الرياض - كتبت رنا صلاح - شارك المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، رؤيته بشأن التطورات المؤسفة التي شهدتها محافظة المنيا مؤخراً، مشدداً على ضرورة مراجعة الإجراءات الأمنية بالمحافظة وتحقيق العدالة القانونية للجميع.
«الكلام بقى رسمي».. نجيب جبرائيل يكشف تفاصيل أحداث المنيا ويطالب بتغيير شامل في المنظومة الأمنية
وأوضح جبرائيل أن الأحداث التي شهدتها بعض قرى المنيا تسلط الضوء على الحاجة إلى تحديث وتقييم طرق التعاطي الأمني مع الأزمات، مؤكدًا أن الاقتصار على حلول مؤقتة، أو اللجوء للجلسات العرفية، ليس كافيًا لمعالجة جذور المشكلات. وأكد أن الطريق الأنسب يبدأ بتطبيق صارم وواضح للقانون يكفل حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة دون أي نوع من التمييز.
وفي سياق متصل، صرح جبرائيل أن هذه التوترات ليست مجرد واقعة عابرة بل إشارة واضحة إلى أهمية إعداد دراسة أمنية شاملة تضع محافظة المنيا على رأس الأولويات الوطنية في الجانب الأمني. وأكد على أن التعامل مع المواقف الحرجة ينبغي أن يكون مؤسسيًّا ومنظمًا، بعيدًا عن القرارات الفردية أو الاجتهادات الشخصية، إذ إن حماية المواطنين لا تحتمل التهاون أو التأجيل.
وأشار جبرائيل أيضًا إلى رفضه التام لمبدأ العقاب الجماعي، مبينًا أن الخطأ الفردي لا يجوز أن يتحول إلى ذريعة للإساءة أو إبعاد مجموعات بأكملها أو الإضرار بممتلكاتهم، فهذا يسهم في زعزعة الثقة في هيبة القانون وتفاقم الأزمات بدلاً من احتوائها.
وفي هذا الصدد، طالب جبرائيل وزارة الداخلية بإعادة النظر بأسلوب الإدارة الأمنية في المحافظة، وتعيين قادة ميدانيين يمتلكون الكفاءة للتعامل مع ملفات تتسم بالحساسية، بما يحقق استجابة عاجلة وفعّالة للمستجدات. ودعا إلى تبني خطة أمنية حديثة تعتمد على التكنولوجيا المتطورة والمراقبة المنتظمة، مرفقة بحملات توعية تهدف لترسيخ مبادئ التعايش السلمي ونبذ العنف بين أبناء المجتمع.
وضمن مطالبه، شدد جبرائيل على أهمية تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الرسمية فى الدولة، بما يشمل الأجهزة الأمنية والمحليات والمؤسسات الدينية، لتفادي تكرار الأزمات. مؤكدًا في الوقت ذاته أن الاعتماد على الحلول العرفية أثبت فشله في كبح جماح التوترات أو منع تكرار الأحداث.
تصريحات نجيب جبرائيل تزامنت مع تصاعد دعوات المجتمع المدني بضرورة إعلاء سيادة القانون ومحاسبة المتسببين في الوقائع الأخيرة بالمنيا، بغض النظر عن خلفياتهم. ويرى مراقبون أن المحافظة بحاجة إلى خطة متكاملة تجمع بين تحقيق الأمن ودفع عجلة التنمية، خاصةً في المناطق الريفية التي اعتادت على تصاعد الخلافات الطائفية أو الاجتماعية بين فترة وأخرى.
ويجمع عدد من الخبراء على أن الوصول إلى استقرار حقيقي في المنيا يتطلب التزاما مؤسسياً بالتنسيق بين كافة الأجهزة والأطراف، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني، إلى جانب تكريس مبدأ المواطنة الكاملة ورفض جميع أشكال التعصب أو التمييز.
ومن التوصيات الهامة التي أكدها التقرير: تفعيل القوانين الرادعة بحق مثيري الشغب والمحرضين على الفتنة، وتعزيز التوعية المجتمعية في المدارس والقرى بأهمية التسامح وقبول الآخر، بالإضافة إلى دعم الجهود الحقوقية الهادفة لترسيخ ثقافة الإخاء، وضرورة إرساء آليات مراقبة فعالة للحؤول دون تكرار تلك التجاوزات.
في نهاية المطاف، تؤكد تصريحات نجيب جبرائيل أن معالجة الملف الأمني في المنيا تقتضي مراجعة شاملة للسياسات الأمنية وتطبيق القانون دون تهاون أو استثناءات. ويبقى الأمل معلقًا على ترجمة هذه التوصيات إلى إجراءات فعلية ترسخ جسور الثقة بين الدولة والمواطنين، وتصون وحدة المجتمع، خاصة في واحدة من أكثر محافظات صعيد مصر حساسية وأهمية.
