الرياض - كتبت رنا صلاح - لا تزال بعض الأعشاب تحتفظ بمكانتها في مجال الطب الطبيعي بفضل خصائصها العلاجية وتجارب الشعوب التي توارثتها عبر الأجيال، وتعد عشبة الشيبة من أبرز هذه النباتات التي حظيت باهتمام واسع في الطب الشعبي لما يُعتقد أنه فوائد صحية جعلتها شائعة الاستخدام، إلا أن فعاليتها ما زالت تحتاج إلى المزيد من الدراسات العلمية لإثباتها بشكل مؤكد.
” ازاي عايشين كل ده ومنعرفهاش ” .. عشبة سحرية معجزة منتشرة في الأسواق تقضي على جميع مشاكل الجهاز الهضمي
تُعرف الشيبة علميًا باسم Artemisia absinthium، وهي نبتة معمّرة ذات رائحة عطرية قوية وأوراق خضراء زيتونية يغطيها زغب رمادي ناعم، وتشبه في مظهرها نبات الميرمية. تنمو غالبًا في المناطق الجافة والمكشوفة، وتحمل عدة تسميات حسب المنطقة واللهجة، مثل الأفسنتين والدمسيسة والشيح الرومي وشيبة العجوز وشجرة مريم، وتُعرف في بلدان المغرب العربي بذات الاسم أو بأسماء قريبة منه.
الفوائد الصحية لعشبة الشيبة
عشبة الشيبة غنية بالمركبات النشطة التي تساهم في التخفيف من مشكلات صحية متعددة، خصوصًا ما يتعلق بالجهاز الهضمي والمناعة والكبد، فضلًا عن دعم وظائف القلب والدورة الدموية.
دعم صحة الجهاز الهضمي
تُعد الشيبة من الأعشاب المفيدة لتحسين وظائف الجهاز الهضمي، إذ تساهم في تقليل الغازات والانتفاخات، وتُستخدم تقليديًا لتخفيف أعراض القولون العصبي واضطرابات المعدة، كما أشار بعض المهتمين بالطب البديل إلى قدرتها على تهدئة أعراض أمراض مزمنة مثل مرض كرون.
تنشيط الكبد وتعزيز التخلص من السموم
تعمل الشيبة على تحفيز الكبد لإفراز العصارة الصفراوية التي تساعد في عملية الهضم، كما تُسهم في تخليص الجسم من السموم المتراكمة. وقد أشارت بعض الدراسات الأولية إلى احتمال دورها الوقائي في حالات التهاب الكبد المزمن، مما يجعلها من الأعشاب الداعمة لصحة الكبد.
تحسين الدورة الدموية وصحة القلب
بفضل احتوائها على مضادات الأكسدة، تساعد الشيبة في تقليل تأثيرات الإجهاد التأكسدي الذي قد يضر القلب، كما تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتعزيز تدفق الدم، ما يُسهم في الوقاية من التهابات الأوعية الدموية وتحسين مرونتها.
مكافحة العدوى وتقوية المناعة
عُرفت الشيبة بخواصها المضادة للميكروبات والطفيليات، وقد استُخدمت في الطب الشعبي لعلاج العدوى المعوية وبعض أنواع الديدان. كما يُعتقد أن لها تأثيرًا مساعدًا في دعم الكلى والتقليل من أعراض بعض أنواع الاعتلال الكلوي.
طريقة الاستخدام الآمن للعشبة
للاستفادة من عشبة الشيبة دون التعرض لأي أضرار، يُنصح بتحضيرها على هيئة شاي عشبي، وذلك بنقع ملعقة صغيرة من أوراقها المجففة في كوب ماء مغلي، وتركه من خمس إلى عشر دقائق ثم تصفيته. يُفضّل تناول كوب واحد يوميًا بعد الطعام أو قبل النوم للحصول على التأثير المهدئ والهضمي. ويُشدد على ضرورة عدم الإفراط في استخدامها دون استشارة طبية، خصوصًا لمن يعانون من أمراض مزمنة أو يتناولون أدوية بانتظام.
تحذيرات هامة قبل الاستخدام
رغم فوائد الشيبة المتعددة، إلا أن استخدامها يتطلب الحذر والاعتدال، ويُفضل مراعاة الحالات التالية:
لا تُنصح بها النساء الحوامل أو المرضعات، نظرًا لاحتمال تأثيرها السلبي على الحمل أو الرضيع.
يجب تجنب استخدامها دون إشراف طبي لمن يعانون من أمراض مزمنة أو يتناولون أدوية علاجية.
تحتوي الشيبة على مركبات قد تُصبح سامة عند الاستهلاك بكميات كبيرة أو لفترات طويلة، ما يستدعي التقيد بالجرعات المحددة وتجنب الاستخدام العشوائي.
الشيبة بين الموروث الشعبي والاهتمام الحديث
لطالما كانت عشبة الشيبة جزءًا من وصفات الأجداد، حيث استُخدمت لعلاج الحمى وتحفيز الشهية والتخلص من الطفيليات المعوية. وفي العصر الحديث، ما زالت حاضرة في ممارسات الطب البديل كمكمل عشبي، مع ازدياد الدعوات لإجراء دراسات علمية معمّقة حول فوائدها وسلامتها على المدى الطويل، وبين الخبرات التقليدية والتقدم العلمي، تبقى الشيبة عشبة ذات إمكانات واعدة تحتاج إلى وعي في الاستخدام ومزيد من البحث العلمي.
