أخبار مصرية

بعد واقعة تجاوز معلمة لحدود المهنة.. خبير تربوي: بعض الأساليب غير التربوية تشوّه صورة المعلم وتهدد القيم التعليمية

بعد واقعة تجاوز معلمة لحدود المهنة.. خبير تربوي: بعض الأساليب غير التربوية تشوّه صورة المعلم وتهدد القيم التعليمية

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر بعد واقعة تجاوز معلمة لحدود المهنة.. خبير تربوي: بعض الأساليب غير التربوية تشوّه صورة المعلم وتهدد القيم التعليمية في المقال التالي

أحمد جودة - القاهرة - بالرغم من أن مهنة التعليم تُعد من أسمى المهن التي تقوم على بناء العقول وغرس القيم وصياغة وعي الأجيال، إلا أن بعض الممارسات الفردية الخارجة عن الإطار التربوي باتت تثير جدلًا واسعًا في المجتمع، خاصة بعد تداول مقاطع مصورة لمعلمة تجاوزت حدود مهنة التدريس، الأمر الذي دفع الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي، إلى التحذير من خطورة هذه السلوكيات وما تتركه من آثار سلبية عميقة على الطلاب والمجتمع بأسره.

يؤكد الدكتور تامر شوقي أن الغالبية العظمى من المعلمين ما زالوا يؤدون رسالتهم باقتدار، مستخدمين أساليب تربوية ونفسية قائمة على الاحترام والتفاعل الإيجابي مع الطلاب، إلا أن قلة من المعلمين، خاصة أولئك الذين يعملون في السناتر الخاصة ولا يخضعون لإشراف وزارة التربية والتعليم، يلجأون إلى أساليب خاطئة أثناء شرح الدروس أو التعامل مع الطلاب.

هذه الأساليب، كما يوضح الخبير التربوي، تتنوع ما بين استخدام ألفاظ سوقية لا تليق بمكانة المعلم، أو القيام بإيماءات وحركات غير لائقة، أو حتى ممارسة التنمر على فئة أو جماعة أو أفراد داخل المجتمع، وهو ما يُعد خرقًا واضحًا للقيم التي تأسست عليها مهنة التعليم.

ويرى شوقي أن مثل هذه الممارسات لا تقتصر أضرارها على البيئة التعليمية فحسب، بل تمتد لتحدث شرخًا في العلاقة بين المجتمع والمعلم.

فحين تهتز الصورة الذهنية للمعلم، التي ما دام ارتبطت بالهيبة والوقار والقدوة الحسنة، يفقد المجتمع أحد أعمدته الأخلاقية والثقافية. كما أن نقل المعلومات بأسلوب ساخر أو مسيء يجعل الطلاب يتعاملون مع الدروس بسطحية، ويُفقدهم الاحترام الواجب للعملية التعليمية، بل وقد يرسخ في أذهانهم مفاهيم مشوهة أو مغلوطة عن فئات المجتمع.

ويشير الخبير التربوي إلى أن الأخطر من ذلك هو أن بعض الأمثلة التي يستخدمها المعلمون في الشرح قد تتضمن تنمرًا أو تحيزًا ضد فئات معينة مثل الرجال أو النساء أو فئات اجتماعية بعينها، وهو ما يُغرس في نفوس الطلاب على أنه أمر طبيعي أو فكاهي، بينما هو في الواقع سلوك خطير يعزز ثقافة التنمر والانقسام المجتمعي. فبدلًا من أن تكون قاعات الدروس الخصوصية فضاءً للعلم والتثقيف، تحولت في بعض الحالات إلى مسرح لنشر الأفكار المغلوطة والتمييزية.

ويضيف الدكتور تامر شوقي أن انتشار مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يجعل التأثير أكثر اتساعًا، حيث لا تقتصر الرسائل السلبية على الطلاب الحاضرين فحسب، بل تمتد لتصل إلى شرائح واسعة من المجتمع، لتخلق تصورات مشوهة وتثير صراعات أسرية واجتماعية لا أساس لها من الصحة. بل إن بعض الطلاب الذين يشاهدون تلك المقاطع قد يقلدون لاحقًا أسلوب المعلم في تعاملهم مع الآخرين، فيتكون جيل جديد من المعلمين أو الأفراد يحمل نفس الأنماط السلوكية الخاطئة.

ويحذر الخبير التربوي من الانخداع بالمظهر المرح الذي قد يراه البعض في هذه الأساليب غير التربوية، موضحًا أن سهولة الفهم أو خفة الظل لا تبرر أبدًا الإساءة أو الخروج عن حدود المهنة. فالتأثيرات السلبية الناتجة عن هذه الأفعال تظل راسخة في عقول الطلاب وتؤثر في نظرتهم للقيم والأخلاق والتعليم ذاته.

أما عن سبل مواجهة هذه الظاهرة، فيشدد الدكتور تامر شوقي على ضرورة التحرك في مسارات متوازية، تبدأ من ضبط مهنة التعليم وتأكيد التزامها بمعايير السلوك المهني، مرورًا بالرقابة على مراكز الدروس الخصوصية، وصولًا إلى توعية أولياء الأمور والمجتمع بأكمله. ويقترح في هذا الإطار عددًا من الإجراءات، من بينها اشتراط الحصول على مؤهل تربوي لكل من يمارس مهنة التدريس سواء داخل المدارس أو خارجها، والتشدد في منح تراخيص مزاولة المهنة وتجديدها بناءً على مدى التزام المعلم بالقواعد الأخلاقية والسلوكية.

كما يدعو إلى محاسبة أي معلم يستخدم ألفاظًا أو سلوكيات غير لائقة أثناء التدريس، واتخاذ إجراءات رادعة بحقه، حتى لا تتحول هذه التجاوزات إلى ظاهرة مألوفة.

ويرى شوقي أهمية مراجعة تراخيص السناتر الخاصة وغلق غير المرخص منها، مع منح لجان التفتيش التابعة لوزارة التربية والتعليم صلاحيات الضبطية القضائية لضمان الالتزام بالمعايير التربوية.

كما يقترح تركيب كاميرات مراقبة داخل قاعات الدروس الخصوصية لتوثيق أي مخالفات قد تصدر من المعلمين أو الطلاب، مما يضمن الانضباط داخل هذه المراكز.

وفي سياق متصل، يؤكد الدكتور تامر شوقي على ضرورة إعداد دورات تدريبية متخصصة للمعلمين لتأهيلهم نفسيًا وتربويًا على كيفية التعامل السليم مع الطلاب، بما يتناسب مع خصائص كل مرحلة عمرية، مع التأكد من السلامة النفسية والانفعالية لكل من يتقدم للعمل بمهنة التدريس.

فالمعلم، كما يقول، لا بد أن يمتلك الثبات الانفعالي والقدرة على إدارة المواقف داخل الفصل بحكمة واتزان، لأن فقدانه لهذه السمات قد يجعله مصدرًا للاضطراب لا للقدوة.

ويشدد الخبير التربوي على أهمية تجريم ممارسة مهنة التدريس دون مؤهل تربوي، معتبرًا أن من يفعل ذلك «منتحل صفة معلم»، وهي جريمة لا تقل خطورة عن انتحال صفة الطبيب، لما تحمله من آثار مدمرة على عقول الناشئة. كما يدعو أولياء الأمور إلى مراقبة سلوك المعلمين الذين يتعاملون مع أبنائهم في السناتر الخاصة، والإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات أو إساءات قد تحدث، لأن غياب الرقابة الأسرية يتيح المجال لتمدد مثل هذه السلوكيات.

وفي ختام حديثه، يؤكد الدكتور تامر شوقي أن مهنة التعليم ليست مجرد وظيفة، بل هي رسالة أخلاقية وإنسانية في المقام الأول، مشيرًا إلى أن أي تجاوز فردي من أحد العاملين بها يُعد مساسًا بقدسية المهنة وهيبتها، ويؤثر على سمعة كل معلم يؤدي واجبه بضمير واحترام.

ويختتم قائلًا إن الحفاظ على مكانة المعلم وهيبته يبدأ من الداخل، من التزامه الشخصي بالقيم التي يُعلمها لطلابه، لأن المعلم في نهاية المطاف ليس فقط من يشرح الدروس، بل من يصنع الإنسان.

Advertisements

قد تقرأ أيضا