فن ومشاهير

من غرف الأخبار إلى أضواء الدراما… صحفيون تحوّلوا إلى كتّاب تركوا بصمتهم على الشاشة

من غرف الأخبار إلى أضواء الدراما… صحفيون تحوّلوا إلى كتّاب تركوا بصمتهم على الشاشة

القاهرة - محمد ابراهيم - لم يعد التحوّل من عالم الصحافة إلى عالم الدراما والسينما مجرّد ظاهرة عابرة، بل أصبح مسارًا إبداعيًا واضحًا أثبت نجاحه بقوة داخل الصناعة العربية فخلال السنوات الأخيرة ، لمع عدد من الصحفيين الذين قرروا أن ينتقلوا من مقالاتهم وتقاريرهم اليومية إلى كتابة السيناريوهات وصناعة الحكايات التي تبقى في ذاكرة الجمهور.


ومع كل تجربة ناجحة، تأكّد أن الصحفي يمتلك ما لا يملكه غيره: عينٌ تُدرك التفاصيل، وأذنٌ تلتقط نبض الشارع، وقلمٌ يعرف كيف يحوّل الواقع إلى دراما صادقة.


من أبرز الأمثلة التي رسّخت هذا التحوّل كان الكاتب وحيد حامد، الذي بدأ حياته صحفيًا قبل أن يصبح واحدًا من أهم كُتّاب الدراما في العالم العربي الصحفي الذي جاب الشارع وحاور البسطاء والرموز، استطاع تحويل الخبر إلى حكاية، والتحقيق إلى مشهد، لينتج أعمالًا خالدة مثل “طيور الظلام”، “الإرهاب والكباب”، و“المنسي”، إلى جانب أعمال درامية قوية مثل “الجماعة” و“أحلام الفتى الطائر”.
وحيد حامد لم يكن مجرد كاتب… بل كان شاهدًا على عصره، وهذا ما صنع الفارق.


أما السيناريست مجدي صابر، فقد بدأ كذلك صحفيًا قبل أن ينتقل إلى كتابة الدراما الاجتماعية، ويقدم أعمالًا أصبحت جزءًا من ذاكرة الجمهور مثل “الست أصيلة”، “هبة رجل الغراب”، و“الوصية الغائبة” قدرته على بناء عوالم كاملة وتقديم شخصيات تنبض بالحياة تعود إلى سنوات قضاها في الصحافة، يراقب الناس، ويجمع القصص من الواقع.
ولا يمكن الحديث عن هذه الظاهرة دون الإشارة إلى الكاتبة دهشة عبد ربه التي جاءت من خلفية صحفية، قبل أن تثبت نفسها كواحدة من أهم الأصوات النسائية في كتابة الدراما الاجتماعية. تألقت في أعمال مثل “أفراح إبليس” و“أريد رجلًا”، حيث قدّمت شخصيات تشبه النساء في الشارع والبيت والعمل… شخصيات تعرفها جيدًا لأنها جاءت من عالم الصحافة الذي يراهن على التفاصيل الدقيقة.
كما يبرز اسم محمد فوزي، الصحفي الذي أصبح كاتبًا للعمل الدرامي المميز “الاختيار 2” و“العائلة”، حيث استطاع بخبرته الصحفية أن يجمع الحقائق، ويحلل الوثائق، ويحوّلها إلى مشاهد تحمل ثقلًا وصدقًا كبيرين، ما جعل أعماله مرجعًا بصريًا لملفات شائكة وحساسة.
ولم يتوقف الأمر عند الجيل القديم، بل امتد إلى جيل جديد من الصحفيين الشباب الذين شقوا طريقهم إلى الدراما عبر المنصات الرقمية. بعضهم كتب أعمالًا قصيرة لاقت انتشارًا، وآخرون شاركوا في غرف الكتابة للأعمال الكبيرة، ليصبحوا جزءًا من التحوّل الذي تشهده الصناعة اليوم.
هذا الجيل يمتلك أدوات جديدة تجمع بين الصحافة التقليدية والإعلام الرقمي، وهو ما يمنح أعمالهم مرونة وواقعية وقدرة أكبر على فهم الجمهور.
ما يجمع كل هؤلاء هو أن الصحافة كانت بوابة دخولهم إلى عالم الدراما… بوابة صقلت مهاراتهم، وفتحت أعينهم على التفاصيل، ومنحتهم قدرة استثنائية على تحويل الواقع إلى سرد قوي.
فالصحفي لا يكتب من فراغ، بل من حياة يعيشها ويرصدها، ولهذا كانت أعمالهم تحمل حرارة الحياة الحقيقية، وتبتعد عن التركيبات المبالغ فيها والخيال المنفصل عن الناس.
ومع توسّع الإنتاج الدرامي وارتفاع الطلب على القصص المستوحاة من الواقع، يبدو أن حضور كتّاب قادمين من خلفية صحفية سيزداد في السنوات المقبلة.
فالدراما تحتاج إلى صدق، والصدق يأتي من تجربة… والصحفيون كانوا وما زالوا أصحاب التجربة الأعمق مع الناس والشارع والمجتمع.
إنها رحلة انتقالية فريدة… من مواجهة الحقيقة بالقلم، إلى تجسيدها بالصورة والمشهد.
رحلة أثبتت أن الصحفي يمكن أن يصبح كاتب دراما استثنائي، إذا امتلك الجرأة والخيال وحب الحكاية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا