من الانهيار.
واستطرد أن الاستعداد بالتضحية بالشراكة الاستراتيجية والاقتصادية لتحقيق مصالح شخصية ليس بجديد على الرئيس الصربي، وخير دليل على ذلك تخلي فوتيتش عن حليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما أعلن استعداده لبيع السلاح الصربي لأوكرانيا دون أي تردد، وينوي فوتشيتش تكرار السيناريو نفسه عبر تأميم شركة النفط الصربية بدلا من بيع الحصة الروسية إلى شركة "أدنوك".
وأوضح أن العقوبات الأمريكية التي فرضت على شركة "أن آي إس" في أكتوبر الماضي بسبب ملكية روسيا للأغلبية، هي الدافع الأساسي وراء تسريع عملية البيع، حيث منحت الولايات المتحدة مهلة ثلاثة أشهر للبحث عن مشتر للحصة الروسية، في محاولة لمنع إنهيار قطاع الطاقة في صربيا.
وأنهى حديثه بأن الصفقة بين "أدنوك" وشركة "أن آي إس" تبقى مؤشرا على عمق العلاقات الاقتصادية وخطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الثنائي في قطاع الطاقة، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن التناقض بين النخبة الحاكمة في بلغراد والمصلحة الوطنية لصربيا، التي تتطلب الخروج من عنق الزجاجة الذي وضعتها فيه العقوبات الدولية، عبر التحالف مع شريك اقتصادي قوي وليس عبر تأميم الشركة الذي سيعمق العزلة الدولية لبلغراد ويدفع بالاقتصاد الصربي نحو الهاوية.
