انتم الان تتابعون خبر ما أسباب تأخر روسيا في قطاع الذكاء الاصطناعي؟ من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة
شهد محمد - ابوظبي في الأربعاء 1 أكتوبر 2025 01:24 مساءً - يشهد العالم سباقاً محموماً على ريادة الذكاء الاصطناعي، تتحرك فيه القوى الكبرى بخطى متسارعة لبناء البنية التحتية وتوظيف العقول والاستثمارات في سباق لا يرحم.
وتسعى الدول الصناعية الصاعدة إلى ترسيخ مواقعها عبر ضخ المليارات في مراكز البيانات العملاقة وتطوير النماذج الضخمة التي تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي وموازين النفوذ الدولي.
تُظهر هذه الطفرة التكنولوجية كيف أصبحت الكفاءة في الابتكار والقدرة على الوصول للتقنيات المتقدمة شرطاً أساسياً لأي قوة تطمح إلى الحفاظ على مكانتها، بل وإلى توسيع نفوذها في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة.
تطرح هذه التحولات سؤالاً جوهرياً: لماذا تتراجع بعض القوى التقليدية، رغم امتلاكها إرثاً علمياً وثقلاً استراتيجياً، عن صدارة هذا السباق العالمي، لتجد نفسها في موقع ثانوي أمام منافسين أكثر مرونة وانفتاحاً؟
تأتي روسيا في صدارة تلك الدول، والتي رغم طموحاتها في القطاع، إلا أنها لا تزال متأخرة مقارنة بمنافسيها الأميركيين والأوروبيين وحتى الصينيين.
تأخر روسيا
وفي هذا الإطار، يشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن:
- روسيا تفتخر بتاريخٍ حافلٍ بالمواهب الهندسية؛ فهي تمتلك منظومةً متكاملةً من شركات التكنولوجيا الناشئة، بدءًا من محرك البحث ياندكس ووصولًا إلى موقع التواصل الاجتماعي فكونتاكتي.
- في عام 2017، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن من يقود الذكاء الاصطناعي "سيحكم العالم". ومع ذلك، وبعد ثلاث سنوات من الطفرة العالمية في الذكاء الاصطناعي، تغيب روسيا بشكل ملحوظ.
- ليس لأن الذكاء الاصطناعي لا يهم روسيا، فالحرب مع أوكرانيا تعتمد على أنظمة ذاتية التحكم بشكل متزايد. وأسراب الطائرات المسيرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على وشك التحقق.
- قامت روسيا بتهريب آلاف الرقائق، بما في ذلك معالجات GPU عالية الجودة، للطائرات المسيرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال روسيا لاعبًا ثانويًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
غياب موسكو
يقول خبير أسواق المال، العضو المنتدب لشركة أي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":
- إن غياب روسيا عن الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي "قصة معقدة تعود إلى أسباب متداخلة".
- الأمر "ليس مجرد نقص في الكفاءات"، فروسيا تاريخياً بلد قوي في الرياضيات وعلوم الحاسب، لكن ما نراه اليوم هو نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية عميقة.
- العامل الأبرز والأكثر تأثيراً هو العزلة التكنولوجية التي فرضتها العقوبات الغربية، خصوصاً بعد عام 2022، حيث منعت روسيا من الوصول لأهم مكونات بناء الذكاء الاصطناعي الحديث، مثل شرائح المعالجة المتقدمة (GPUs) من شركات عالمية مثل إنفيديا.. "بدون هذه الرقائق يصبح تدريب النماذج اللغوية الكبيرة مهمة شبه مستحيلة".
- كما امتد الحصار ليشمل خدمات الحوسبة السحابية والبرمجيات المتطورة، ما خلق فجوة تقنية يصعب سدها بالاعتماد على الحلول المحلية فقط.
ويضيف سعيد أن الأزمة لا تتوقف عند الحصار الخارجي، بل تفاقمت بسبب نزيف داخلي حاد، إذ أدت الحرب إلى هجرة جماعية للعقول والكفاءات التقنية، حيث غادر آلاف المبرمجين والباحثين بحثاً عن بيئة عمل أفضل واستقرار سياسي، موضحاً أن "هذا النزيف أفقد المؤسسات الروسية أهم أصولها، وهو رأس المال البشري القادر على الابتكار والتطوير".
كما يؤكد أن الأولويات الاستراتيجية للدولة الروسية تختلف تماماً عن الغرب والصين، فالتركيز الأكبر موجه نحو التطبيقات العسكرية والأمنية، مثل الحرب الإلكترونية، تحليل البيانات الاستخباراتية، وتطوير الأسلحة الذاتية. ويرى أن هذا التوجه يستهلك الموارد والخبرات على حساب القطاع المدني والتجاري الذي يقود الطفرة العالمية، لذلك لا نرى منتجات روسية تنافسية في السوق الاستهلاكية المفتوحة.
ويشير أيضاً إلى أن البيئة الاقتصادية الروسية غير مشجعة، فحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة في الذكاء الاصطناعي متواضع جداً مقارنة بالمليارات التي تضخها أميركا والصين. كما أن ثقافة رأس المال المخاطر ضعيفة، ما يحد من بروز شركات ناشئة قوية. ويضيف أن "المشاريع الكبرى عادة ما تكون تحت سيطرة الدولة أو شركات مرتبطة بها، وهو ما يخلق بيروقراطية ويقلل من مرونة الابتكار اللازمة في مجال سريع التطور كالذكاء الاصطناعي.
ويختتم سعيد تصريحاته بالتأكيد على أن روسيا لا تقف مكتوفة الأيدي، فهي تتبنى استراتيجية "اللحاق بالركب" أكثر من الريادة، من خلال تطوير بدائل محلية مثل نماذج YandexGPT و GigaChat، إلى جانب تعزيز التعاون مع حلفاء مثل الصين ودول البريكس لسد الفجوة التكنولوجية. لكنه يوضح أن "هذه الجهود تبقى محاولات لتعويض التاخر في سباق يتطلب بنيه تحتيه ضخمه واستثمارات هائله وبيئه منفتحه على التعاون الدولي."
أسباب متعددة
من جانبه، يؤكد المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه، خبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الدكتور أحمد بانافع، لموقع "اقتصاد دوت الخليج"،أن غياب روسيا عن مشهد الذكاء الاصطناعي لا يرجع إلى سبب واحد، بل إلى مزيج من ظروف سياسية واقتصادية وتقنية جعلتها متأخرة عن السباق العالمي.
ويشير إلى أن:
- العقوبات الغربية بعد الحرب في أوكرانيا منعت روسيا من الوصول إلى الشرائح الإلكترونية المتقدمة والمعدات الخاصة بالحوسبة الفائقة، ما صعّب عليها بناء منصات تدريب للنماذج الضخمة.
- هجرة العقول والمهارات من روسيا إلى الخارج بحثاً عن حرية أكبر وفرص تمويل أفضل أفقدتها نسبة ملحوظة من خبرائها الموهوبين، وهو ما انعكس سلبًا على قدرتها الابتكارية.
- هيمنة الدولة وضعف القطاع الخاص في روسيا يعيقان المنافسة ويحدان من الجرأة على المخاطرة التي عادةً ما تدفع بالتطور السريع، على عكس ما يحدث في الغرب حيث تقود شركات خاصة كبرى الابتكار.
كما يوضح أن الرقابة والقيود على المحتوى داخل روسيا تحد من حرية التجربة وتمنع تطوير نماذج منفتحة ومرنة، ما يجعلها أقل قدرة على المنافسة عالمياً.
ويؤكد أيضاً أن التمويل الروسي في الذكاء الاصطناعي يعاني من التقلّب، فغياب الاستثمارات المستدامة جعل كثيراً من المبادرات قصيرة العمر أو محدودة الأثر مقارنة بما نشهده في وادي السيليكون أو بكين. كما يشير إلى أن هناك فجوة في البنية التحتية الرقمية، إذ لا تمتلك روسيا مراكز بيانات ضخمة أو قدرات كافية للتخزين والمعالجة، ما يتركها متأخرة عدة سنوات عن منافسيها.
ويضيف أن تركيز الكرملين على التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي بدلاً من المجالات المدنية والتجارية يعيق بناء منظومة ابتكار متكاملة تخدم الاقتصاد والمجتمع. كما يلفت إلى أن عوائق اللغة والبيانات تمثل تحدياً إضافياً، إذ أن البيانات الروسية أقل تنوعًا وأصغر حجماً مقارنة بالإنجليزية، مما يصعّب عملية تدريب النماذج ويزيد تكلفتها.
ويختم بانافع بالتأكيد على أن روسيا ما زالت نشطة في بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي المرتبطة بالأمن والدفاع، لكنها تبقى بعيدة عن الموجة العالمية التي تقودها النماذج الضخمة والتطبيقات المفتوحة للمستهلكين، بسبب بيئة تفتقر إلى الحرية، التمويل، الكفاءات، والبنية التحتية اللازمة لتحقيق قفزة نوعية.
توسع الـ AI
ويشير تقرير لصحيفة كوميرسانت الروسية، إلى أن:
- صناعة الذكاء الاصطناعي في روسيا تتوسع بسرعة ولكنها لا تزال تعاني من محدودية الوصول إلى قوة الحوسبة المتقدمة بسبب العقوبات التكنولوجية الغربية.
- يقول قادة الصناعة إن البلاد متأخرة عن المنافسين العالميين بنحو ستة أشهر، على الرغم من الجهود الجارية لسد الفجوة من خلال الابتكار المحلي والشراكات مع الصين ودول مجموعة البريكس.
- يتعمق الارتباط التكنولوجي بين الصين وروسيا، التي أصبحت قادرة بشكل متزايد على استبدال التكنولوجيا الغربية.
- في ساحة المعركة في أوكرانيا، كانت الصواريخ الروسية مليئة بالتكنولوجيا الغربية المهربة، بما في ذلك استيراد الغسالات لاستغلالها لصالح رقائقها المتقدمة.
- بالمثل، بدأت إيران في إرسال توربينات غازية متقدمة وعالية الكفاءة إلى روسيا لتحل محل تلك التي كانت شركة سيمنز الألمانية توفرها سابقاً.
- كان أحد الآثار الجانبية غير المقصودة للحرب في أوكرانيا هو تحفيز الابتكار من الجبن الروسي إلى التوربينات ، مع أبرز مثال على تطويرها للقاح سبوتنيك الخامس - أول لقاح في العالم وأكثر فعالية ضد فيروس كورونا. بدأت قصة مماثلة في الظهور في تطوير الذكاء الاصطناعي في روسيا.
ويشير التقرير إلى أن الشركات الروسية تستثمر بكثافة في قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لضمان بقائها في الساحة. ومن المتوقع أن تدعم الصين، التي فاجأت الغرب بتطويرها نظام الذكاء الاصطناعي DeepSeek بتكلفة زهيدة مقارنةً بالمنافسين الأميركيين، هذا المسعى.
خمسة أسباب
ويتفق أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، في حديثه مع موقع "اقتصاد دوت الخليج" مع سعيد وبانافع في أسباب غياب روسيا عن طفرة الذكاء الاصطناعي العالمية، موضحاً أنه رغم امتلاكها لإرث علمي قوي في مجالات الرياضيات والهندسة والفضاء، لم تتمكن روسيا من حجز مكان متقدّم في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي كما فعلت الولايات المتحدة والصين وبعض الاقتصادات الصاعدة مثل الهند وكوريا الجنوبية. ويعود ذلك إلى مجموعة مترابطة من العوامل:
- أولاً، ضعف الاستثمار في قطاع التكنولوجيا المتقدمة؛ إذ تفتقر السوق الروسية إلى شركات عملاقة قادرة على ضخ مليارات الدولارات في البحث والتطوير، كما هو الحال لدى شركات أميركا مثل غوغل ومايكروسوفت وأوبن إيه آي أو شركات الصين التكنولوجية الكبرى مثل تنسنت وعلي بابا، أو الشركات الهندية التي بدأت تقتحم السوق العالمي في مجال البرمجيات والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
- ثانياً، هجرة الكفاءات البشرية، حيث غادر آلاف المهندسين والخبراء البلاد خلال العقد الأخير، وتزايد النزيف بعد الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى إضعاف القاعدة العلمية المحلية.
- ثالثاً، العقوبات الغربية التي حدّت من وصول موسكو إلى الرقائق المتقدّمة والبنى التحتية السحابية، بعكس الصين والهند اللتين نجحتا إما في تطوير سلاسل إمداد بديلة أو في بناء شراكات واسعة النطاق مع شركات عالمية.
- رابعاً، التركيز الحكومي على الاستخدامات العسكرية والأمنية بدلاً من تطوير تطبيقات تجارية وصناعية قابلة للتصدير؛ بينما استثمرت الصين والهند في حلول الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم والصحة والقطاع المالي والخدمات الحكومية لتوليد أثر اقتصادي واسع.
- وأخيراً، غياب منظومة مبتكرة تجمع بين الجامعات والقطاع الخاص على غرار ما هو قائم في "وادي السيليكون" أو "وادي البنغالور" في الهند، حيث يقود التعاون بين الشركات الناشئة والشركات الكبرى الجامعات نحو إنتاج تطبيقي سريع.
ويضيف: يمكن القول إن روسيا تمتلك المعرفة لكنها تفتقد المنظومة التي تحوّل هذه المعرفة إلى صناعة. وحتى الآن، لا تظهر مؤشرات قوية على إمكان إحداث اختراق قريب، خصوصاً في ظل استمرار العزلة الجيوسياسية وتزايد المنافسة العالمية.
ومع ذلك، قد تلجأ موسكو إلى التعاون مع الصين أو إيران أو دول البريكس لإقامة منظومة بديلة بعيداً عن الغرب، لكن نجاح هذا السيناريو سيعتمد على قدرتها على خلق بيئة استثمارية مرنة وتحرير الابتكار من البيروقراطية والهيمنة العسكرية.
نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر ما أسباب تأخر روسيا في قطاع الذكاء الاصطناعي؟ .. في رعاية الله وحفظة