نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر لغز اختفاء لوحة "خنتي كا" من سقارة يشعل الجدل والتحقيقات في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - اختفاء لوحة "خنتي كا" بسقارة.. لغز جديد يهز الأوساط الأثرية في مصر
غموض في قلب سقار
تصاعدت حالة من الجدل والقلق في الأوساط الأثرية بعد أنباء عن اختفاء لوحة أثرية نادرة من الحجر الجيري من داخل مخازن سقارة. اللوحة، التي تعود للعصر الفرعوني القديم من مقبرة "خنتي كا"، كانت محفوظة ضمن مقتنيات جبانة "تتي"، وهي من القطع التي توثق مشاهد الحياة اليومية في مصر القديمة بتفاصيل فنية دقيقة.
الواقعة أثارت الرأي العام نظرًا لتزامنها مع حادثة سابقة لا تزال أصداؤها مستمرة، وهي سرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري بالتحرير الشهر الماضي، ما دفع كثيرين للتساؤل: هل تتكرر مأساة ضياع تراثنا؟
لوحة فريدة من زمن الدولة القديمة
تُعد لوحة "خنتي كا" واحدة من القطع الاستثنائية التي تم اكتشافها داخل مقابر النخبة في سقارة. يبلغ حجمها نحو 40×60 سم، وتضم نقوشًا لثلاثة مشاهد متتالية توثق تفاصيل من الحياة الزراعية والطقوس اليومية، بأسلوب قريب من لوحات "ميريروكا" الشهيرة عالميًا.
القطعة لم تكن معروضة للجمهور، بل محفوظة في مخازن سقارة باعتبارها قطعة دراسية مهمة يستخدمها الباحثون في دراسة تطور الفن الجنائزي في الدولة القديمة.
البداية الغامضة: جرد روتيني يكشف المفاجأة
بدأت القصة قبل أكثر من شهرين، حين قرر المجلس الأعلى للآثار تنفيذ عملية جرد دورية داخل بعض المخازن. أثناء المراجعة، لاحظت اللجنة غياب سجل دخول وخروج اللوحة، مما أثار الشكوك حول مصيرها.
ورغم أن وزارة السياحة والآثار لم تصدر بيانًا رسميًا حتى اللحظة، فإن مصادر داخل القطاع أكدت أن هناك تحقيقًا داخليًا موسعًا جارٍ الآن، مع مراجعة كاميرات المراقبة وسجلات الحراسة.
تساؤلات حول التقصير والإهمال
الحادثة الأخيرة سلطت الضوء من جديد على ثغرات نظام تأمين المخازن الأثرية في مصر. فبحسب خبراء، يعتمد الكثير من المواقع الأثرية على حراس غير متخصصين، دون تدريب كافٍ في مجال الأمن المتحفي أو التعامل مع القطع الحساسة.
كما أشار آخرون إلى ضعف منظومة الرقمنة في تسجيل القطع، مما يجعل تتبعها صعبًا في حالة الفقد أو السرقة.
وقال أحد الأثريين السابقين – فضل عدم ذكر اسمه – إن «الاعتماد على الأساليب الورقية في الجرد يجعل أي تلاعب أو خطأ بشري كفيلًا بإخفاء قطعة لسنوات دون اكتشافها»
صمت رسمي وغضب شعبي
من جهتها، اكتفت وزارة الآثار بتصريح مقتضب يفيد بأن «أعمال الجرد ما زالت جارية، ولا يمكن الجزم باختفاء اللوحة قبل انتهاء الفحص الكامل».
لكن هذا الصمت فُسّر من قبل كثيرين على أنه تعتيم غير مبرر، خاصة مع تصاعد الضغوط عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، التي امتلأت بتعليقات غاضبة تدعو للتحقيق الفوري وكشف الحقيقة للرأي العام.
وكتب أحد المستخدمين: «الآثار دي مش مجرد حجارة، دي ذاكرتنا وهويتنا»، في إشارة إلى ضرورة محاسبة المقصرين أيًا كانوا.
مخاوف من تكرار سيناريو "الأسورة الذهبية"
الحادثة أعادت للأذهان واقعة الأسورة الذهبية التي اختفت من المتحف المصري قبل أسابيع، ثم تم العثور عليها بعد بيعها وصهرها داخل ورشة ذهب في أحد الأحياء الشعبية.
ويرى مراقبون أن التشابه بين الحادثتين يثير احتمال وجود شبكات منظمة تتاجر بالقطع الأصلية بعد استبدالها بنسخ مقلدة لتضليل اللجان.
ويؤكد خبراء أن استمرار مثل هذه الحالات يهدد سمعة مصر عالميًا، خاصة أن قطاع الآثار يمثل واجهة حضارية وسياحية واقتصادية للبلاد.
تحركات قضائية مرتقبة
مصادر قضائية أشارت إلى أن النيابة العامة تتابع التحقيقات عن كثب، استعدادًا لفتح تحقيق رسمي شامل إذا تأكد فقد اللوحة.
ومن المتوقع أن تشمل التحقيقات مسؤولين بالمخازن وموظفين في المجلس الأعلى للآثار، مع مراجعة كافة الإجراءات الأمنية في المنطقة خلال الأشهر الماضية.
وفي حال ثبوت الإهمال أو التواطؤ، ستُحال القضية للمحكمة باعتبارها جريمة إضرار بالمال العام، يعاقب عليها القانون المصري بعقوبات مغلظة.
دعوات لإصلاح شامل لمنظومة الحماية
في ظل هذه الأحداث، دعا خبراء ومثقفون إلى إعادة هيكلة منظومة تأمين المواقع والمخازن الأثرية بالكامل، وتطبيق نظم إلكترونية متقدمة لتتبع كل قطعة عبر كود رقمي لا يمكن تزويره.
كما طالبت جمعيات حماية التراث بإنشاء وحدة مستقلة لحماية الآثار، تضم عناصر أمن مدربين على أعلى مستوى، إلى جانب التعاون مع "الإنتربول" لتعقب أي آثار مصرية قد تُعرض للبيع في الخارج.
بين الماضي والمستقبل.. من يحمي ذاكرة مصر؟
حادثة لوحة "خنتي كا" ليست مجرد واقعة سرقة محتملة، بل ناقوس خطر يدق في وجه المنظومة الأثرية بأكملها.
ففي بلد يملك ثلث آثار العالم، لا يجوز أن تُختزل حماية التراث في كاميرات متهالكة أو أوراق جرد تُنسى في الأدراج.