نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر عاجل - السيسي: مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهج إثيوبيا غير المسؤول في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - ألقى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة مسجلة، خلال الجلسة الافتتاحية لـ أسبوع القاهرة الثامن للمياه، الذي انطلق اليوم الأحد، تحت شعار «الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية»، بمشاركة واسعة من الوزراء، وصناع القرار، وخبراء دوليين، وممثلي منظمات دولية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
مصر منارة فكرية عالمية لقضية المياه
استهل الرئيس كلمته بالترحيب بضيوف مصر قائلًا: "يسعدني أن أرحب بكم في أرض الكنانة، هبة النيل، أرض النهر الخالد، الذي يربط ماضينا بحاضرنا وبمستقبل أجيالنا، بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة من أسبوع القاهرة للمياه، الحدث الذي أصبح منارة فكرية ومركزًا عالميًا للحوار والتعاون من أجل حماية المياه، لأنها سر الحياة وأصل الوجود".
وأكد الرئيس أن اختيار شعار هذا العام يعكس إيمان مصر بأن قضية المياه لم تعد شأنًا محليًا أو إقليميًا فحسب، بل قضية عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة.
تحديات عالمية وأفريقية في ملف المياه
أوضح الرئيس السيسي أن العالم يواجه تحديات متزايدة تتعلق بندرة الموارد المائية، وتزايد الطلب على المياه، وسوء الإدارة، وتداعيات تغير المناخ.
وأضاف أن القارة الإفريقية ثاني أكثر قارات العالم جفافًا، ويعاني أكثر من 300 مليون مواطن إفريقي من صعوبة الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، وفق تقارير الأمم المتحدة.
كما أشار إلى أن العالم العربي من أكثر مناطق العالم ندرة في الأمطار، ويعتمد في أغلب موارده المائية على مصادر خارجية.
قضية المياه في مصر: تحدٍ وجودي
أكد الرئيس أن مصر تواجه تحديات جسيمة في ملف المياه، إذ تعتمد بنسبة تفوق 98% على مصدر واحد ينبع من خارج الحدود، وهو نهر النيل، في حين يبلغ نصيب الفرد نحو 500 متر مكعب سنويًا فقط، أي نصف خط الفقر المائي العالمي.
وأضاف أن قضية المياه تمثل قضية وجودية تمس حياة أكثر من مائة مليون مواطن، ولذلك وضعت مصر قضية توفير المياه النظيفة على رأس أولوياتها الوطنية.
التحول نحو الإدارة الذكية والمستدامة للمياه
استعرض الرئيس مشروعات الدولة في هذا الملف، مشيرًا إلى أن الجيل الجديد من منظومة الري المصرية يجسد التحول نحو الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
وأوضح أن مصر أنشأت ثلاث محطات كبرى لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي هي:
محطة بحر البقر
محطة المحسمة
محطة الدلتا الجديدة
وهي من أكبر مشروعات إعادة الاستخدام على مستوى العالم، وأسهمت في دعم التوسع الزراعي واستصلاح الأراضي.
كما شملت الجهود تأهيل شبكات الترع، وتطبيق نظم الري الحديثة، وحماية السواحل، وإدارة الموارد باستخدام التكنولوجيا والابتكار.
مصر تقود التعاون الدولي في ملف المياه
شدد الرئيس السيسي على أن الجهود الوطنية لن تؤتي ثمارها دون تعاون دولي فعال يضمن حق الإنسان في الحصول على مياه نظيفة.
وأشار إلى أن مصر حرصت على إدراج ملف المياه ضمن أولويات المجتمع الدولي، حيث تم إدراج موضوعات المياه لأول مرة في مؤتمرات المناخ خلال قمة المناخ COP27 بشرم الشيخ عام 2022.
وخلال القمة، أطلقت مصر مبادرة التكيف والصمود في قطاع المياه بالتعاون مع منظمة اليونسكو والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لدعم الدول النامية في مواجهة التحديات المائية والمناخية.
التضامن الإفريقي ودعم دول حوض النيل
أكد الرئيس أن مصر، انطلاقًا من روح التضامن الإفريقي، مدت يد العون لأشقائها في القارة، خاصة دول حوض النيل، من خلال تنفيذ مشروعات تنموية تشمل حفر آبار مياه جوفية تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء منشآت لحصاد مياه الأمطار، وتطوير مراكز للتنبؤ والإنذار المبكر، إضافة إلى برامج تدريبية في مركز التدريب الإفريقي للمياه والتكيف المناخي.
رسالة حازمة لإثيوبيا: النيل ليس ملكية لدولة واحدة
وجّه الرئيس السيسي رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا في إدارة السد.
وقال الرئيس: "لقد انتهجت مصر على مدار أربعة عشر عامًا مسارًا دبلوماسيًا نزيهًا للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يحقق التوازن بين مصالح دول حوض النيل، لكن جهودها قوبلت بتعنت من الجانب الإثيوبي وفرض للأمر الواقع".
وأضاف أن إدارة السد بشكل أحادي تسببت مؤخرًا في أضرار لدولتي المصب نتيجة التدفقات غير المنتظمة، دون إخطار مسبق أو تنسيق، وهو ما يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لضمان تنظيم تشغيل السد وفق اتفاق قانوني عادل وملزم.
الدبلوماسية المصرية خيار القوة لا الضعف
أكد الرئيس السيسي أن لجوء مصر إلى المؤسسات الدولية ليس ضعفًا بل دليل على قوة الموقف المصري وإيمانه بأن الحوار والتعاون هما السبيل الأمثل لتحقيق مصالح جميع الدول.
وشدد على أن مصر ستتخذ كافة التدابير اللازمة لحماية مصالحها وأمنها المائي، مشيرًا إلى أن الأنهار الدولية خُلقت لتكون جسور تعاون لا خطوط فصل.
دعوة للتعاون من أجل مستقبل مائي مستدام
اختتم الرئيس كلمته بدعوة جميع الحاضرين إلى نقاش جاد وحوار فعال خلال فعاليات أسبوع القاهرة للمياه، للتوصل إلى حلول مبتكرة تضمن الأمن المائي لشعوب العالم، مؤكدًا أن الماء يجب أن يكون «جسرًا للتعاون لا ساحة للصراع».