 
                        
القاهرة - محمد ابراهيم -
في زمننا هذا أصبح “الفيلتر” هو المخرج الحقيقي، وحقن البوتوكس هي الماكيير الجديدوالنتيجة؟ وجوه كانت بتسحر القلوب بصدقها، بقت بتخوّف من كتر ما بقت شبه بعضهاجمال السينما العربية فقد سحره، مش لأن الزمن غيّر الملامح، لكن لأن “التجميل” قتل الملامح.
من أكتر الأمثلة الصادمة في السنوات الأخيرة كانت هيفاء وهبي،نجمة صاحبة كاريزما غير عادية، كانت رمز للأنوثة والجمال الشرقي، لكن مع تكرار عمليات التجميل والتعديل، خسر الجمهور الملامح اللي حبها، وبقى يشوف في كل ظهور شكل مختلف،الجمال اللي كان طبيعي وبسيط بقى مصطنع أكتر من اللازم، كأنه بيتحوّل إلى مشروع تجميل مستمر مش فنانة حقيقية.
أما إليسا، فالقصة مؤلمة بمعنى الكلمة.
صوتها مازال مميز، لكن ملامحها اللي كانت دافئة ومليانة طيبة اتحولت تدريجيًا لشكل جامد، فيه حاجة “مش هي”،وده انعكس حتى في أدائها أمام الكاميرا وفي كليباتها الأخيرة اللي فقدت فيها تلقائيتها.
في مصر، ظهرت نفس الظاهرة بوضوح.
غادة عبد الرازق اللي كانت بتملك ملامح مصرية قوية، فيها قوة وإغراء طبيعي، بقت في بعض مراحلها الفنية الأخيرة نسخة مش شبه نفسها،التجميل الزائد خلى ملامحها تتغيّر، وده أثر حتى على مصداقية مشاهدها — خصوصًا في أدوار الأم أو الست الشعبية اللي الجمهور مش قادر يصدقها بملامح “مجلة موضة”.
وحتى نيللي كريم اللي كانت رمز للبساطة والجمال الطبيعي، لجأت مؤخرًا لتعديلات خفيفة خلت الجمهور نفسه يعلق: “رجّعي وشك زي الأول”،الناس بتحبها بوشها الطبيعي اللي فيه صدق، مش بالملامح المصقولة اللي بتخفي التعبير.
وفي الدراما السورية، جومانة مراد وصفاء سلطان خسروا جزء من العفوية اللي كانت ميزتهم.
كل محاولة لتصغير السن أو شد الملامح كانت بتكلفهم جزء من صدقهم كممثلات بيعتمدن على الوجه في نقل الإحساس،العيون بقت واسعة بس باردة، والضحكة بقت مرتبة بس مش حقيقية.
حتى أنغام اللي دايمًا كانت رمز الأناقة والرقي، ظهر في بعض فترات حياتها الفنية إن المكياج الزائد والفلاتر في الصور بيبعدها عن الجمال اللي كان بسيط وراقي في نفس الوقت،الجمال اللي بيغني بصوته مش اللي بيحتاج تعديل في صورته.
اللي بيحصل أخطر من مجرد تغيير شكل.
إحنا بنتفرج على تحوّل فني خطير: لما الممثل أو المطرب يركّز على صورته أكتر من إحساسه، لما يبقى الهمّ الأكبر “يظهر أصغر” بدل ما “يظهر أصدق”،وده انعكس على جودة التمثيل والغناء، لأن اللي بيخاف على شكله مش هيعرف يسيب نفسه للمشهد.
زمان كنا بنشوف نجمات زي فاتن حمامة، سعاد حسني، شريهان، ليلى علوي في عز جمالهم، ومع ذلك كانوا طبيعيين، بتطلعهم الكاميرا زي ما هما،وشوش فيها تفاصيل، فيها حياة.
النهارده الفنانة مش بس بتخاف من التجاعيد، دي بتخاف من التعبير.
والمؤسف إن الجمهور نفسه بقى جزء من اللعبة،بقى يقارن الفنانات مش على أساس الأداء أو الإحساس، لكن على أساس “مين وشها أنعم” أو “مين حاطه فيلتر أقل”،حتى الرجالة دخلوا السباق: فنانين كتير لجأوا لتجميل وتفتيح وتحسين شكل، وده خلى ملامحهم تفقد المصداقية قدام الكاميرا.
الفن مش مسابقة تجميل، الفن صدق، عُمر، إحساس، وتعبير،والفنان اللي يسيب الزمن يطبع عليه بيكسب احترام الجمهور، مش بيخسره،اللي يهرب من عمره بيخسر روحه، واللي يبالغ في التجميل بيشوه نفسه باسم الجمال.
 




